الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

شيخ الأزهر: مجرد التخوف من الظلم يكفي ليصبح تعدد الزوجات من أكبر الكبائر

الدكتور أحمد الطيب
دين وفتوى
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
السبت 08/أبريل/2023 - 01:59 م

يواصل الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، خلال حلقة اليوم من برنامجه حديث الإمام الطيب، الكلام عن موضوع فوضى الزواج والطلاق.

وقال شيخ الأزهر: توقفنا في الحلقة السابقة، عنند السؤال عن حكم إباحة تعدد الزوجات وهل هو إباحة مطلقة أو مقيدة؟، وقلنا إنها إباحة مفيدة واستدللنا على ذلك وعلى نحو مبدئي، بالآية الكريمة ذاتها، التي يستدل بها عادة على إباحة الزواج بمثنى وثلاث ورباع، دون قيد ولا شرط، واليوم نواصل النظر، في معنى الآية الكريمة بحثًا عن أهم الدروس التي يمكن استنباطها منها، وهل الجو الذي نزلت فيه الآية جو التشجيع على التعدد أو هو جو أمر آخر غير ذلك.

شيخ الأزهر: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ  ليس أية مستقلة يمكن للمسلم أن يفهم منها إباحة التعدد دون قيد 

وأضاف شيخ الأزهر: وأول ما يجب التنبيه إليه هو أن الجزء المتعلق بقضية التعدد في هذه الآية وهو: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ، ليس آية مستقلة يمكن للمسلم أن يفهم منها إباحة التعدد دون قيد او شرط، كما فهمت الغالبية العظمى مما يقدمون على هذا النوع من الزواج، ويريدون هذه الآية مورد الحجة التي تحسم النزاع وكأنها توفر لهم كل المبررات الشرعية والخلقية،  للزواج بأخرى، أو أخريات.

وواصل شيخ الأزهر: نعم قوله تعالى: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ، ليس آية مستقلة تفيد الأمر أو النهي ابتداء مثل الآيات الأخرى الدالة عن الأمر بالشيء استقلالا ودون ارتباط بأمر آخر، كقوله تعالى مثلا يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام، وأقيموا الصلاة، وآتوا الذكاة، ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وزروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين، يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعملون، إلى ىخر العشرات من الآيات التي تعد من قبيل النص القاطع في الدلالة على الأمر أو النهي أو الاباحة.

وأكمل شيخ الأزهر: فهل قوله تعالي: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، من هذا القبيل، إن قليلا من التأمل يدلنا على أنها ليست من الآيات التي قصد منها إباحة التعدد، أولا وبالذات والدليل على ذلك أولا: أن هذه الاية تسبقها مباشرة آية تحذر أولياء اليتامى من أكل أموالهم سواء كانوا يتامى أو يتيمات، وتبين أن أكل مال اليتيم هو نوع من استبدال الخبيث بالطيب، وأن ضم مال اليتيم إلى مال أولياِئه ليأكل منه ظلم كبير: وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2).

وأردف شيخ الأزهر: ثم تأتي بعدها مباشرة آية التعدد لتنضم إلى آية اليتامى واليتيمات ولتدرج في السياق ذاته، سياق تحصين أموال اليتامى والتحذير من ظلمهم، وإن كانت هذه المرة تتعلق بظلم خاص من جنس مظالم اليتيم وأكل أمواله بالباطل وهو ظلم الأوصياء على اليتيمات، اللاتي يتولون أمورهن وشئون أموالهن، ومن هؤلاء الأوصياء من كان يدفعه جمال اليتيمة فيتزوجها ليأكل أموالها دون أن يدفع لها مهرها بحجة أنه وليها.

وأشار إلى أن معنى ذلك أن هذه الآية تبدأ بالنهي عن ظلم اليتيمات: «وإن خفتوا ألا تقسطوا في اليتامى»، أي إن خفتم ألا تعدلوا في زواج اليتيمات، ثم تستكمل الآية مسيرتها لتصل إلى النهي عن تعدد الزوجات إذا لم يكن الزوج متيقنًا من تطبيق شرط العدل التام بينهن، وأن رخصة التعدد ذاتها هي عدولا عن الأصل للفرار من ظلم اليتيم.

