أول رئيسة مسجد بإيطاليا: وصلنا رسالة إيجابية حول الإسلام والمسلمين.. ولم أر عنصرية تجاه المرأة| حوار
المجتمع الإيطالي لم يشعرنِ بالغربة
لم أر عنصرية تجاه المرأة بإيطاليا
الاندماج بيني وبين الإيطالين لم يكن صعبًا
أوصلنا رسالة إيجابية حول الإسلام والمسلمين
التقيت بابا الفاتيكان مرتين
عُرفت بين المجتمع الإيطالي والجاليات العربية المختلفة بـ الحاجة زينب، فهي عام 1994 حملت حقائبها لتذهب وتقيم مع زوجها هناك حيث مكان إقامته وعمله، ومع مرور السنوات وتوسيع دائرة معارفها عبر مسجد الهدى شينتو شيلي بروما، رُشحت لتدخل في الجمعية العمومية، ليتم اختيارها بعد 15 يوما من وجودها بالجمعية بأن تكون أول رئيسة لمسجد بإيطاليا وبالتحديد العاصمة روما.
تحدثت زينب إسماعيل، أول رئيسة مسجد بإيطاليا، في حوار مع القاهرة 24، على هامش منتدى اقتصاد دول حوض البحر المتوسط المقام بمدينة كالابريا، حول نشأتها في مصر، ومراحل تدرجها في إيطاليا، والدور الذي تؤديه هناك، بالإضافة إلى الدور الذي تمارسه لتوصيل صورة إيجابية حول الإسلام والمسلمين.. وإلى نص الحوار:
في البداية حدثيني عنك وعن بداياتك في إيطاليا
أنا اسمي زينب إسماعيل، مولودة عام 1962، تخرجت في كلية الحقوق بمصر، وكنت مأمورة ضرائب، وحاليًا 60 عامًا.
في 1994، ذهبت إلى إيطاليا للإقامة مع زوجي، فهو يقيم هنا منذ 1987 وكنا نلتقي شهرا في العام الواحد، ومن ثم قررنا أن نكون سويًا، المجتمع الإيطالي لم يشعرني بالغربة ليوم واحد، كان هناك احتواء من الكل، ولم أر عنصرية واضحة، فكان الاندماج بيني وبينهم ليس صعبًا.
لم أقرر العمل في مجال الحقوق هنا بإيطاليا، لأن ذلك كان بتطلب دراسة ومشوارا طويلا، فقررت العمل العام، بدأت بالتعرف على العديد من السيدات والأسر في مسجد الهدى شينتو شيلي بروما، حيث المسجد الذي أترأسه حاليًا، ويوم وراء الآخر كوّنت صداقات مختلفة مع العديد من الجاليات العربية والشعب الإيطالي، وأصبحنا نساعد بعضنا سويا في تقديم يد العون للجميع من تحضير طعام أو حل الأزمات.
كيف حصلتِ على منصب رئيسة مسجد بإيطاليا كأول سيدة؟
في العديد من الأنشطة التي أشارك فيها بالمسجد، كنت أرى توزيع الطعام على الرجال أولًا ثم النساء، فكنت أقول لهم كيف؟ النساء هي التي تتعب وتجهز، لابد أن يكون توزيع الأكل بيننا سويًا في نفس الوقت، ومن كان يقول لي ألم تخجلي من التحدث معهم هكذا؟، كنت أقول لهم أن صوتي ليس عورة وليس هناك شيء يدعو للخجل، بالإضافة إلى مدحهم دومًا في قدرتي على الاستماع لغيري وارتياح الغير معي في الحديث.
وفي يوم ما اقترح عليّ أحدهم التقدم للمشاركة في الجمعية العمومية للمسجد، ومع أول اجتماع لي بعد انعقاد الجمعية بـ 15 يوما، كان الإمام وقتها هو رئيس المسجد، وفي القانون الإيطالي لا يجوز عمل شخص واحد في المنصبين، وكان الاجتماع لاختبار رئيس المسجد، فوجئت بإعلانهم اختياري لرئاسة المسجد، ومن هنا بدأت مشوار كبير وأخذت على عاتقي تحمل التحديات ومواجهتها والأهم توصيل رسالة هامة منا كمسلمين للمجتمع الإيطالي، فكان وقتها مر على إقامتي بإيطاليا نحو 24 عامًا.
