مذاهب وافتراءات وبحث عن هوية في "عهد دميانة"
أعرف أن الظنون ستهجم على عقل من سيقرأ عنوان المقال، ظنًا منه أن الافتراء الذي أقصده يعود على هذا العمل الإبداعي الذي -دون أدنى شك- بمثابة جوهرة نفيسة غالية لا تُقدر بأي ثمن. هذه الرواية أعتز بوجودها على رف مكتبتي؛ لأنها مع مرور الزمان ستزداد قيمتها أكثر وأكثر كالألماس، كلما مر عليه الوقت زادت قيمته، من سينغمس داخل رواية " عهد دميانة " الصادرة عن دار الرواق سيُلاحظ أنه لابد أن يقرأها قراءة الأسئلة التحليلية لا الاستمتاع فحسب، عليه أن يدون الأفكار التي من خلالها ينطلق خلال رحلة تحليله الأدبي أو البحثي أو النقدي؛ حيث إن فعل القراءة يعتمد على المستويات المتعددة حتى بين ثنايا السطور، سنلحظ الإشارة إلى معلومات جديدة للقارئ غير المعتاد العابئ بقراءة التاريخ؛ لأنها معروضة أمامه على لسان الشخصيات بصورة شيّقة وسلسة. ففي حقيقة الأمر، من حسن حظي أنه لم يكن أول عهدي مع روايات الكاتب الكبير الذي جمع بين الطب والكِتَابة: أسامة عبد الرءوف الشاذلي، فعندما شرعتُ في قراءة عمله الثاني تذكرت أول شعور مع روايته الأولى، كان شعور القلق والتوتر عندما عزمتُ النية على كتابة رؤية نقديّة عنّ "أوراق شمعون المصري"؛ حيث أدركت وقتها أنني أمام عمل استثنائي، من حيّث: عذوبة اللغة، ودقة التصوير التخيلي، بل ودقة التخيّل التاريخي في سرد الأحداث، وحبكها بطريقة تُثير المشاعر في نفس القارئ؛ لتجعله يتعايش مع كل شخصية من شخصيات الرواية على حِدَة، فقد كنت أمام عملٍ استغرق سبع سنوات في الكتابة، أي نحن أمام عملٍ ضخمٍ؛ وقلت حينها: إنني سأحاول جاهدة قطف وردة من كل كتاب داخل الراوية؛ لأنها تحتوي على أربعة كُتُّب منفصلة الرحلة من حيث المكان؛ لتعود للمكان الأولي بنهاية الرواية، لكنها مُتصلة السرد من حيث الزمان والتيه، لكن الأمر مختلف مع "عهد دميانة"، التي لم تبتعد كثيرًا عن مفهوم التخيل التاريخي، بل قفزت موهبة الشاذلي بالزمن من زمن التيه في الأولي إلى عامي 1146و1161 ميلاديًا، يظهر هنا عامل التنوع لا الثبات، وإن كان الحيز تاريخيًا، لكن الصورة القابعة في الداخل مختلفة في قضيتها، فكما للقراءة مستويات، أيضًا فالفعل الكِتَابة قضية منشودة.