شيخ الأزهر لفت إلى أنه: يتضح لنا مما سبق، أولا: أن السياق العام للآيتين معًا هو سياق حماية الضعيف والتحذير من ظلمه والاعتداء عليه، سواء جاء الظلم في صورة أكل أموال اليتامى، أو في صورة ظلم الزوجة في حالة التعدد، ثانيًا: آية التعدد يبدأ صدرها بقضية شرطية ذات طرفين، الأول: الخوف من عدم العدل في الزواج بين التيميات: « وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى»، والطرف الثاني: الزواج من غيرهن ولو بالتعدد كحل يتفادى به ولي اليتيمة ما ينتظره من عذاب أليم،: «فانحكوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع»، ثم يأتي بعد ذلك عجز الآية أيضا بقضية شرطية ذات طرفين، الأول: الخوف من عدم العدل والتسوية بين الزوجات مطلقًا، الثاني: حرمة التعدد إن خاف الزوج عدم العدل والتسوية إن تزوجها بثانية، والمعنى العام للآيتين، إن خفتم الوقوع في الظلم وعدم العدل بزواج اليتيمات فيحرم عليكم الزواج منهن ولكم في غيرهن متسعًا زوجة أو اثنتين أو ثلاثة أو أربعة، فإن خفتم الوقوع في الظلم وفي عدم العدل بينهن فلا يحل لكم والحالة هذه إلا زوجة واحدة.

وواصل شيخ الأزهر: وقد نقل قدماء المفسرون في تفسير هذه الآية قول ابن عباس وابن جبير المعنى وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى، فكذلك خافوا في النساء، لأنهم في الجاهلية كانوا يتحرجون في اليتامى ولا يتحرجون في النساء.

شيخ الأزهر: مجرد التخوف من الظلم يكفي ليصبح التعدد أو التزوج بثانية من الظلم الذي هو أكبر الكبائر

واستكمل شيخ الأزهر: ثالثا: التعبير بالخوف من عدم العدل في اليتيمات والتسوية بين الزوجتين يدل على أن الظلم في أمر التعدد ليس بأقل جرما من الظلم في أمر اليتيمات، وأن مجرد الخوف من هذا الظلم يكفي في حرمة هذا الزواج، وليس بلازم أن يصل الزوج إلى درجة اليقين في التقيد بالعدل والقدرة على منع الظلم بل يكفي مجرد مجرد التخوف من حدوث ذلك، ليصبح التعدد أو التزوج بثانية من الظلم الذي هو أكبر الكبائر.

وأردف: وصحيح أن كتب التفسير تنقل اختلاف العلماء في تفسير قوله: فَإِنْ خِفْتُمْ، وهل هو بمعنى أيقنتم أم ظننتم؛ لأن الغالب من العلماء يحملها على المعني الثاني الذي هو مجرد الظن، حيث يقولون بعد تفسير خفتم أي طننتم، وأن هذا التفسير هو الصحيح عندهم ويكفي أن ابن عطية يفسر الخوف في الآية بالظن، ويقول: هذا -أي الظن-، هذا الذي اختاره الحزاق وأنه على باب الظن لا على اليقين، وليس المقصود بالعدل في الآية الكريمة التسوية بين الزوجتين في النفقة والكسوة والمسكن فحسب، بل في البشاشة وحسن العشرة واللطف في القول وكل ما يدخل تحت قدرته دون ميل القلب كما أشرنا إلى ذلك من قبل.

واختتم شيخ الأزهر: وقد نقل القرطبي عن الضحاك أنه قال في تفسير هذا الآية: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا، أي في الميل والمحبة والعشرة والقسم بين الزوجات، فواحدة، فمنع الله الزيادة التي تؤدي إلى ترك العدل في القسم وحسن العشرة وذلك دليل على وجوب ذلك.

تابع مواقعنا