في عيد العمال.. هل تخوف تشارلي تشابلن من الذكاء الاصطناعي؟
في ذكرى عيد العمال.. نتذكر فيلم تشارلي تشابلن Modern Times أو الأزمنة الحديثة 1936، وهو فيلم صامت من تأليف وإخراج وموسيقى تشارلي تشابلن، لا يقف عند حافة الثلاثينيات الأمريكية، بل يتخطى الزمان والمكان، بلغة سينمائية بليغة ليعبّر عن اليوم ويتنبأ بالمستقبل.
فيلم تشارلي تشابلن الأزمنة الحديثة
يعيش العامل اليوم في صراع دائم مع التكنولوجيا، فهو يركض خائفا ليجاري سرعتها وإلا تخطته وفرمته، وقد يستغله صاحب العمل، فيستنفد صحته وعمره.. وقد تكون وظيفته مهددة بالانقراض خلال السنوات المقبلة، أو انقرضت بالفعل بسبب الذكاء الاصطناعي.
يتناول فيلم الأزمنة الحديثة لـ تشارلي تشابلن سطوة التكنولوجيا الحديثة واستعبادها للعمال في ثلاثينيات أمريكا إبان فترة الكساد الاقتصادي، حيث يعمل تشابلن على آلة تجميع في مصنع حديد، يقف على سير سريع ممسكا بمفتاحي صواميل في كلتا يديه، يربط الصواميل بحركة آلية سريعة، لا يستطيع أن يجاري سرعة السير.
شارلي شابلن
تؤثر الآلية الصناعية الهائلة في العامل شارلي شابلن وتصيبه بالتوتر ويفقد السيطرة على نفسه، ويتحول إلى آلة، فلا يستطيع التوقف عن ربط الصواميل حتى بعد انتهاء العمل.
وفي إحدى المرات يغفل شارلي شابلن في أثناء عمله فتسحبه الآلة على السير، ويلف مع التروس وهو ما زال يربط الصواميل، في تصوير صريح لتحول العامل إلى ترس.
فيلم الأزمنة الحديثة
ويصور الفيلم استغلال صاحب العمل للعامل؛ فهو يأمر بزيادة سرعة السير لكي يزداد الإنتاج.. حتى في وقت الراحة عندما يدخن تشابلن سيجارة في الحمام يظهر له صاحب المصنع على شاشة يأمره بعدم التلكؤ والعودة إلى العمل، وفي وقت استراحة الغداء يختار صاحب المصنع تشابلن ليجرب عليه اختراعا حديثا يطعم العامل آليا أثناء عمله ما سيوفر وقت استراحة الغداء ويزيد من إنتاج المصنع.. فتتعطل آلة الطعام وتنهال على تشابلن بلكمات وهو مقيد أمامها يعجز عن تفاديها.
وتنتصر الآلة الحديثة في النهاية حين يصاب تشابلن بانهيار عصبي ويروح ضحية للزمن الحديث.
ورغم أن الفيلم إنتاج 1936م فإنك تستطيع أن تشاهده اليوم وتدرك كم كان تشابلن سابقا لزمانه متنبئا بالمستقبل.. أراد تشابلن أن يقول إن التكنولوجيا الحديثة تُحول العامل إلى آلة، ثم تقضي عليه، وتحل محله، ومع التطور سيفقد العامل وظيفته، وهذا ما يعيشه العامل في الزمن المعاصر، فهو إما ترس في آلة كبيرة مليئة بالتروس، وإما أن وظيفته مهددة بالانقراض خلال شهور أو سنوات بفعل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
العامل اليوم أمامه خياران؛ إما أن يجاري التطور ويحاول اللحاق به ويطوعه لصالحه، أو أن يظل ساكنا فيتجمد ويهلك ويسلم بانتصار الآلة الحديثة عليه.