حكم استعمال البخاخة في نهار رمضان عند الفقهاء والمذاهب
حكم استعمال البخاخة في نهار رمضان إجابة السؤال في التقرير التالي حيث يعد الربو من الأمراض التي تسبب ضيقًا والتهابًا في الشعب الهوائية، ويصاحبه عادة مخاط كثير، مما يتسبب في جعل التنفس شيء صعب، وبذلك يحفز السعال، وضيق التنفس، وتختلف أعراض الربو من مريض إلى آخر، فقد يكون الربو بسيطًا عن أحد الأشخاص، وعند البعض قد يسبب تهديد للحياة، وتحد من قدرة المريض على ممارسة الأنشطة اليومية بشكل طبيعي.
استعمال البخاخة في نهار رمضان من خلال بخاخة الربو والتي هي جهاز يحمل في اليد، تساعد المريض على توصيل العلاج إلى الرئة مباشرة، مما يكون له فاعلية أكبر، وكذلك الحد من الآثار الجانبية للعلاج في حالة أخذه عن طريق الفم أو الوريد، وتختلف أنواع بخاخات الربو، باختلاف إرشاد الطبيب، ولذا هناك نوعين من أنواع بخاخات الربو:
حكم استعمال البخاخة في نهار رمضان
النوع الأول: بخاخات بالمسحوق الجاف، بحيث يستنشق المريض العلاج بشكل قوي وسريع من داخل البخاخة بدلا من رشه.
النوع الثاني: بخاخات الربو محددة الجرعة، وهي الأكثر انتشارًا واستخدامًا بين مرضى الربو، وهي عبارة عن أسطوانة مضغوطة يخرج منها العقار عند ضغطها إلى أعلى ويخرج منها الدواء على شكل رذاذ.
حكم استخدام بخاخ الربو للصائم
حكم استخدام بخاخ الربو للصائم، بخاخة الربو هي جهاز يستخدمه مريض الربو وتحتوي على سائل، هذا السائل يكون مصحوبًا بهواء مضغوط بغاز يدفع العقار عن طريق جرعات هوائية يستنشقها المريض عن طريق الفم، فتعمل بخاخة الربو على توسيع القصبة الهوائية وتعود معها عملية التنفس لشكلها الطبيعي، والرد الشرعي على حكم استخدام بخاخة الربو أنها تفسد الصيام، والسبب في ذلك أنها توصل هذا العقار السائل على شكل رذاذ له تأثير على الجوف من خلال منفذ مفتوح وهو الفم، وليس من الصحيح قول أن هذا العقار مجرد غاز ولكنه يكون عبارة عن غاز مصحوب برذاذ الدواء السائل.
ويوجد حالتان للمريض الذي يستعمل بخاخة الربو من حيث قضاء ما أفطر من صيام أم لا:
الحالة الأولى: من كان مرض الربو لديه عبارة عن مرض مزمن، تجعله لا يستطيع الاستغناء عن بخاخة الربو، وتتوقف عملية شفائه على أن يفطر، في حالة أنه خشي على نفسه الهلاك إن لم يستخدمها طوال النهار، فعليه هنا أن يفطر ويكون حكم الإفطار واجب شرعي حتى لو طال ذلك وعلم من الدكتور الخاص به أن مرضه لن يشفى ففي هذه الحالة يجب على المريض إخراج الفدية، والتي هي أن يطعم عن كل يوم يفطره مسكينا.
والحالة الثانية: إذا شفي المريض من مرض الربو وكان قادرًا على الصيام، لم يجب عليه الصيام ويكتفي بالفدية التي أخرجها من قبل، لأن الفدية في الأصح واجبة في حق المريض منذ البداية وليس بدلًا عن الصيام.
العاجز عن صيام شهر رمضان بسبب مرض مزمن لا يرجى شفائه، فعليه الفدية لكل يوم يفطره، قال الله تعالى في القرآن الكريم في سورة البقرة: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، وذكر ابن عباس أنها جاءت في كتاب الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، ويقاس هذا على المريض المزمن غير القادر على الصيام بسبب مرض لا يرجى شفائه، فيجوز له الإفطار وإطعام كل يوم مسكين واحد، ويكون مقدار الفدية عبارة عن طعام يعادل 750 جرامًا، كما وضح المذهب الملكي والشافعي، وأوجب جمهور الفقهاء إخراج الفدية طعامًا كما ورد في نص الآية الكريمة، أما قول المذهب الحنفي فإنه أجاو إخراج قيمة الفدية نقدًا، والأفضل الأخذ برأي جمهور الفقهاء، إلا في حالة كان إخراج الفدية مالًا فيه مصلحة فلا حرج في ذلك، يمكن للمريض إخراج القيمة، كما يمكنه أيضا إخراج الفدية مجتمعة من أول شهر رمضان أو آخره أو يومًا بيوم.
