في ذكرى ميلاد صلاح عبد الصبور.. طالع قصيدته شنق زهران
تحل اليوم الأربعاء، ذكرى ميلاد صلاح عبد الصبور أحد رواد الشعر الحر في العالم العربي، الذي جاء إلى الدنيا في مثل هذا اليوم عام 1931، وأثرى الشعر العربي بالكثير من الدواين الشعرية.
ومن بين القصائد الرائعة للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور قصيدة بعنوان شنق زهران نشرت في العدد 28 من مجلة الرسالة الجديدة عام 1956.
قصيدة شنق زهران
يقول صلاح عبد الصبور في قصيدته:
وثوى في جبهة الأرض الضياء
ومشى الحزن إلى الأكواخ
تنين
له ألف ذراع
كل دهليز ذراع
من أذان الظهر حتى الليل
يا الله
في نصف نهار
كل هذي المحن الصماء في نصف نهار
مذ تدلى رأس زهران الوديع
******
كان زهران غلاما
أمه سمراء، والأب مولّد
وبعينيه وسامه
وعلى الصدغ حمامه
وعلى الزند أبو زيد سلامه
ممسكا سيفا، وتحت الوشم نبش كالكتابة
اسم قرية
دنشواي
شب زهران قويا
ونقيا
يطأ الأرض خفيفا
وأليفا
كان ضحاكا ولوعا بالغناء
وسماع الشعر في ليل الشتاء
ونمت في قلب زهران، زهيره
ساقها خضراء من ماء الحياه
تاجها أحمر كالنار التي تصنع قبله
حينما مر بظهر السوق يوما
ذات يوم...
مر زهران بظهر السوق يوما
واشترى شالا منمنم
ومشى يختال عجبا، مثل تركى معمم
ويحيل الطرف... ما أحلى الشباب
عندما يصنع حبا
عندما يجهد أن يصطاد قلبا
كان ياما كان
أن زفت لزهران جميلة
كان ياما كان
أن أنجب زهران غلاما.. وغلاما
كان ياما كان
أن مرت لياليه الطويلة
ونمت في قلب زهران شجيرة
ساقها سوداء من طين الحياه
فرعها أحمر كالنار التي تحرق حقلا
عندما مر بظهر السوق يوما
ذات يوم
مر زهران بظهر السوق يوما
ورأى النار التي تحرق حقلا
ورأى النار التي تصرع طفلا
كان زهران صديقا للحياه
ورأى النيران تجتاح الحياه
مد زهران إلى الأنجم كفا
ودعا يسأل لطفا
ربما... سورة حقد في الدماء
ربما استعدى على النار السماء
وضع النطع على السكة والغيلان جاءوا
وأتى السياف مسرور وأعداء الحياه
صنعوا الموت لأحباب الحياه
وتدلى رأس زهران الوديع
قريتي من يومها لم تأتدم إلا الدموع
قريتي من يومها تأوى إلى الركن الصديع
قريتي من يومها تخشى الحياه
كان زهران صديقا للحياه
مات زهران وعيناه حياه
فلماذا قريتي تخشى الحياه