قضية: الخليفة والوزير، مذاهب وسلطة
تستهل الرواية النهاية؛ حيث أواخر حكم الدولة الفاطمية التي استمرت تقريبًا لــ 200 سنة، فترة أراها تعج بالمؤامرات، والقتل، وفي نهاية عهدها بالفتن، ومجالس اللهو، والمتعة التي ضربت عرش الخلافة في مقتل فهوى ساقطًا بالقاسط؛ لذا قسمتُ المقال الموجزة إلى جزءٍ يناقش المذهبية والافتراء من أجل الافتراق، حيث عصر سقوط وزراء الدولة الذي يعدّون بمثابة الحُكام الحقيقيين؛ ليشكل دور الخليفة صورة شكليّة ليس إلا، يظهر المشهد في حكم الخليفة الظافر بدين الله الفاطمي، وإلى قضايا تخص الهُوية والبحث عن الذات عندما يسيطر الآخر. فعلى هذا العرش سال الدم، وظهرت المثلية الجنسية في أقبح صورها الشنيعة، بل فوق ذلك تفرق المسلمون إلى أحزاب ومذاهب، واستباح الشيعة دم السنة من أجل السلطة السياسية والتمسك بمقاليد الحكم. السبب لم يكن مكنونة الإسلام، بل الفُرقة السائدة، والتشظي معه البعد عن مبادئ الدين الحنيف، فالإسلام في ذاته واحد، وسنة رسوله واضحة مَائِلًا عَنِ البَاطِل إِلَى الدِّينِ الحَقِّ، مُتَشبِّثًا بِالدِّينِ وَمُتَمسِّكًا بِهِ. وقد تبين ذلك المشهد المتجلي على لوحة السرد خصيصًا في مدينة الإسكندرية التي تلاحمت مع الأحداث لترسم الشخصيات التاريخية المتغلغل داخلها الدرامية المُتقنة "عليِّ بن السلار"، و"الخليفة الظافر"، و"محمد بن مصال" عندم أصدر الخليفة مرسومًا بتعيين ناظرًا للدولة "ابن مصال" وزيرًا، بل أعطاه لقب "ليث الدولة"، هكذا يسمى في كُتب التاريخ، وكما ذكرها المقريزي بـ "عهد الوزراء"، فقد مرت الدولة الفاطمية بمرحلتين؛ الأولى: هي عصر الخلفاء، الذي كان فيه الخليفة هو الحاكم الديني والآمر في شئون الدنيا، وتميز بالازدهار والقوة، بعدها غزت البلاد الشدة المستنصرية "المسبغة" جاء بعد رحيلها "بدر الجمالي"، الذي ورّث الوزارة لابنه، بعد ذلك بدأت مرحلة: عصر الوزراء، وصراعهم على السلطة، كما أظهرها "الشاذلي"، حيث غضب "علي بن السلار" عندما أخبره كاتبه الخاص، والشخصية المحورية التي تدور الأحداث حولها "يوسف بن صدقة القيسراني"؛ فقال: "يولَّي الوزارة كاتبًا مغربيًا أتى إلى مصر منذ عامين، وأنا الذي حملت على أكتافي أمر هذه البلاد خمسين عامًا، أُحجب عنها". كان أول "وزير للظافر" هو "بن مصال"، الذي ثار عليه والي الإسكندرية "علي بن السلار"، فرحل بعدها إلى القاهرة وخلع "ابن مصال" عنوة، وأصبح هو وزيرًا على غير رغبة "الظافر"، وهرب "ابن مصال" إلى الصعيد، فحاربه "ابن السلار" حتى قتله، فالصراع القائم هنا هدفه الأول سياسيًا، لكن الذي ينتج عنه فتن تتسرب من داخل قصر الخلافة إلى عامة الشعب فلا يُفهم الهدف الحقيقي من ورائه، ويختزل في مفهوم الفتنة. والسؤال هنا: ما معنى التشيع؟ التشيع في معناه المناصرة والاتباع، هنا بيت القصيد، المذاهب متعددة في الإسلام: المعتزلة، والصوفية -ظهرت في شخصية "ابن الكيزاني" داخل فضاء الرواية-، والأباضية، والخوارج...، لكن يقيني بأن الدين واحد يأخذني إلى كتاب "إسلام بلا مذاهب" للدكتور: "مصطفى الشكعة"، فمضمون قوله أن الشيعة يرون أن التشيع عقيدة دينية خالصة، وهناك من المسلمين من يرون أن التشيع عقيدة سياسية خالصة، وهناك أيضًا من يرى أن التشيع وجدان عاطفي خالص، لكن الأرجح بالنسبة ليِّ أنه هدفًا سياسيًا ظهر مغزاه داخل الرواية؛ حيث مقتل "على بن السلار" بمعاونة الخليفة "الظافر"، إذن السقطة المجاورة لجميع الأخطاء التي لم تكن الوحيدة هي تفرقة المسلمين والقبط معهم؛ بسبب المذهبية الناجمة عن حكم غير مستقيم ظاهره غير باطنه.
