أحمد زكي اليتيم الذي قتله لوع البشر
في الصباح عندما نظرت في هاتفي، فوجئت بأن اليوم 27 مارس هو اليوم الذي فارق فيه الفنان أحمد زكي الحياة، تمنيت بأن هذا اليوم لا يُذكر ولا يدونه التقويم الميلادي مرة أخرى، وأن يُمحى تمامًا من التاريخ.
فيوم رحيل زكي - من وجهة نظري - هو يوم رحيل الفن، يوم رحيل الإبداع، يوم رحيل النجومية، والتواضع، والإخلاص والإتقان، الذي كان النمر الأسود مميزًا بهم.
أحمد زكي اليتيم الذي كان أبًا للجميع، الابن البار، والأب المثالي، الفقير الكريم، الحبيب المخلص، العبد التائب، الإنسان النقي، الصديق الصادق، المعلم الدؤوب، والتلميذ المتميز.
النمر الأسود موهبة جبارة لا خلاف عليها، فنان من طراز خاص، ملامح مصرية أصيلة، عينان مهمومتان، شعر مجعد، حياته كلون بشرته السوداء، لديه ساعة يصارع بها الزمان.
فكانت ساعته السوداء لا تفارق يداه أبدًا، وكأنه يعلم بأن عمره قصير، فيحسب بها ما تبقى من العمر، فبات يصارع الزمان ويتعاقد من عمل لعمل، ويقرأ من قصة لقصة، لدرجة أنه لم يعرف للنوم طريقًا، وذلك من أجل توفير حياة كريمة لنجله هيثم.
أحمد زكي الذي رحل مصابًا بسرطان الرئة، لم يقتله السرطان، لكن ما قتله هو "لوع البشر"، بسبب ما رآه في حياته من خداع وخذلان، وهذا الوصف الدقيق نقلته الفنانة رغدة عن الراحل، في أحد تصريحاتها التلفزيونية، حيث قالت إن تلك الكلمات كانت الأخيرة الذي قالها أحمد زكي لطبيبه قبل وفاته.
النمر الأسود والطفل اليتيم استطاع أن يترك بصمة في قلوب كل جمهوره في مصر والوطن العربي، فاليوم ورغم مرور 18 عامًا على وفاته، إلا أنه رحل عنا ولم يرحل منا.
ذكرى وفاة النمر الأسود
في كل مرة يُعرض عمل للنمر الأسود على الشاشات، نتأكد أن ما يقدمه الفنانون حاليًا هو عبث، فمَن كأحمد زكي؟!، مَن يستطيع أن يقدم دوره في البريء، وضد الحكومة، وضابط الشرطة الحاد في زوجة رجل مهم، وغيرها من الأعمال الشاقة، التي لا يجيدها إلا الموهوبون.
في النهاية أحمد زكي الغائب الحاضر ببصماته، أخذه الموت منا بجسده فقط، لكنه لم يرحل من قلوبنا، ما زال خالدًا في القلوب، فمحبوه يتمنون له الرحمة يومًا بعد يوم، ويدعون له بالمغفرة من ساعة لأخرى.
