شيخ الأزهر: المهر في الإسلام ليس مظهرا من مظاهر البذخ والمباهاة
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إنه انتهى في الحلقات السابقة من الحديث عن المرأة في الإسلام من حيث إنسانيتها حريتها ومساواتها بالرجل فيما يمكن المساواة به، وحقوقها وواجبتها وكيف أن شريعة الإسلام حررتها من مظالم قاسية ما كان لها أن تتخلص من أغلالها التي ظلت فيها قرون متطاولة لولا ظهور الإسلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم في القرن السادس الميلادي.
وتابع شيخ الأزهر خلال برنامجه، الإمام الطيب: "واليوم وفي حلقات قادمة نبدأ في بيان المصالح المعتبرة التي ضاعت على المرأة المسلمة بسبب عادات المجتمعات وتقاليد الشعوب وتعارضاتها مع أحكام المرأة في شريعة الإسلام صراحة أو تورية ومن ذلك مسألة المغالاة في المهور.
وأضاف شيخ الأزهر، أن المغالاة في المهور في مجتمعات القلة والندرة الاقتصادية والتي صمت علماء الإسلام صمتا مريبا عن تأصلها وترسخها في عادات الناس، حتى صارت العقبة الكؤود في قضية الزواج، موضحا انه من واجب العلماء والدعاة أن يتصدوا لهذه الظاهرة وأن يضربوا الأمثال للناس بأنفسهم وأولادهم وبناتهم، لحملهم على التخلص من هذه الظاهرة التي جعلت من الزواج أمرا بالغ الصعوبة.
المغالاة في المهور
وأكمل شيخ الأزهر، أنه في هذه المسألة تطالعنا نصوص شرعية أصيلة أسدلت دونها ستائر النسيان حتى صارت من قبيلة المتروك، أو المسكوت عنه سواء ما تعلق منها ما يعرف بيسر المهور والاكتفاء بأيسر الأشياء وأقلها قيمة خلال ترتيب وتجهيز بيت الزوجية، أو ما يتعلق بفلسفة الإسلام في قضية المهر الذي جعلت منه رمزا يعبر عن الرغبة القلبية في الارتباط وليس مظهرا من مظاهر البذخ والمباهاة.
وأوضح الإمام الطيب، أن النبي نزل في قيمة المهر لملء كف اليد طعاما، أو خاتما من حديد بل اقتصر فيه أن يعلم الزوج زوجته سورة من القرآن ولو من قصار السور، موضحا انه لم يقصد به التقليل أو الحط من قدر الزوجة بل وضعا للأمور في موضعها لأن الرغبة القلبية أو الحب الذي يجمع بين قلبين هو من باب العلاقات المقدسة التي تتضائل إلى جوارها أموال الدنيا بأسرها ولا يمكن التعبير عنها بمقابل منادي مهما غلى ثمنه والمطلوب تقديم مايشير الى هذه العلاقة ولو ومن بعيد.
وأكد، أن النبي كان يعلم أن المغالاة في المهور، يحول هذا الرمز المعنوي المتعالي عن المادة لكونه سعرا أو ثمنا تقدر به سلعة من سلع السوق الذي يزيد سعرها أو ينقص بالمساومة والمفاضلة، مضيفا:: ويلزم ذلك ان تصبح مهور الطبقة الثرية أقدر على التعبير عن الحب من مهور الطبقات الفقرية، وهذا خلاف الواقع الذي يثبت استواء الشعور في هذه العاطفة عند الناس جميعا.
وأكمل شيخ الأزهر: أنه يدلنا على ذلك ما يطالعنا به الواقع بين الحين والأخر، من أن فتاة مثلا من ذوات الثراء يرتبط قلبها بفتى مستور الحال وتشعر بسعادتها في جواره رغم الفروق المادية الصارخة بينهما والعكس صحيح كذلك، ولا تزال الأمثلة شاهدة على أن المهر وتكاليف الزواج ليس أي منهما ثمنا وإنما رمزا لرغبة دفينة صادقة، ولعل هذا ما دفع النبي لتشجيع الشباب على قلة المهور حتى أصبح يسر المهور وقلتها سنة من سنن الرسول التشريعية التي يتعلق بها طلب شرعي يثاب المسلم على فعله وإن كان لا يعاقب على تركه".