الأزهر للفتوى يوضح حكم صلاة الرجال بجوار النساء في صلاة العيد
أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن سؤال ورد له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي نصه: ما حكم صلاة الرجال بجوار النساء في صلاة العيد؟.
وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في منشور سابق، بتاريخ 14 يونيو 2018: إن ذهاب الرجال والنساء إلى مصلى العيد أمرٌ مستحب لما أخرجه البخاري ومسلم عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا».
وأضاف مركز الأزهر، وحرص الرجال والنساء والأطفال على الخروج لصلاة العيد أمر محمود؛ لما فيه من اجتماعٍ على الخير، وإظهارٍ للفرح بإتمام عبادة الله عز وجل، لكن؛ إذا أقيمت صلاة العيد فينبغي الفصل بين الرجال والنساء، فيصلي الرجال في الصفوف الأولى ثم الصبيان ثم النساء، فلا تقف المرأة عن يمين الرجل ولا عن شماله في الصلاة اتباعًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن أَبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قال: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَفَّ الرِّجَالَ وَصَفَّ خَلْفَهُمُ الْغِلْمَانَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ فَذَكَرَ صَلَاتَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا صَلَاةُ - قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ: صَلَاةُ أُمَّتِي -». أخرجه أبو داود.
وتابع: وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: «قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ» قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا، قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ. أخرجه البخاري.
محاسن الشريعة الإسلامية أنها تصون المجتمع
وأردف: فمن محاسن الشريعة الإسلامية أنها تصون المجتمع، وتسد أبواب الفتنة، وتقمع داعي الهوى، وتحافظ على الرجال والنساء معًا، وتمنع كُلَّ ما من شأنه أن يخدِش الحياء أو يتنافى مع الذوقِ العام، كما أن في هذا التنظيم والترتيب تعظيمًا لجناب العبادة، واحترامًا للوقوف بين يدي الله تعالى.
واستكمل: وقد قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المعاني، وربى عليها صحابته وأمته؛ فعن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: «كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مَكَثَ قَلِيلًا، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ، كَيْمَا يَنْفُذُ النِّسَاءُ قَبْلَ الرِّجَالِ» أخرجه أبو داود، أي لئلا يتزاحم الرجال والنساء على باب المسجد، وفي الطريق الموصل إليه عند خروجهم.
وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم رأى مرة اختلاط الرجال بالنساء في الطريق عقب خروجهم من المسجد، فلما رآهم صلى الله عليه وسلم أرشد أن يسير الرجال وسط الطريق، وأن تسير النساء على حافتيه؛ فعن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري، عن أبيه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: «اسْتَأْخِرْنَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ» فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ. أخرجه أبو داود.
وأضاف: فانظري أختي الكريمة إلى مدى التزام هؤلاء المؤمنات أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومبالغتهن في طاعته، رضي الله تعالى عنهن.
ثم رغَّب رسول الله صلّى الله عليه وسلم في تخصيص باب بالمسجد لخروج النساء؛ فعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ» قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ. أخرجه أبو داود.
وتابع: فانظر أخي الكريم إلى مدى التزام الصحابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومبالغتهم في طاعته، رضي الله تعالى عنهم.
واختتم: وعليه؛ فلا ينبغي أن تصلي المرأة بجوار الرجل إلا في وجود حائل بينهما، فإن صلَّت بجواره دون حائل فالصلاة باطلة عند الأحناف، ومكروهة عند الجمهور.
وخروجًا من هذا الخلاف، وحرصًا على صحة الصلاة بالإجماع، ومراعاة للآداب العامة التي دلَّت عليها الشريعة، وحثَّت عليها الفطرة، ووافقها العرف فإننا ننصح بالتزام الشرع في ترتيب الصفوف ووقوف كلٍّ في مكانه المحدد له شرعًا، ونسأل الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم.. والله تعالى أعلم.