صلوا عليه
يقول أحد العلماء: إن أعظم ما يطلبه الانسان في الدنيا كفاية الهم، وأعظم ما يرجوه في الآخرة غفران الذنب، وهما مكفولان بالصلاة على سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأخبرنا بذلك وبشرنا به الحبيب المصطفى صلوات الله عليه، فعندما قال له سيدنا أبى بن كعب- رضى الله عنه-: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، فقلت الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذن تكفى همك، ويغفر لك ذنبك.
ويقول الشاعر:
إن شئت أن تلقى الإله رضيا ومن الذنوب مطهرا ونقيا
أدم الصلاة على النبي محمد وعلى ذويه بكرة وعشيا
ويقول آخر:
إن الصلاة على النبي محمد يشفى بها كل من لازمت شفتيه.. كم طوق الهم المبرح مهجتي فكفيت همي بالصلاة عليه ولأن قدر نبينا صلى الله عليه وسلم، ومنزلته العظيمة ومكانته الرفيعة لا يقدرها حق قدرها إلا خالقه ومولاه - سبحانه وتعالى- فقد صلى عليه الله أولًا ثم الملائكة الأبرار، ثم وجه الأمر للمؤمنين الأخيار، فقال تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، ولأننا علمنا عجزنا وتقصيرنا عن الوفاء بحق النبي المختار في الصلاة عليه، فإننا دعونا الله وسألناه أن يصلى هو على حبيبه ومصطفاه فقلنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فمن ذا يدانيه رفعة وشرفا، ومن ذا يساميه هيبة وجلالا -عليه الصلاة والسلام- يقول القاضي عياض في كتابه (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) وهو يتحدث عن قدر النبي الكريم عند ربه، وعظيم منزلته ومكانته عنده: ( فمنها ما صرح الله تعالى في كتابه ونبه عليه في جليل رضابه أثنى عليه من أخلاقه وآدابه، وحض العباد على التزامه وتقلد إيجابه، فكان جل جلاله هو الذي تفصل وأرى، فله الفضل درکي، ثم مدح وأثنى، ثم أثاب عليه الجزاء الأوفى بدءا وعودا، وله الحمد أولى وأخرى).
والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - ترفع الدرجات، وتزيد الحسنات، وتمحو الـخطايا والسيئات، وسبب من أسباب إجابة الدعوات، ومثبتة للأقدام عند المرور على الصراط، وهذا ما أخبر به سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم– وها هو ذا سيدنا جبريل ينزل عليه بهذه البشارة: (يا محمد من صلى عليك من أمتك صلاة، كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات، وقال له الملك مثل ما قال، ويقول الحبيب المعصوم -صلى الله عليه وسلم-: أنه رأى في منامه رجلا من أمته يزحف على الصراط أحيانًا، ويحبو أحيانا، ويتعلق أحيانا، فجاءته صلاته عليه فأقامته على قدميه حتى مضى الصراط).
والصلاة على سيدنا رسول الله من أسباب إجابة الدعوات فلا تعجل، فإن الدعاء معلق بين السماء والأرض لا يصعد إلى الله منه شيء حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم – فاللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون، عدد معلوماتك ومداد كلماتك وزنة عرشك، ورضا نفسك، صلاة ترضيك وترضيه، وترضى بها عنا يا رب العالمين.