الكتيبة 101.. بطولات وتضحيات
تحدثت في مقالات سابقة عن بعض الأعمال الدرامية الرائعة، التي يتم تقديمها خلال شهر رمضان المبارك هذا العام، ومنها التاريخية الدينية مثل "رسالة الإمام"، وأيضا أشرت إلى الدراما الكوميدية الجيدة والهادفة.
والآن أتناول عملا دراميا وطنيا تقدمه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تحت إشراف الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، وتبهرنا كالعادة من حيث الإنتاج الضخم جدا والاهتمام بأدق التفاصيل حتى في أصعب المشاهد.
وهو في الحقيقة عمل ملحمي من الدرجة الأولى، لأنه يجسد بطولات جيشنا المصري العظيم في سيناء الحبيبة خلال السنوات الماضية، والتي كان يخوض خلالها حربا لم نكن نعرف تفاصيلها أو نعي مدى شراستها، والتضحيات التي قدمت خلالها، إلا من حلقات هذا المسلسل الرائع بكل نجومه مهما كان حجم دورهم خلاله، سواء كانوا من الصف الأول حاليا أو كبار الفنانين وأيضا الشباب اللذين نراهم حديثا.
إنها الحرب على الإرهاب في سيناء التي تواجدت بها عناصر مسلحة، تتبع ما يسمى بتنظيم الدولة والذين تسللوا في فترة كانت مرتبكة طامعين في احتلالها وإعلانها إمارة إسلامية كما كانوا يتوهمون، وهو الأمر الذي يدل على حماقة هؤلاء غير العادية، وكيف أنهم لا يعقلون من الأساس ويتمسحون في الإسلام وهو منهم براء.
شاهدنا عبر حلقات المسلسل بطولات واقعية، كنا نسمع عنها كأخبار فقط عند الإعلان عن عدد جديد من الشهداء، ولكن مهما سمعنا لم نكن لنتخيل صعوبة الأمر على الأرض، وكيف أن جيشنا العظيم يواجه عدوا ليس ظاهرا، وإنما هو يختبئ تحت الأرض أو يندس بين الناس بالترغيب لبعض ضعفاء النفوس تارة أو الترهيب في أغلب الأحيان تارة أخرى، وبالطبع لم يكن من الممكن التضحية بأبرياء ومواجهة هؤلاء الإرهابيين وهم بينهم، فالأمر ليس سهلا على الإطلاق.
وهنا برز بشدة دور المخابرات الحربية الكبير جدا، والذي كان أساسيا في تلك الحرب الشائكة، والتي تمثل المعلومة فيها عنصرا هاما للغاية، ورأينا النجم آسر ياسين في دور المقدم خالد ومجموعته يجسدون هذه الأدوار بإبداع قمة في الروعة.
شاهدنا أيضا تضحيات أهالي سيناء العظام، وكيف أنهم دفعوا ثمنا باهظا، خاصة أنه تم قتل بعضهم وتنفيذ أحكام الإعدام في حق البعض، حتى وصل الأمر للنساء ورأينا مشهد إعدام الشهيدة البطلة مها إبراهيم سالم أبو قريع بكل خسة ونذالة، والتي جسدت شخصيتها النجمة وفاء عامر، وكان ذلك لأنها قررت الانحياز لوطنها ومعاونة جيشه للقضاء على هؤلاء المتطرفين.
ومن براعة صناع العمل جميعا وأولهم مخرجه العبقري محمد سلامة، أن المشاهد يعيش حالة توحد كامل وانتباه شديد مع أحداثه، حتى عندما تكون بعيدة عن المعارك وهذا تحسبا لأي عملية مفاجئة تقلب المشهد، وذلك من كثرة ما يحدث خلال المسلسل.
كما أن الجانب الاجتماعي لحياة الضباط والجنود لم يتم إغفاله أيضا رغم الفكرة الأساسية، ونجد أحداثا درامية تم توظيفها بشكل رائع، ومشاهد رومانسية بين الضابط نور الذي يجسده النجم عمرو يوسف بطل المسلسل والدكتورة آمنة، التي تجسدها بتألق الفنانة ميرنا نور الدين، وكيف أنه صارحها بحبه وطلب خطبتها على الفور في مشهد منضبط يليق بضابط في قواتنا المسلحة.
وكانت المفاجأة أن العمل تناول أيضا حياة الإرهابيين الخاصة، ومعاناة بعض نسائهم وأطفالهم معهم ممن غرر بهم، وكيف أنهم أجبروا على تلك الحياة، ورأينا ذلك في أكثر من مشهد، كان أبشعهم ذلك الخاص بالطفلة الصغيرة عندما سقطت من يد والدتها، وهي خلف والدها على الدراجة البخارية أثناء هروبه كالفأر المذعور من منطقة يقترب منها الجيش، وكيف أن الأم صرخت خوفا على ابنتها لكن ذلك الجبان رفض الوقوف وترك ابنته على الطريق، حتى عثر عليها رجال الجيش في حالة صحية حرجة وأسعفوها ثم نقلوها إلى القاهرة لاستكمال علاجها، وتلك واقعة حقيقية وتم بث فيديو للطفلة في آخر الحلقة، وذلك يحدث دائما حيث نرى توثيقا واقعيا لكل العمليات التي تم تنفيذها خلال هذه الحرب الشرسة.
وأخيرا ندعوا الله بالرحمة لكل شهدائنا الأبرار الذين روت دمائهم الطاهرة أراضي سيناء الغالية، ونتمنى أن يحفظ مصرنا دائما من كل مكروه وسوء بجيشها العظيم، الذي كان وما زال وسيظل لها درعا وسيفا.