قضية: الاستعمار وتجاهل الخليفة
أضف إلى جانب ذلك الاستعمار من جانب الفرنجة، مع التشتت الداخلي، وعدم توحيد الصف بين أصحاب الملة الواحدة على أمرٍ يبدو في ظاهره دينيًا وأصله سياسيًا، أظهر "الشاذلي" ذلك من خلال "موهوب" الشخصية الثانوية التي دفعت بالأحداث لإيضاح الظواهر التي أضعفت الحقبة الفاطمية؛ حيث كان تركيز الخليفة والوزير على الفسطاط وولاية الإسكندرية مهملا لقرى القاهرة المجاورة؛ فلظهور الشخصية مدلولٌ رمزيٌ لا يمكن إغفاله يستحق الكاتب الإشادة عليه "عشنا سنين بغير وزير، ثم جاء "علي بن السلار"، فلم يغير وجوده شيئًا، قال موهوب: عقدنا عليه الكثير من الآمال، ولكن يبدو أنه لا فرق بين وزيرٍ سُني ووزير شيعي، فالكل يخضع لهوى الخليفة في النهاية...، المحزن أنهم لا يرون من ثغور مصر سوى الإسكندرية، وكأن دمياط لا تعنيهم..". ذلك يؤكد أثر الاستعمار في تفاقم الفُرقة وتهميش الآخر في مجتمع تضخمت فيه أمراض نفسية لدى الذات.
قضية: الخليفة وعشق مثيلة
يصف "ابن إياس" "الظافر بدين الله" بأنه: "كان شابًا جميل الصورة، حسن الهيئة، وكان يميل إلى اللهو والطرب"، وبمشاهد لا تعرف تجريح مُخيلة القارئ، وبعرض يظهر أثر اللهو والترف في حياة بلاط الخلافة في فترة كان الخصيان والتغزل بالغلمان من الأمور العادية. وقد عرض "الشاذلي" الوصف في جمل حوارية تحمل مبارزة كلامية بين "عباس الصنهاجي" وابنه "نصر بن العباس"، الذي عُرف في أكثر من مرجع بميوله الجنسية مع الظافر، فقد كان أكثر حكام الدولة الفاطمية جدلًا في تاريخ مصر، وسببا في الفتن بسبب تهاونه بالشعب، كان الظافر عاشقًا لمجالسة الجواري وإتيان الغلمان، فبعد مقتل "علي بن السلار" بأمر من الخليفة عُين "عباس" وزيرًا للدولة بفضل ليالي الفراش التي قضاها ابنه مع "الظافر": "مرّت الليلة بسلام، وغدًا نحفل بتعيين أبيك "عباس" وزيرًا للدولة". وقد ذكر "ابن إياس" في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدهور" ساردًا قصة مقتل الخليفة والانتقام منه لا بسبب حكمه فحسب بل شذوذه: "وكان سبب قتله أن الوزير "عباس"، لما كثر الكلام في حقه بسبب ابنه "نصر"، أضمر الغدر "للظافر"، فلما نزل الظافر إلى بيت الوزير على غير العادة، وبات عنده، ندب إليه من قتله تحت الليل، ورماه في بئر. فلما أصبح الوزير، طلع إلى دار الخلافة، ودخل القصر، فقال لبعض الخدام: أين أمير المؤمنين؟ فقالوا له: ابنك "نصر" يعرف أين هو". هذا الوصف السردي "لابن إياس" مرتبطٌ بدراما لغوية صادمة جريئة عرضها "الشاذلي" - لكنها- تستفز القارئ ليبحث في التاريخ عما ذكره: "قال "عباس" كيف أصبر على ما يقوله الناس عنك، من أن الخليفة يفعل بك ما يفعله بالنساء؟". وفي حوار آخر قبل تدبير قتل الخليفة: "شعر ببغض حقيقي نحو ولده..، أصبح "نصر" الأمر الناهي في البلاد، لا بمنصب ولا سلاح، وإنما من مخدعه! تنهد "عباس"، ثم قال في ازدراء: متى يأتيك الخليفة في الفراش؟". هذه الظاهرة لم تكن بعيدة عن المجتمع، بل بسبب الازدهار ومجالس العربدة والسكر وسماع الأغاني ظهرت تلك العادة التي تعد انحرافًا سلوكيًا؛ حتى إن أغلب الأشعار التي كتبت عن شرب الخمر "لأبي نواس وابن زهير" مع اختلاف الحقب التاريخية ليست سوى تغزلًا لشارب الخمر بالساقي الذي يقدمها له:
وَنَديمٍ هِمتُ في غُرّتِه
وَشَرِبت الراحَ مِن راحَتِه
كُلَّما اِستَيقَظَ مِن سَكرَتِه
*
غُصنَ بانٍ مالَ مِن حَيثُ اِستَوى
باتَ مَن يَهواهُ مِن فَرطِ النَوى
الرِّق، والانتماءات داخل الوطن الواحد:
نتج عن هذه العلاقة ما سأعرضه في صورة موجزة، جلب "العباس الصنهاجي" لابنه جارية قبل مقتل "السلار" وتدبير قتل الخليفة؛ ليتزوجها لتنجب منه حفيدًا لتقليل الضغوطات التي تلحق به بسبب ما يسمعه عن "نصر": "بصق نصر نطفته بداخلها ثم هجرها في الفراش، وكأنما أتم رسالته". يظهر وصف الشخصية من خلال السرد الذي يختزل في بعض المعاني، فباعت "يوستينا" نفسها للنخاس هربًا من الفقر والاضطهاد، لكنها وقعت في حب "يوسف القيسراني" العلاقة التي تُشبة علاقة "يوسف الصديق وزُليخة"، لكن الخطيئة داخل الرواية كسرت أن الإنسان معصوم، فخطأ "القيسراني" داخل بلاط الخلافة ينفي عنه العصمة؛ لأنه ليس بــ "نبي الله"، لكنه إنسان يبحث عن معنى ذاته: "من أنا؟". كانت "يوستينا" في الملحمة التاريخية تمثل رمزية البحث عن "الحب"، وتُعرض هنا قضية شديدة الأهمية هي "الرِّق"، فهي من رقيق بيع النفس؛ بسبب الفقر لا تعرف معنى الوطن، بسبب المذهبية والصراعات التي همشت وجودها بوصفها قبطية، لكنها عرفت الوطن مع "القيسراني" لتقول: "الوطنُ وثنٌ مقدس تزهق تحت أقدامه أرواح القرابين كي يستجيب، فلا يجيب، وهمٌ يصنعه كاهنٌ ليبقي سلطانه على رؤوس البسطاء"، من نفس هذا الرحم ولد المسلم "حُسين بن نصر" و"دميانة بنت يوسف القيسراني" على أرض واحدة، هنا تظهر قضية تحديد الانتماء الأكبر: هل يكون للوطن؟ أم للدين؟ أم للمذهب؟ أم إن هناك انتماءً أسمى وأكبر يضم داخله الجميع وهو الانتماء إلى الإنسانية؟ كما صرح "الشاذلي" في قوله الذي ظهر متجليًا في عمله. أمَّا عن الشخصية المضادة هي "ورد" الحرة التي تمثل نوعًا من أنواع الرقيق، وهو "رقيق الجلب والاقتناص"؛ حيث استرقت على يد الترك القبجاق، لكنها رغم ذلك حافظت على دينها وانتمائها للكنيسة، لتقول "لابن السلار" عندما أراد أن يستمتع بها: "تعيشين راهبة في بيت الأمير! – كنتُ أتمنى أن أعيش راهبةً في بلدتي". ليأمر "ابن السلار" بعد ذلك بأن يَعتقها، وأن يحفظ حياتها، وأن يضمن حريتها، ويتكفل بها، ومن عقِبها مادام حيا". يكتب "صدقة القيسراني الملكاني" الكاتب معاهدة حريتها، ويطلب من الأمير أن يتزوجها، فتقف أمام أرثوذكسيتها بينما هو الكاثوليكي نفس المذهبية التي فرقت السلطة لكنها في النهاية جمعت القلوب، تزوجت من أجل الأمان الذي افتقدته بعد خطفها من كنف أسرتها الذين ماتوا بعد فقدها، فرغم أنها قبطية وهو ملكاني إلا أن "السلار" قال لها: "إذا قابلت رب فقولي له: ما علمت للمسيح مذهبًا".
