تجليات رمضانية
الحمد لله مجري السحاب، ومنزل على رسوله الكتاب، والذي حير بعظمته العقول والألباب، صاحب كل فضل الحكم العدل، خالق كل شيء ومليكه، الواحد الأحد الفرد الصمد، الذى نتخذه إلها ونعبد، ويسبح باسمه كل مخلوق وله يسجد، وصلى اللهم على خير الأنام ومسك الختام ورسول السلام، النبي الأمي الذى علم المتعلمين، وثقف المثقفين، واليتيم الذى بعث الأمل فى قلوب البائسين، خير البشر والسراج المنير، والبدر المستدير “نبينا ومعلمنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد بن عبد الله”.
إن لله أياما وأشهر، وقد أقبل علينا شهر رمضان الذى اختصه الله تعالى بنزول رسالته على نبيه، قال تعالى {شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
وجعل الله تبارك وتعالى هذا الشهر الكريم بمثابة طوق نجاة لمن كاد أن يغرق في ذنوبه ومعاصيه، فمن منا لا تشغله الدنيا فتفتر همته وتقل طاعته ويقسو بعض الشيء قلبه، ثم يأتي شهر رمضان، فتعلو فيه الهمم وتزيد الطاعات وتلين القلوب، فما أرحم ربنا بنا وما أكرمه، فيا سعادة من فاز برمضان ويا شقاوة من حرم هذا الفوز.
وأيضا من أهم فوائد هذا الشهر الكريم أنه يجمع هذه الأمة التي يسعى أعداؤها لتفريقها دوما شيعا وفرقا، ولكن الله لا يرضى إلا أن تكون أمة واحدة، قال تعالى {إن هذه أمتكم أمة واحدة} ويأتي رمضان لتدخل الأمة كلها فى وقت واحد فى معية الله صياما وصلاة وقياما وأيضا تكون لهم فرحة واحدة فى نهاية الشهر الكريم وعيدا واحدا.. عيد الفطر، ياله من فضل عظيم منحة رب كريم، فهلا قابلناه بالشكر والطاعات بدلا من الانشغال بالملهيات، فهلا أعددنا عدتنا لنصرة ربنا حتى ينصرنا كما وعدنا وهو القائل {ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} وما أحوجنا إلى هذا النصر الذي يكون من إله قادر عظيم.
نحن في مصر والحمد لله نجد لرمضان أجواء لا مثيل لها في العالم، ويعرف ذلك جيدا من عاش خارجها، والأجمل في الأمر أن كل مصري يحتفل بهذا الشهر الكريم، ويسعد بقدومه حتى وإن كان غير مسلم، وتلك حالة خاصة تتميز بها بلادنا ذات النسيج الواحد والتنوع الذي يتناغم مع بعضه وينطلق من أرضية واحدة وهي محبة الوطن والانتماء إليه.
كل عام والعالم أجمع ومن داخله أمتنا الإسلامية العظيمة بكل خير وأمان وسلام ونسأل الله ألا يحرمنا هذا الشهر العظيم إنه هو اللطيف الكريم.
