ترشيد المؤتمرات العلمية
بنظرة عابرة إلى صفحات الجامعات ومواقعها الالكترونية، نجد أن المؤتمرات العلمية تأخذ مساحة أكبر بكثير من أخبار حصول باحث على جائزة علمية، أو تقدير محلي أو عربي أو عالمي، أو أخبار عن تطوير المناهج ووسائل التدريس، وعدد البحوث المنشورة في المجلات العالمية ومستوياتها وتأثيرها على واقع ومستقبل العلم والتكنولوجيا وخدمة المجتمع وغيرها.
الجامعات تعقد سنويا مئات المؤتمرات العلمية، البعض يتذمر من عقدها وإقامتها، ويؤكدون أنها إهدار للوقت والمال العام وبلا جدوى حقيقة، وهناك من يرى عدم أهميتها، خاصة أنها تتحول إلى حبر على ورق.
والسؤال هنا والذي لا أجد إجابة له، هل عدد المؤتمرات العلمية هو انعكاس لكثرة البحوث العلمية وأهميتها؟، المؤتمرات العلمية أغلبها شكلية لا فائدة منها تعقد لصرف الميزانية المخصصة لها بالكليات والمراكز العلمية، دون نتائج تخدم المجتمع وتساهم في البحث العلمي، وهذه النوعية من المؤتمرات غير مقبولة.
وهناك مؤتمرات علمية سيئة السمعة عبارة عن "سبوبة" للمجاملات والتكريم ومنح شهادات تقدير للمشاركين بها، والتوصيات مكتوبة قبل انطلاقها ولا تحمل في طياتها أفكارا جديدة وهي تكرار لنفس الوجوه والأسماء.
الحل لا يكمن في عدم إقامة المؤتمرات، واعتبره من الأخطاء الجسيمة، بل لابد أن نشجع عقدها وخاصة المؤتمرات المتخصصة؛ لأن التخصص يساعد على التركيز، شرط التخطيط المسبق لها بصورة جيدة، وتأكيد قيمة وأهمية ما يصدر عنها من حلول للمشكلات، وأن تكون توصياتها قابلة للتنفيذ على أرض الواقع وتتوافق مع القدرات المتاحة للمعنيين بالتنفيذ وأصحاب القرار.
وحتى يتحقق ذلك لابد من تواجد الطلاب وصغار وكبار الباحثين من مصر وخارجها، وممثلين عن الشركات والمؤسسات الحكومية لأن ذلك يساعد على معرفة ما يحتاجه السوق أو المؤسسات ويساهم في توجيه دفة البحث العلمي.
يجب وضع خريطة سنوية لعناوين المؤتمرات العلمية على مستوى الجامعات، تكون مرتبطة بالواقع ولها أهداف محددة، لمنع تكرار نفس الموضوعات التي تحدث حاليا في فترات زمنية متقاربة جدا، وضعف التنسيق الموجود بين الكليات في الجامعات المختلفة وكأنها جزر معزولة بعضها عن بعض والناتج "صفر".
وأخيرا لابد من ترشيد هذه المؤتمرات التي يطلق عليها علمية ولا تمت بصلة إلى البحث العلمي وغيرها، وهي مجرد تحصيل حاصل من أجل صرف الميزانية المخصصة لها فقط كما ذكرت سابقا، وتنظيم القليل من المؤتمرات القوية أفضل بكثير من عدد كبير من المؤتمرات الضعيفة، ويمكن أن تشترك عدة جامعات في تنظيم مؤتمر في التخصص ذاته بالتبادل بينها سنويا.
وتطوير وتوظيف الأفكار والخبرات المتنوعة التي تنتهي بنتائج نحتاجها إلى أصحاب القرار، فتكون رصيدا كبيرا في مجال صنع القرارات الاقتصادية والتربوية والاجتماعية، وهذا ما يحدث حاليا في الدول العالمية لتطوير قدراتها في كافة المجالات.