الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

وشك ولا القمر

الخميس 23/مارس/2023 - 08:47 م

جاء رمضان، فأقبل على الله بطاعته، طامعًا في عفوه ورحمته، فلا تکن عونًا للشيطان عليه، ولا تؤيسه من رحمة الله، وتغلق الباب في وجهه، وتغتر نفسك متصورًا أنك ملاك رحيم، ومصورًا له أنه شيطان رجيم، فكلنا خطاؤون.

(وشك ولا القمر) 

كلمة دارجة يقولها بعضنا في بدايات رمضان، عندما يرى أخًا له أو جارًا كان مقصرًا في الطاعة والعبادة، وعندما جاء رمضان، ورآه فى المسجد يصلي، حريصًا على أداء الصلوات في المسجد، مسارعًا إليها، يعلوه شعور الندم، وتغمره رغبة صادقة فى العودة والتوبة إلى الله، ولعل رمضان بنفحاته يكون البداية لتصحيح المسار، فإذا بواحد من هؤلاء الذين يظنون أن بأيديهم مفاتيح الجنة يقول له هذه الكلمة: (وشك ولا القمر)، ولا بأس بأن يجمع مع هذه الكلمة نظرة سخرية وبسمة استهزاء، مع خليط من التعالى والاغترار والإعجاب بالنفس، وكيف لا وهو الضامن للجنة، ولا يرعوي عما يقول أو فعل، بل یکرره غير عابئ  بإحساس أخيه، ولا نظرات عينه المنكسرة التي تمتلئ ندمًا، وتحمل شعورًا بالتقصير فى حق الله تعالى، نعم، هو يعلم أن كلامك صحيح، وأن صلته بالله وبالمسجد والقرآن وفعل الصالحات كانت واهية أو مقطوعة، ولكن سماع - هذا الكلام هو آخر ما يحتاجه منك، وكلمتك هذه:( وشك ولا القمر) تشبه -فى أقل درجات التشبيه- سیاطًا تلهب قلبه ندمًا، وعينيه دموعًا، وآخر ما يحتاجه منك أن تكون - وأنت أخوه - عونًا للشيطان عليه تتضافر جهودكما غواية وإذلالًا له، أخوك أحوج ما يكون لمن يمد يده إليه لينتشله من حفرة وقع فيها، هو أحوج ما يكون لوجه طليق مبتسم، يُدخل الراحة والطمأنينة على قلبه، وفيه حتمًا بذور خير تحتاج من يرويها حبًا وتسامحًا، لنكسب إنسانًا صالحًا لا يكون شوكة في ظهورنا، بدلًا من التواطئ على دفنها وإماتتها.

وقد قيل في الأثر:

"رب ذنب أدخل صاحبه الجنة، ورب طاعة أدخلت صاحبها النار، فرب ذنب أورث صاحبه ذلًا وانكسارًا فأدخله الجنة، ورب طاعة أورثت صاحبها غرورًا فأدخلته النار".

أخوك المسلم أحوج ما يكون لمن يفسح له بين صفوف المصلين مكانًا لنتقارب جميعًا أجسادًا وأرواحا، نشعر فيها أننا لسنا أنبياءً أو ملائكة، ويشعر هو فيها أنه ليس شیطانًا، فالعصمة ماتت بموت سیدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

(وشك ولا القمر) 

لا تقلها فتحمل وزر أخيك فيعود مرتميا في أحضان الشيطان، وتكون كلمتك هى السبب.
وفى النهاية، ومن أدراك أيها المعجب بطاعته أنك عند الله مقبول وهو مردود، هل اتخذت عند الله بذلك عهدا فعددت نفسك ن العشرة المبشرين بالجنة، وصدق سيدى أحمد بن عطاء الله السكندري  حين قال: ( ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول، وربما قضى عليك بالذنب فكان سببا للوصول، معصية اورثت ذلًا وافتقارا، خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا).

فاللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، وتجاوز عن تقصيرنا، واهدنا واهد بنا، واجعلنا سببا لمن اهتدى، اللهم آمين.

تابع مواقعنا