من الانتحار إلى الاعتزال.. الجماهير والعنصرية أزمة لا تنتهي في ملاعب كرة القدم
دائما ما يخبرونا أن –الكثرة تغلب الشجاعة- وهذه النصيحة عندما يكون أحدهم مقبلا على دخول معركة أمام اثنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك بقليل، فماذا بلاعب كرة قدم قد يدخل في معركة مع ثلاثون أو خمسون أو مائة ألف مشجع داخل ملعب المباراة.
هجوم الجماهير الحاد على اللاعبين وعنصريتهم تجاه البعض منهم، ليس أمرا جديدا ولكنه من قديم الأزل وفي السنوات الأولى من كرة القدم، ولكنها ظاهرة تواصل التزايد بشكل غير آدمي يدفع اللاعبين إلى الاعتزال نهائيا من شدة هذه الانتقادات، بل وقد تدفع البعض إلى الانتحار أحيانا.
فينيسيوس جونيور آخر ضحايا العنصرية
ويعتبر البرازيلي فينيسيوس جونيور نجم فريق ريال مدريد، هو آخر ضحايا عنصرية الجماهير في ملاعب كرة القدم، بعدما تعرض أمس الأحد إلى هتافات عنصرية من جماهير فالنسيا خلال مباراة الفريقين على ملعب ميستايا في الدوري الإسباني.
وحيث أقدم أحد جماهير فالنسيا على تشبيه فينيسيوس بالقرد، ليثير غضب وحزن اللاعب بشدة ويصرخ في لاعبي الخفافيش، مؤكدا أنه رأى المشجع الذي قام بهذا التصرف، ولكن نشبت مشاجرة حادة بينه وبين لاعبي الفريق الخصم، انتهت بقيام حكم المباراة بطرد اللاعب البرازيلي من اللقاء ليتعجب اللاعب بشدة من هذا القرار، ويخرج من الملعب مسيطرا عليه الحزن.
وكشفت تقارير صحفية إسبانية، ما قاله النجم البرازيلي عقب هذه الواقعة، حيث أكد أنه لن يلعب كرة القدم في إسبانيا مرة أخرى إذا لم يحصل على حقه، ليجد دعم كبير من لاعبي ريال مدريد بالكامل وكارلو أنشيلوتي مدرب الميرينجي، وحتى الاتحاد البرازيلي لكرة القدم الذي أصدر بيانا رسميا يؤكد خلاله دعمه للاعب وغضبه من العنصرية المتزايدة.
انتحار نجم ناسيونال بسبب الجماهير
ومثلما قلنا هناك لاعبين يدفعهم انتقاد الجماهير العنيف أو عنصريتهم إلى الاعتزال مثل فينيسيوس، هناك لاعب دفعه الأمر إلى الانتحار، مثلما حدث مع أبدون بورتي نجم فريق ناسيونال أحد أكبر أندية أوروجواي.
كان بورتي أحد نجوم ناسيونال وأحد عاشقي الفريق، حيث انضم لهم في 1911، وهو في سن الثامنة عشر قادما من صفوف ليبيرتاد، وتألق مع الفريق بشكل كبير جدا خلال 6 سنوات تقريبا وحصد معهم 19 لقبًا، في حوالي 200 مباراة.
وأبهر بورتي الجماهير بشكل كبير جدا حتى صار قائد فريق ناسيونال، وظل حبه للفريق يتزايد، ولكن بشكل مفاجئ تراجع مستواه وبدأت الجماهير تنتقده بشدة، بل وخرج من التشكيل الأساسي للفريق وظل على أمل أن يعد مرة أخرى وبالفعل قد كان وحصل على الفرصة مرة أخرى.
وظل سوء الحظ يطارد بورتي، ولم يتمكن من العودة لمستواه في الدفاع أو حتى الهجوم، بل وسخرت منه الجماهير بشكل كبير وقالو "حتى السلحفاة يمكننا المرور منه"، وبدأ اللاعب يشعر أن نهايته اقتربت مع فريقه بعدما تعاقدوا مع بديل له، وخاض آخر مباراة له في 4 مارس 1918، وبالرغم من فوز فريقه لم يحتفل مع اللاعبين لأنه كان يعلم أنها المباراة الأخيرة له.
ولكنها لم تكن المباراة الأخيرة لنجم ناسيونال في الملاعب ولكن في حياته، فقد توجه في الواحدة صباحا إلى ملعب جران بارك الخاص بالنادي، والذي كان شاهدا على كل إنجازاته وتألقه في اللعبة، وأطلق على نفسه رصاصة في منتصف الملعب بعدما طفح به الكيل، لينهي حياته داخل الملعب الذي لمعت فيه حياته، دون أن يشعر به أحدا في ذلك الوقت.
وعثروا على جثة بورتي فجر نفس اليوم، في منتصف الملعب وهو يحمل في إحدى يديه المسدس الذي انتحر به، واليد الأخرى كان بها رسالة إلى خوسيه ماريا رئيس نادي ناسيونال يوصي فيها على عائلته، ليكتب واحدة من أحزن القصص في كرة القدم، والتي كان بطلها هجوم الجماهير الحاد.
بالوتيلي وآخرين
وبالطبع هناك الكثير جدا من القصص الحزين في كرة القدم بسبب انتقاد الجماهير والعنصرية، ولعل واحدة من أشهرها أيضا هي العنصرية التي كان يتعرض لها ماريو بالوتيلي الذي لعب لصالح العديد من الأندية الكبرى مثل مانشستر سيتي وليفربول وإنتر ميلان وميلان وغيرهم.
ودائما ما يرتبط اسم بالوتيلي بالعنصرية التي تعرض لها داخل مختلف الملاعب، ودخوله في العديد من المشاجرات مع الجماهير أو خروجه من الملعب باكيا بسبب الهتافات ضده، حتى اختفى بشكل مفاجئ عن الأضواء، وأيضا انتهت قصة لاعب تنبأ له الكثير بأن يكون أحد نجوم اللعبة.
ومثلما قلنا هناك الكثير والكثير من الأزمات التي تسببت فيها الجماهير سواء بسبب الانتقادات أو الهتافات غير اللائقة أو العنصرية، ولكن كانت هذه أشهرهم وهناك الأشهر بالطبع سواء كانت اعتزال أو هجوم مباشر على الجماهير مثل ركلة إيريك كانتونا نجم مانشستر يونايتد إلى مشجع كريستال بالاس، أو قيام بعض اللاعبين برفع الحذاء إلى الجماهير أو الاشتباك معهم، أو قد يصل الأمر إلى أزمات كبرى بين الجماهير وبعضها البعض تنتهي بكوارث.
هل سينتهي الأمر
وسيظل السؤال الأهم الذي يجب أن يدور في ذهن جميع من يهتم بهذه اللعبة أو بالرياضة عمومة، هل يمكن أن ينتهي هذا التعصب من الجماهير ويكتفون فقد بالذهاب للملعب من أجل الاستمتاع بالمباراة ومتابعة كرة القدم فقط، أم سيظل هذا الوضع سائد وسيظل يؤذي المزيد من اللاعبين، ونرى قصص حزينة أخرى، وسببها أن اللاعب يجد نفسه أمام عدد غفير جدا لن يتمكن من التعامل معه لأنه مثلما ذكرنا “الكثرة تغلب الشجاعة”.