الذكاء الاصطناعي أم الميتافيرس.. المقارنة غير المحسومة
سجلت الوحدة المسؤولة عن مشاريع الميتافيرس فى شركة ميتا خسائر تشغيلية خلال الربع الأول هذا العام حوالي الـ4 مليارات دولار؛ ليصبح إجمالي خسائرها منذ عام 2020 حوالي 30 مليار دولار، ومع ذلك مارك زوكربيرج في التقرير الربع سنوي الأخير للشركة قد أكد التزامه بفكرة الميتاڤيرس.
جاء الربع الأول من العام الحالي بنتائج أفضل من التوقعات بالنسبة لشركة ميتا، خسائر وحدة Reality Labs المسؤولة عن مشاريع الميتافيرس وصلت إلى 4 مليارات من الدولارات، مضافة إلى خسائر بقيمة 14 مليار دولار في العام الماضي، مجمل الخسائر منذ عام 2020 بلغت قرابة الثلاثين مليار دولار في الربع الأخير من عام 2022، الخسائر كانت 4.3 مليار دولار، أي أنها قلت في الربع الذي تلاه.
هذا وقد أكد مارك، التزامه بفكرة الميتافيرس، وفي ذات الوقت شركة ميتا أنهت خدمات حوالي 21 ألف موظف، وأنشطة الميتافيرس في الشركة كانت من المتضررين من هذه الحملة.
وتعد الأوضاع الاقتصادية العالمية لها تأثيرها المهم على تراجع حمى الميتافيرس؛ إذ أن المستخدم العادي متوقع أن يركز نفقاته على الأولويات الحياتية، والميتافيرس ليس أحدها بالتأكيد، كلها عوائق معروفة، إلا أن العائق الأكثر إلحاحا هو ذاك القادم من بعيد وهو الذكاء الصناعي.
كما أن ظهور نظام ChatGPT قلب المعادلة رأسًا على عقب، وأثار ضجة لا يستهان بها عالميا، والشركات وجهت نظرها سريعا نحوه خوفا من سحب البساط من تحت أقدامها، ومن تلك الشركات كانت شركة ميتا، وقد ركزت مرحليا على الذكاء الاصطناعي على حساب الميتافيرس، وكذلك الأمر ينطبق على مايكروسوفت وديزني في حملات إنهاء خدمات الموظفين الذين يعملون تحديدا على استثمارات ومنتجات الميتافيرس.
ما لم يخدم الميتافيرس أنه مشروع طويل الأمد، وقد يحتاج إلى عدة سنوات حتى يصبح مشروعا ذا جدوى اقتصادية، وفي المقابل، الذكاء الاصطناعي كان قادرا على زيادة مبيعات الشركات خلال فترات أقصر نسبيا، الفارق هذه المرة أن الشركات لا تملك رفاهية الوقت في سوق تسيطر عليه المنافسة الشديدة، وصارت تبحث عن تأثيرات مباشرة سريعة على أرقامها، والتي من غير الراجح أن يولدها الميتافيرس قريبًا.
الميتافيرس على الورق بدا في لحظة ما أنه التغيير الجوهري الذي يترقبه العالم منذ عقود، وعلى غفلة، ظهر الذكاء الصناعي وقلب حسابات الشركات والمؤسسات في الكوكب. التقديرات حينذاك قد تحدثت عن أن الميتافيرس سينتج مليارات أو تريليونات الدولارات خلال عقد من الزمان، إلا أن نظام ChatGPT كان له قولا آخر، ما تخبره تلك المواجهة أن خطط الشركات الاستراتيجية تتغير نتيجة مدخلات ومتغيرات السوق.
شركة ميتا غيرت اسمها وجلدها مراهنة على الميتافيرس، وفجأة تبين أن رهانها لم يكن صائبا ولو مرحليا على الأقل، والمنافسون والمستهلكون كان لهم رأيهم الصاعق، رهان مارك زوكربيرغ هو عالم ميتافيرس مبني على الذكاء الأصطناعي، وكثيرون لا يرونه إلا حلما جميلا على الورق أو في ذهن زوكربيرج وحده، سواء نجح أو أخفق مارك في رهانه، الصوت الأعلى اليوم للذكاء الاصطناعي، هل ستكسبها الميتافيرس على المدى البعيد؟! ربما، ولكن بعد عدة سنوات، وبعد استثمار مليارات من الدولارات، وبعد جهد كبير في إقناع المستخدمين، حتى ذلك الحين، يبقى الميتافيرس حلما جميلا في أذهان بضعة أشخاص، بينما يبقى معظم العالم مشدوها بقدرات المنافس الجديد الذكاء الاصطناعي.
الميتافيرس لم يستطع توليد ولو جزء يسير منها حتى اللحظة، مهما سوقوه وجملوه، والمدهش ايضًا استثمار الكثير من العامة في شراء أصول وهمية بمبالغ ضخمة في عالم غامض لم يشهد بعد أي بوادر للظهور.