حكم استعمال بخاخة الربو
استعمال بخاخة الربو، اختلف الفقهاء في حكم استعمال بخاخة الربو أثناء الصيام، وجاء اختلافهم بناءً على ما إذا كانت للرذاذ الخارج من البخاخة أجزاء تصل إلى الجوف أم لا وهناك رأيان في حكم استعمال بخاخة الربو من حيث كونها تفسد الصيام أم لا:
-القول الأول: القائلون بأن بخاخة الربو هي مجرد غاز يستخدم لتوسيع الشعب الهوائية وهي لا تفسد الصيام، وذهب عدد من الفقهاء المعاصرين إلى هذا القول بأن بخاخة الربو لا تفسد الصيام، ومن هؤلاء الفقهاء ابن باز وفيصل مولوي والشيخ بن عثيمين رحمة الله عليه والذي قال: البخاخ إذا كان عبارة عن بخار لا يصل إلى المعدة فإنه لا يفسد الصيام، أما إذا كان يصل إلى المعدة فإنه يفسد الصيام، ولا يصح استعمال البخاخة إلا للضرورة وصعوبة التنفس بتركها، وفي حالة استخدمها عند اللزوم يكون بذلك مفطرًا وله أن يأكل ويشرب، ومن كان يظن زوال المرض أو أن يشفى منه حتى تكون له القدرة على الصيام فيصوم، وإن كان هذا المرض مزمن بمنزلة العجوز الكبير فله أن يطعم عن كل يوم مسكينًا بدلًا من الصيام.
واستدلوا على ذلك عن طريق القياس على ما يصل من ماء إلى الجوف أثناء المضمضة والاستنشاق في الوضوء، إذ أجمع الفقهاء على أن المضمضة والاستنشاق جائز للصائم، وأن كل ما يصل إلى الجوف من ماء أثناء الوضوء فهو معفي عنه، وبناء عليه تم قياس رذاذ بخاخة الربو عليه، لأن ما يصل للمعدة من رذاذ بخار الربو هو شيء قليل جدًا، بينما الجزء الأكبر من الدواء يصل إلى الجهاز التنفسي، كذلك قياسًا على السواك، حيث أن استعمال السواك في نهار رمضان لا يفطر، على الرغم من أن السواك يشتمل على مواد معفي عنها، فيجوز للصائم أن يستاك باعتبار أن هذه المواد قدرها يسير جدًا، وليست مقصودة، لذلك قالوا أن ما يصل إلى الجوف من رذاذ بخاخة الربو معفي عنه قياسًا على السواك أيضا.
وأوضح الفقهاء أيضا أن وصول بعض الرذاذ من بخاخة الأنف إلى الجوف لا يعد ثابتًا، فمن الممكن أن يصل ومن الممكن أيضا ألا يصل، فهو أمر احتمالي، لذلك ذهبوا إلى أن يتمسك الصائم بيقينه، وهو بقاء الصيام وصحته وعدم بطلانه، وعللوا أن استعمال بخاخة الربو لا علاقة لها بالأكل والشرب المبطلان للصيام، وعليه فإن استعمال بخاخة الربو لا يأخذ نفس الحكم، بالإضافة إلى أن مجرى بخاخة الربو هو مخرج النفس، والذي في حد ذاته يختلف عن مخرج الأكل والشراب.
والقول الثاني: القائلون بأن استعمال بخاخة الربو تفسد الصيام، وذهب عدد من الفقهاء المعاصرين إلى هذا الرأي، واستدلوا على ذلك بما جاء في الأثر عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أنما المفطر مما دخل وليس مما خرج)، واستدلوا أيضا أن استعمال بخاخة الربو تفسد الصيام إذ أنها بها مواد مختلفة عن الهواء، فبالتالي وصولها إلى الجوف يعني الإخلال بركن من أركان الصيام، والذي هو الإمساك، بالإضافة إلى أنه من اضطر لاستعمال بخاخة الربو في أيام محددة في شهر رمضان، دون أن يستخدمها في باقي الأيام، فعليه أن يمسك في هذه الإيام مراعاة لحرمة شهر رمضان، ويجب عليه قضاء ما أفطر في الأيام لاستعمال بخاخة الربو فيها، باعتبار بطلان صيامه باستخدامها، أما في حالة كان المريض مضطرًا لاستعمال بخاخة الربو طوال شهر رمضان، فيتوجب عليه هنا الفدية بإطعام مسكين عن كل يوم دون القضاء.