ما المهام والتحديات التي واجهتيها كرئيسة مسجد بإيطاليا؟
في البداية رجال كثيرون قالوا كيف لسيدة أن تكون رئيسة مسجد، فحيث إن الفكرة كانت غير مقبولة في أول 6 أشهر، ولذلك كان هذا تحدٍ بالنسبة لي، ولكن إدارة المسجد كانت خير سند وعون.
أزمة كورونا كانت أولى التحديات التي واجهتها في بداية عملي، حيث إن المسجد كان يطعم العديد ومع الجائحة لم يأتِ أحد للمسجد، ولذلك قررت تجميع أسامي المستفيدين في الكشوف وتسجيلها وتوزيع نحو 3500 طرد غذائي على الأسر من حولهم، واستطعنا استكمال ذلك بعد شهر رمضان أيضًا.
فتحت المسجد لفترة ما وقت كورونا أيضًا كمدرسة يومي السبت والأحد لتعليم الأطفال القرآن الكريم واللغة العربية، وحرصت على تجميع المسلمين والمسيحيين في المسجد والكنيسة، فهناك أوقات تفتح لنا الكنيسة أبوابها للطبخ، ومع تجمعنا السنوي نحاول دعوة البرلمانيين أيضًا ورؤساء الأحياء ونعمل اندماجا مجتمعيا بإيطاليا.
نشارك أيضا في كل الاحتفالات حتى المسيحية، الفاتيكان والأزهر، ودعيت أكثر من مرة في الفاتيكان وقابلت بابا الفاتيكان مرتين، وقال لي المسلمين عملوا سيدة رئيسة لمسجد، وقلت له إنني لا أقوم بدور الإمام.. وقال إنه فخور أن هناك سيدة رئيسة لمسجد، هذا وبالإضافة إلى أن جميع المشاكل تصب عندي هنا، من المرأة المصرية والعربية، وأيضًا من الرجال ولا بد أن أحلها بتوفيق الله، فعلى الرغم من أن روما بها جوامع كثيرة، إلا أن الجميع يأتي لمسجد الهدى، حتى الإيطاليون.
وصلنا رسالة إيجابية أننا مسلمون، ولو لم أقدم شيئا إيجابيا في حياتي فإنني حينما أقابل وجه كريم سأقول أنني وصلت تلك الرسالة، وأكدت أن المسلم يمد يد العون للجميع وقلبه رحيم وودود.
هل هناك عنصرية في إيطاليا تجاه المحجبات أو المرأة بشكل عام؟
لم أر عنصرية بإيطاليا مُطلقًا إلا أذا كانت من أفراد لا يعتبرون عددا كبيرا، الإيطالي ممكن يغير لأننا نعيش في بلده ومستوانا جيد، ولكنهم يعاملونك باحترام ويعاملون حتى أولادنا بكل ود وحب.
كيف استطعتِ التوفيق بين عملك وبين البيت؟
ربنا رزقني بولد وبنت، وهم الآن كبار كفاية، وبطبيعتي لا أستطيع الجلوس في المنزل والقيام بمهامه فقط، فأنا أحب العمل العام ومساعدة الغير.
ما الذي حرصتِ على غرسه في أبنائك بإيطاليا؟
حرصت على تعليمهم أن الإيطالي يخطئ، لكن نحن لا يجب أن نحطئ، فنحن مسلمون وعرب وعن طريقهم صورتنا ستظهر للغرب، وحرصت أيضًا على إعطائهم هدايا للمدرسين في الأعياد والمناسبات، وطول الوقت نحاول توصيل صورة إيجابية عن الإسلام والمسلمين، فتحت بيتي لأصدقائهم، وقلت لهم: إحنا عنوان دين والناس دي متعرفش الإسلام بس تعرفنا إحنا.
ما الرسالة التي تحاولين إيصالها دائمًا كرئيسة مسجد في روما؟
إن جميعنا إخوة سواء مسلم أو مسيحي، وكلنا إخوة، وسنقابل ربنا بعملنا فقط، وأن سيدنا محمد خير من أنجبت البشرية، وأن المصريين والمسلمين يحبون الخير وان المصريين شعب معطاء.