الإعلام الجاني أم المجني عليه؟!
الإعلام سلاح فعال وسحري، ولكنه ككل الأسلحة القوية، سلاح ذو حدين.. لذلك يخلط البعض سواء عن عمد أو بجهل أن الإعلام هو سبب غلاء الدولار وتوحش الأسعار وزيادة المحروقات وخلق الأزمات وزيادة فاتورة الاستيراد وديون الدولة الخارجية والداخلية ما هكذا تورد الإبل، الإعلام ليس له علاقة بكل ما سبق ولكنه أصبح "الحيطة المايلة" بين الناس، والجمهور الفاقد للوعي يحمله مسؤولية ليست من اختصاصاته ولا يمت لها بصلة، ولكن إذا أردت أن تهاجم الإعلام فالثغرات كثيرة والأخطاء كبيرة مثل عدم ظهور آراء حرة مختلفة أو معارضة وعمل قوائم لمن يظهر ومن يختفى.
كما أن الإعلامي حاليًا أصبح يقدم البرنامج ويتحدث بالنيابة عن الضيوف والمتخصصين وكأنه خبيرًا في كل شيء اقتصاديا وسياسيًا وأمنيا وهذا ليس دوره وخروج عن قواعد الإعلام المتبع في كل مكان في العالم المتقدم، كما أن بعضهم أصبح عبء وثقل جاسم على صدور المجتمع والناس.
فالصحافة القوية والإعلام الحر دائما صداع مزمن في رأس الأنظمة السياسية لأنها تصبح سبب رئيسي فى كشف المستور وفضح الفساد والمحسوبية وتمثل إزعاج دائم للمسؤولين، وضعف الإعلام أيضًا مشكلة كبيرة لأنه سينصرف عنها المواطن وهو ما يصب فى مصلحة الإعلام الوارد من الخارج والذى له حسابات أخرى البعض منه مغرض أو من يضعون السم فى العسل ومنهم من يحاول البحث عن الحقيقة ونشرها بغض النظر عن أي حسابات أخرى وهم قلة.
لذلك فتح منافذ التهوية لحرية الصحافة والإعلام هو ضمانة مهمة للحاكم والمحكوم لأنه كشاف ضوء على مشاكل المجتمع والسعي لحلها وسيف مسلط على المسؤول حتى لا يحيد عن مسؤوليته وصون لحق المواطن في معرفة حقوقه وحل مشاكله.
وهنا السؤال الهام الذي يتبادر لذهني وللكثير غيري هل يعكس الإعلام الواقع الحقيقي للمجتمع؟ بالرغم من كثرة القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية الإخبارية والصحف والمجلات اليومية والأسبوعية وطوفان الأخبار اليومية ولكن الإجابة بكل أسف لا لأسباب كثيرة منها وسائل إعلام محلية انعزلت عن الواقع وأصبحت في طي النسيان لا اهتمت بمشاكل المواطن ولا سعت لعرضها على المسؤولين فالمواطن أسقطها من حساباته.
الإعلام يا سادة هو مرآة شفافة وأمينة تعكس واقع المجتمع وتشكل وتوجه الوعي والرأي في المجتمعات الحرة التي تنبض فيها الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية السليمة، خروج الإعلام عن مساره الصحيح ليس في مصلحة الوطن وعودته في صالح الجميع، نتمنى عودة الإعلام الضال لحضن الوطن والمواطن.
وأخيرًا رغم كثرة وسائل الإعلام المختلفة إلا أنها تعاني من فراغ قاتل في المحتوى الهادف وبعضها صنع من أقزام نجومًا وأبطال ولكنها أبطال من ورق والتي تنطبق عليهم الآية الكريمة “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” صدق الله العظيم.
استقيموا يرحمكم الله.