الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قصة قصيرة.. جدا

الإثنين 03/أبريل/2023 - 06:15 م

أشد أنواع الخطاب تأثيرًا في النفس وتحفيزًا للهمة السرد، فقد استعان القرآن الكريم بالقصص لتقريب القضايا إلى الأفهام، وإيناس المتلقي وتثبيت فؤاده، والقصة القصيرة -كما هو معلوم لدى كثيرين- لون من ألوان الأدب الحديث، ولها خصائص معينة من حيث الشكل والمضمون، ومن أبرز هذه الخصائص هذه الصفة التي تميزها عن غيرها من ألوان الأدب) وهي أنها (قصيرة).

- ولعلنا حين تتكلم عن (قصة قصيرة) ضمن سلسلة مقالات ذات موضوع دیني غالبًا ما یدور حول شهر رمضان وما يتعلق به، ربما يتساءل البعض متعجبا: وما موقع هذا الموضوع عن (القصة القصيرة) بين هذه الموضوعات ؟!، وأقول لمن تساءلوا: لا تتعجبوا أو تتسرعوا في الحكم، فقصتنا القصيرة. جدا فيها عظات وعبر لمن تفكر في أحوال الدنيا، ونظر في واقعها، لأنها تعبر عن أمر نراه ونعايشه كثيرا، وربما يغير عجينا أيضًا رغم حدوثه وتكراره مع كثير من الناس حولنا: (أصدقاء -جيران -أقارب)، خاصة لمن هم في عمر الشباب.

ولننتبه.. ربما تكون أنت أو أكون أنا بطل هذه القصة القصيرة. جدا، وقصتنا تتكون من جملتين فقط، تقول القصة: (قال سأتوب غدا، نام فلم يستيقظ )، وفرغت الحدوتة، أحداثها رأيناها وعايشناها في واقعنا كثيرا كما قلنا: في صديق أو جار أو قريب، في عنفوان شبابه واج صحته، ينتظره مستقبل، يحلم بوظيفة، يتمنى زوجة، مقبل على الحياة، وهو في سن الشباب - سن الطيش والبحث عن الملذات، والغرور بالصحة أو المال، وغالبا ما يكون الشاب في هذه المرحلة مقصرا أو غافلا عن حقوق الله - تعالى -، ويأتيه واعظ ناصح من نفسه ينصحه ليتوب إلى الله قبل فوات الأوان، ولكنه يسوف التوبة، أو قيض الله له صديقًا مخلصا ينصحه، يبغي له الخير والنجاة، ولكن هيهات، مازال بيني وبين ما تخوفني منه او تخوفني به وهو الموت سنوات وسنوات، فلا أنا بالعجوز الذى بلغ من الكبر عتيًا، ولا أنا بالمريض الذي يخشى عليه بسبب المرض، وهل يموت إلا العواجيز والمرضى ؟! فماذا على في أن أتمتع بشبابي وصحتي، وأفعل ما يحلو لي، وسيظل في العمر بقية يمكنني فيها تدارك ما فات من تقصير، غدا أتوب، هكذا كانت تدور الأفكار، وتتوارد الخواطر في عقله، يزين له الأمر شيطانه ونفسه.

وجاء الليل، ووضع صاحبنا رأسه على وسادته، مسوفا توبته إلى غد، وماذا سيكون في الغد؟ البس الليل سيمر کما اعتاده؟ أليس النهار سيأتی كما اعتاده؟ فلتكن توبتي في ذلك الغد الذي عودني أن يأتي وإن لم تكن في الغد، فلتكن بعد غدٍ. أو بعد بعده، فلتكن بعد شهر أوسنة، ونام ليلته، ولكن لم يأت ذلك الغد عليه وهو من أهل الدنيا، بل جاء وهو من ساكني القبور لا يملك لعجلة الزمن للخلف إرجاعا، ينادى (رب ارجعون) فيكون الجواب (كلا) فكم أمهلناك وما عدت، وكم فتحنا لك باب التوبة فسوفت حتى جاء الأجل.

نعم هي الصورة قاتمة، والفكرة مفزعة، ولكنها الحقيقة التي لا مفر منها، إن هزت قلبك، وحركت مشاعرك، فقد آتت قصتنا القصيرة. جدا ثمرتها، فهيا بنا من هذه اللحظة نعود إلى اللہ تائبین نادمین، اللهم اقبل توبتنا، واغسل حوبتنا ولا تأخذنا على غفلة، وردنا اليك ردا جميلا، وتوفنا وأنت راض عنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، اللهم آمين.

تابع مواقعنا