عش النسور
عندما يبني النسر عشه الصغير يستخدم فيه خليطًا بين النباتات الجافة ذات الأشواك في الطبقة الخارجية منه، وفي داخله يضع القش حتى يصبح مريحًا بعض الشيء، ولكن عندما يفقص البيض وتخرج النسور الصغيرة للحياة، يبدأ القش في التطاير فيصبح العش مع الوقت صعب وغير مريح ومؤلم لصغار النسر، مما يدفعهم سريعًا للتحليق وتعلم الطيران حتى يتخلصوا من آلم العش القاسي على أجسادهم الصغيرة.
وأحيانًا يكون القش هو الحياة المستقرة والتي تشبه المياه الراكدة، ولكن تكون الأشواك كالأمواج، والتجارب تكون كالشوك الذي يدفعنا سريعًا للمغامرة والبحث عن حلول جديدة وربما تكون دافعًا مهمًا لنكتشف أشياء فينا لم نكن نعرف عنها شيئًا من قبل.
فالنسور الصغيرة لولا الألم ما أدركت سريعًا أنها لم تخلق للراحة والمكوث مكانها طويلًا، بل خلقت لتحلق في السماء ولتفرد جناحيها لتكون بساطها على الريح وترى الكون من أعلى وتدرك أنها أقوى من ذلك الألم التي كانت فيه في العش الصغير!
فلا بأس يا صديقي إن مررنا أحيانًا بتجارب أشعرتنا بالألم، ولا مانع أن تجرحنا أشواك البشر والأماكن بعض الأوقات، فلولا تلك المشاعر الصعبة لما أدركنا قدرتنا على الرحيل أو التخلي، أو أيضًا قدراتنا على المقاومة والمثابرة، ولولا مشاعر الألم لما أدركنا قيمة الأمل، ولولا كل لحظة وجع لما أدركنا قيمة القوة، ولولا كل لحظة يأس لما أدركنا قوة الله في حياتنا.
لا تخجل من لحظات ضعفك أحيانًا، أو تنظر لتجاربك وكأنها آخر المطاف، فالرحلة لم تنته بعد، ورسالتلك لم تكتب فيها كلمة النهاية، بل ربما كل هذا مجرد بداية لحياة أجمل، ومجرد نقطة انطلاق لتكتشف من خلاله قدرات ربما لم تكتشفها من قبل، فصورتك الآن ليست إلا نتاجا لتجارب الأمس، وصورتك غدًا ستكون نتاجا لتجاربك اليوم.
