الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الذكاء الاصطناعي وثقافة البحث العلمي

الثلاثاء 28/مارس/2023 - 04:01 م

بداية من تنامي وجود الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، إلى العلاجات الطبية الجديدة، يؤثر التقدم التكنولوجي عالميًا في مجالات العلوم وفينا جميعًا بطرق إيجابية في كثير من الأحيان. لكن أصبحت وتيرة التغيير التي أحدثها العلم مؤخرًا، يمكن أن تؤدي إلى بعض من الارتباك والخوف، خاصة بين أولئك الذين لديهم معلومات ضئيلة عن ثقافة البحث العلمي.

مما لا شك فيه أن الاكتشافات العلمية عبارة عن عملية معقدة، غالبًا ما تنطوي على سنوات من التجربة والخطأ، فضلًا عن المناقشات حول الأهمية الإحصائية والسببية، والمسائل التقنية الأخرى. يُفسر هذا التعقيد جزئيًا، سبب عدم فهم العلم بشكل أفضل من قبل العديد من الأفراد، كما أنه يفسر جزئيًا سبب زيادة الشكوك حول العلوم إلى حد كبير.

يجب النظر بتمعن في نظريات المعلومات المضللة المناهضة للقاحات التي انتشرت خلال جائحة فيروس كوفيد 19. صحيح أن مثل هذه التطورات تعكس أيضًا انعدام الثقة المتزايد في الحكومات والمؤسسات والاستقطاب السياسي الحاد في العديد من البلدان. لكن هذه المشاكل تتغذى على الشكوك العلمية المتزايدة، وسوء الفهم الذي ينشأ (خاصة)، خلال أحداث البجعة السوداء (وهي أحداث مفاجئة يصعب التنبؤ بها، ولا يمكن تجنبها)، مثل جائحة فيروس كوفيد 19. وحتى محاولة التأكد من درجة الديناميكية، أمر محفوف بالمخاطر، حيث يصعب اتخاذ تدابير صارمة، ولا ترتبط بشكل واضح باللقاحات أو الشكوك حول تغير المناخ. وقد كشف تقرير حديث صادر عن مركز بيو للأبحاث، أن 29 ٪ فقط من البالغين في الولايات المتحدة، يقولون إن لديهم ثقة كبيرة في علماء الطب، للعمل على تحقيق المصلحة العامة، انخفاضًا من نسبة تبلغ 40 ٪ حتى نهاية عام 2020.

قدم التاريخ عددًا لا يُحصى من الأمثلة على الضرر الذي أحدثه أولئك الذين يُشككون في العلم. لكن هذه الحالات لا تمثل المشروع العلمي بكامله. يفعل معظم العلماء ما يفعلونه، لأنهم ملتزمون بتطوير حدود المعرفة البشرية.

هذا وفي حين أن حركة مكافحة اللقاحات، تسبق انتشار فيروس كوفيد 19 بفترة طويلة، فقد بثت الجائحة حياة جديدة فيها، ويرجع ذلك إلى أن العلماء كانوا يحاولون فهم فيروس «سارس كوف 2» وتأثيره. وقد شكل اكتشاف أن الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق ناقلات ومن دون أعراض، وأنه كان في الغالب محمولًا جوًّا، نقطة تحول.

ثم رحّب معظم الناس بوصول اللقاحات المنقذة للحياة، والتي تم اعتبارها دليلًا على المرونة والخبرة والقيمة الاجتماعية للمجتمع العلمي. وعلى الرغم من تسليم اللقاحات الجديدة في وقت قياسي، فإنها كانت أحدث فصل في ملحمة طويلة من الاكتشافات الخارقة، التي يعود تاريخها إلى اللقاحات ضد الجدري وشلل الأطفال.

ولكن الآن بعد أن امتنع عدد متزايد من الناس عن تحصين أطفالهم، بدأ شلل الأطفال وغيره من الآفات التي يمكن الوقاية منها، في العودة بشكل مثير للقلق - وإن كانت لا تزال محدودة. والأغرب من ذلك، أن العديد ممن قاوموا اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد 19، أبدوا استعدادًا للتوجه إلى علاجات غير مُجربة، ولا أساس لها من الصحة. ولسوء الحظ، هذا ما يحدث عندما يرى الناس جميع المجالات العلمية، باعتبارها صندوقًا أسود. عندما تتطور التوصيات المستندة إلى العلم لمراعاة النتائج الجديدة - بما في ذلك تلك التي تُزيف النتائج السابقة - يرى المشككون عدم الكفاءة والتستر، حيث يجب أن يروا الطريقة العلمية في العمل.

وفي مواجهة المواقف الجديدة من الممارسات المعتادة للعلماء، اختبار نظرياتهم باستمرار، وتحديث نصائحهم، لتعكس حقائق جديدة. وحتى الإجماع واسع النطاق بين الأوساط العلمية، لا يعني اليقين المطلق. وبعد ثلاث سنوات من بداية الجائحة، لم يكشف فيروس «سارس كوف 2» بعد عن كل أسراره. ويواصل الباحثون جمع الأدلة على طفرات فيروس «كورونا» وتأثيراته الدائمة، بما في ذلك ظاهرة «كوفيد طويلة الأمد».

بدءًا من الطب وعلم الوراثة إلى الفيزياء والتكنولوجيا، تأتي معظم التطورات العلمية، نتيجة عقود من العمل الشاق في كثير من الأحيان في المختبرات. يُحرز التقدم تدريجيًا، وتتم تجربة واحدة في كل مرة. من الواضح أن هذه العملية الصارمة والمنهجية، تحتاج إلى تفسير أفضل كجزء من محادثة أوسع نطاقًا، ومستمرة بشأن تأثير العلم والتكنولوجيا في حياتنا ومجتمعاتنا.

لكن التواصل الأفضل ليس كافيًا. يتعين على الباحثين في المختبرات وعلماء الاجتماع، وغيرهم من المفكرين البارزين، المشاركة في المناقشات الأخلاقية حول الإنجازات العلمية - من الذكاء الاصطناعي، وأدوات تحرير الجينات ولقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال المضادة للفيروسات والسرطان، إلى الاندماج النووي والعلاجات الجديدة لمرض الازهايمر - التي يمكن أن تغير بشكل جذري تجربتنا الحياتية اليومية.

دورنا كباحثين بمجال الذكاء الاصطناعي حاليًا، توحيد الجهود، لجعل العلم أكثر سهولة وأفضل فهمًا نتواصل للجمع بين ألمع العقول العلمية لإجراء مناقشات قائمة على الأدلة والأبحاث حول القضايا الرئيسة في عصرنا. من خلال القيام بذلك، نتواصل دائمًا مع عامة الناس، مع التركيز على سد فجوة المعرفة.

تابع مواقعنا