التطور اللغوي واللهجات وتأثر القبطية
يعرف أن اللغة كائن حي يتأثر بها المجتمع وقابلة للتغير، فالعربية نفسها يحدث فيها العديد من التطورات الصوتية، والإبدال، شأنها شأن الأحياء، تتطور وتتغير بفعل الزمن لتحيا في أحضان المجتمع، فالتغير الديموغرافي يحدث هذا التطور، وقد جاء المشهد في حوار "يوسف" مع "إبراهيم النصراني" عن تدوين "ساويرس بن المقفع" لمخطوطة تاريخ البطاركة: "تعجبت من شيء واحد، لماذا كتبها الأسقف "ساويرس" باللغة العربية ولم يكتبها بلسان القبط؟ ليقول "إبراهيم": كتب في مقدمة مخطوطته: أن قلم العرب كان هو السائد في أهل زمانه، وأن قلم القبط كان قد انعدم حينها". والغالب أن طبيعة اللغة تميل إلى السهولة والتأثر والتطور، وقد ظهر أيضَا على لسان "وسن" أجمل الشخصيات التي تأثرت بها في العمل ومحافظتها على عهد دميانة وعهد الحفاظ على اللغة القبطية.
في النهاية تظهر الرواية العديد من القضايا والجوانب التي لا يمكن إغفالها، أو تجنبها، حتى إنها عبرت عن "ظلمة السجون" الذي من الممكن أن نعده من "أدب السجون"، ظهر ذلك في شخصية "أهرمان" السجان، الذي باعه أبوه في سوق النخاسة، لكنه تأثر بــ "يوسف القيسراني". ظهر أيضًا في العمل تأثر "الشاذلي" بسورة "يوسف"، حتى في تكوين جمله التعبيرية، أيضًا تناول قضية الأعراق والانتماءات، حتى إنه ذكرني بمسرحية "قمبيز" لـ"أحمد شوقي"، صحيح أنها شعرية، لكن من يقرأ "عهد دميانة" سيعلم مدى التأثر الذي يحدث في المجتمع نفسه الذي وقع في المسرحية ليوصل "شوقي" أن ولاء الفرد لوطنه الأول. تناولت أيضًا قضية الحب والهُيام وصعوبة الفقد "إن القلب يألف كلّ فقدِ، إلا فقدان من أحبنا فخذلناه". وردت على سؤال من أنا؟ في النهاية تحس الجملة التي أوصى "يوسف" بكتابتها على مثواه الأخير: "مات من كان اسمه منقوشا على الماء". فالهوية التي تناول "الشاذلي" الإجابة عنها وجد الرد عليها من خلال جميع تلك القضايا التي ذكرتها، وذكر صعوبة الاندماج أيضًا من خلال ذكر الأمازيغ الذين وجدوا صعوبة الاندماج مع المجتمع المصري. أضف إلى ذلك أن جميع الشخصيات المحورية في العمل قبطية مسيحية لم أستشعر للحظة أن كاتب هذا العمل الإبداعي مسلم، ولا أظن أنه يمكن تصنيف منتجه الأدبي دينيًا، بل إنه يحمل قضية. إنها الرواية التي لمست شغاف قلبي دون استئذان، مؤلمة وملهمة وبها جهدٌ عظيمٌ في البحث. هذا قلم يستحق الخلود، بل إنها ليست مؤلمة فقط، بل ذابحة من الوريد إلى الوريد. إن أهم من فكرة الرواية الرسالة الإنسانية التي تُقدمها للقارئ والمجتمع والعالم، التي أظن أنها أرقى الرسائل التي يقدمها الإبداع الأدبي.