الأم العذراء.. راهبة لبت نداء الله فحقق لها حلم الأمومة بالرهبنة
وُلدت وبداخلها حب الأطفال، فكانت فكرة إنجاب 100 طفل أمنية تريد تحقيقها، ولكن كان لله خطة أخرى فاختارها لتكون خادمته منذ صغرها، فرُسمت سير لوريس ضمن راهبات القديس يوسف منذ 52 عامًا لتخدم مئات الأطفال.
الراهبة سير لوريس إسحق، البالغة من العمر 80 عامًا تقريبًا، تربت وكبرت في أسرة من صعيد مصر مكونة من 10 أشخاص، 8 أشقاء تتوسطهم ووالدها ووالدتها، لبت نداء الله لها، فترهبنت منذ 52 سنة لتصبح مربية أجيال وأمًا للجميع وهي عذراء.
روت سير لوريس لـ القاهرة24، كيف كانت امًا لمئات الأطفال، وكيف تتلمذ على يديها رئيس الجامعة والقاضي والسفيرة والقنصل، قائلة، اسمي سير لوريس إسحق، في راهبات القديس يوسف، أنا في الرهبنة منذ أكثر من 54 عاما، رسالتي كانت كلها تقريبًا مع الأطفال سواء الصغار أو الكبار في محافظة المنيا، فعملت لأكثر من 20 عاما في مدارس الريف وأيضًا في تنمية القرى.
وُلدت لوريس في أسرة بسيطة، بين 8 أشقاء تتوسطم، تعلمت في مدارس راهبات القديس يوسف في المنيا، وكانت في القسم الداخلى للمدرسة، حتى 1965، ثم عملت كمدرسة في الحضانة قبل أن تسافر لفرنسا لأخذ التكوين الرهباني.
مكثت إسحق في فرنسا لمدة 3 سنوات من 1965 حتى 1968، وبعد عودتها لمصر بدأت رسالتها الرهبانية في محافظة المنيا وتحديدًا في مدرسة الراهبات بالمحافظة، وذلك حتى عام 2001، أي ما يقرب من 35 عامًا، كانت رسالتها وخدمتها أغلبها إن لم تكن أكملها مع الأطفال في فصول المرحلة الأبتدائية.
كانت لوريس، تعشق الأطفال، بالرغم من مشقتها في البداية فكانت تبكي من ثقل المهام الدراسية وصعوبة التعامل مع الأطفال، ولكن مع الوقت شعرت أن الله أعطاها الموهبة تجاه الأطفال.
العمل مع الأطفال في حياة سير لوريس
بعد عملها مع الأطفال في المدرسة، أحبت لوريس مهنة التدريس للأطفال، حتى أن المدرسين والمدرسات كانوا يقولون لها وهم في حالة اندهاش: كيف لديكي القدرة لتفهم كل طفل على حدة بهذه الطريقة؟.
أحبت لوريس الأطفال حتى أصبحت تشبههم في روحهم وبسمتهم، فخلال 35 عامًا أثناء عملها في مدارس الراهبات، تأثرت وأثرت بهم كثيرًا، حتى أن الأمهات كن يتسعجبن كيف تعلق أولادهن بها لهذه الدرجة، فكان حديثها دائمًا لهم أنه عندما يكون الحب والرسالة التربوية قويتين تكون النتيجة مفرحة.
خدمة الشباب
بعد أكثر من 35 عامًا في مهنة التدريس كانت سير لوريس تعطي محاضرات للشباب الجامعي أسبوعيًا في مختلف الموضوعات، سواء نفسي أو اجتماعي أو ديني، وكان الشباب يحبون التحدث معها لأنها كانت تنصت لهم مع الحفاظ على أسرارهم وعدم الإفشاء عنها فالإنصات كان يعطيهم ثقه كبيرة للتحدث.
وأوضحت سير لوريس، في حديثها لـ القاهرة24، أنها بعد خدمة 54 عامًا في الرهبنة والتدريس تخرج من تحت يديها تلاميذ في مناصب عريقة في المجتمع والدولة، حيث تخرج من تحت يديها رئيس جامعة ورئيس محكمة وسفيرة وقنصل وغيرهم، وكانوا يتواصلون معها قائلين إنهم تخرجوا من تحت يديها ومن بينهم من قال لها: السبب بعد ربنا في هذه النتيجة وهذا المنصب هو إنتي يا سير لوريس، موضحه أنها تسر دائمًا بهذا، فيثبت قولها بأن التربية تعطي ثمارًا حتى وإن كانت متأخرة.
الأمومة في حياة لوريس
الأمومة ليست بشيء سهل، حسبما قالت لوريس، فبالرغم من كونها بتول عذراء ليس لديها أبناء، فكان حلمها الذي روته لوالدتها، هو إنجاب 100 طفل، فكانت ترد الأخيرة مستعجبة: 100 طفل يابنتي؟ وذلك من كثر حبها الشديد للأطفال، فالأمومة غريزة في المرأة ولكن توجد أيضًا موهبة وهي التعبير عن الأمومة، وهذه ليست سهلة، فالأمومة تحتاج لتوازن.
وقدمت سير لوريس نصائح للأمهات بمناسبة يوم الأم قائلة، أنا دايمًا أقول يجب أن تستخدم الأمهات والمدرسات مثلث الـ ح وهو حزم وحب وحنان، فالحزم دون حب وحنان قسوة، وكذلك الحب بدون حزم يودي إلى تهاون، فهذا المثلث مهم جدًا، وفي ملخص حياتي يمكن أن أقول أن هدف حياتي ورسالتها هي الحب، فحتى أعرف نفسي وأحبها يستلزم أن أحب الآخر فالحب أساس كل شيء فالحب من الأمومة.
وأما عن أمنيتها حاليًا فقالت إنها تريد مقابلة كل أمهات العالم حتى تقول لهم أن يحببن أولادهن وأن يحنون عليهم ويتفهمنهم، فالأمومة هي شعور الأم بطفلها حتى وهو في أحشائها.