صام وما صام
الصيام لغة: الإمساك والامتناع عن شيء معين، فكل ما يمتنع الإنسان عن فعله يقال في شأنه: هو صائم عنه.
والصيام شرعًا: هو عبادة مخصوصة يمتنع فيها الإنسان المسلم عن المفطرات كلها، في وقت مخصوص وبشروط مخصوصة، بنية التقرب إلى الله تعالى.
ويتضح كما هو الحال دائمًا أن التعريف اللغوى أعم وأوسع في مدلوله من التعريف الشرعى والاصطلاحي، ولمزيد من الإيضاح نقول: إن الإنسان قد يُمسك عن الطعام والشراب والشهوة مدة تساوى أو تزيد على عدد ساعات الصيام، ولكنه حين يفعل هذا يكون امتناعه بنية أن يتبع حمية أو نظامًا غذائيًا لينقص وزنه مثلًا، أو فعل ذلك إضرابًا عن الطعام كوسيلة ضغط لبلوغ هدف معين، ولم ينو بامتناعه التقرب إلى الله فهذا يطلق عليه صائم بالمعنى اللغوي، ولا يكون صائما بالمعنى الشرعي.
ولكن انتبه، فربما حققت المعنى الشرعى بإمساكك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات، ولم تحقق غاية الصيام التي لاجلها شُرع، ولم تصل الى الثمرة التي لأجلها صمت، لأنك قصرت أو حصرت الصيام على هذا المعنى الضيق، فقد أمسكت البطن عن شهواته فلم تأكل ولم تشرب، وأمسكت الفرج عن شهواته بالامتناع عن العلاقة الزوجية، ولكنك أطلقت العنان لجوارحك فاقترفت أقوالًا وافعالًا وشهوات أخرى باطنة، أضاعت لب الصيام وهدفه وجواهره، ومن يفعل ذلك فقد (صام وما صام).
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
ويقول ( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر)، فمن أمسك عن الطعام والشراب، واطلق لسانه ليخوض في أعراض الناس يأكل لحومهم بالغيبة والنميمة فقد: (صام وما صام)، ومن أمسك عن الطعام والشراب، وأرسل عينه لتنظر إلي الحرام متتبعًا عورات الناس فقد: (صام وما صام)، ومن أمسك عن الطعام والشراب، ولم يتورع عن أكل اموال الناس بالباطل فقد: (صام وما صام)، فلنعد حساباتنا حتى نحقق الصوم الحقيقي بكل معانيه ونصل إلى الأهداف التى لأجلها شرع بفضل الله تعالى.
اللهم لا حول لنا يحولنا عن المعصية إلا حولك، ولا قوة لنا تعيننا على الطاعة إلا قوتك، فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.