الحاجة نعمات 50 سنة شغل بمهنة غزل شباك الصيد: بصرف على نفسي بعد طلاقي
بملامح سمراء هادئة وابتسامة على جبهتها، تجلس في أحد شوارع قرية المراشدة التابعة لمركز الوقف، شمالي محافظة قنا، تركز في الخيوط التي أمامها، تلف الخيط على الآخر بمهارة لتصنع شباك صيد شديدة الإحكام، لأكثر من 12 ساعة متواصلة، فليس هناك وقت للراحة ولا سبيل لكسب الرزق إلا بالسعي والكد والتعب.
أول صانعة شباك صيد في قنا
تقلبات الحياة أجبرت السيدة نعمات جبر ذات الـ 60 عاما أن تخوض معترك الحياة، بحثا عن الكسب الحلال، لتصبح بين عشرة وضحاها أول صانعة شباك صيد بمركز الوقف، وربما الوحيدة في محافظة قنا، كاسرة بذلك التقاليد المعروفة عن هذه المهنة.
وتؤكد الحاجة نعمات في حديثها لـ القاهرة 24، أن ظروف الحياة فرضت عليها هذه المهنة الشاقة؛ حيث إنها وبمجرد الانفصال عن زوجها الذي تركها وفي عاتقها طفلين في مرحلة الدراسة، ووفاة والدتها بعد ذلك، وجب عليها أن تنفق عليهما، مشيرة إلى أنه عقب زواج ابنهيا تركاها وحيدة لا تتقاضى سوى معاش من الأزهر لا يكفي لتلبية احتياجاتها، فلجأت للعمل بتلك المهنة المسافة التي تحتاج وقت طويل وتركيز في العمل.
ومنذ 50 عاما، وتحديدا عندما كانت الحاجة نعمات في مرحلة طفولتها تعلمت مهنة غزل شباك الصيد على يد شقيقها الأكبر، قائلة: كان بيقعدني جنبه ويعلمني طريقة غزل الشبك ويقولي عشان ممكن تحتاجيها بعدين، مشيرة إلى أن ما توقعه شقيقها حدث بالفعل وعادت لممارسة تلك المهنة منذ 15 عاما بعدما ضاق بها الحال لتتمكن من الإنفاق على نفسها.
وتستيقظ السيدة الستينية عقب صلاة الفجر، وتحمل الأدوات التي تحتاجها في عملها بغزل الشبك - إبرة خشبية ومقص- لتجلس بالقرب من مركز شباب المراشدة وتبدأ في عملها حتى آذان المغرب: غزل الشبك بيحتاج وقت طويل وتركيز، عشان الغلطة ممكن تبوظ الشبكة كلها.
وتضيف الحجة نعمات أنها تتقاضى مقابل 150 جنيها في عملها بغزل متر كامل من شباك الصيد، مشيرة إلى أن موسم عملها يكون في فصل الصيف فقط، مردفة: أكسب من عرق جبيني أفضل من مد إيدي للغريب.
زبائن السيدة نعمات غالبيتهم من صيادي مركز الوقف ودشنا، وتتلقى طلباتهم إما من خلال اللقاء أو التليفون، مشيرة إلى أن كونها الوحيدة التي تعمل في تلك المهنة وجودة عملها جعل زبائنها يأتونها من كل مكان.
لا تتمنى الحاجة نعمات سوى ثلاجة وبوتاجاز لمنزلها، كما تحلم بأداء مناسك العمرة، إلا أن ضيق الحال جعل ما تتمناه صعب المنال - بحسب قولها-.