رسالة من قلب الحوار الوطني إلى وزير التربية والتعليم
شاهدت في قاعة الحوار الوطني المناقشات الدائرة حول التعليم قبل الجامعي، وأن التعليم سبب رئيسي لنهضة الأمم وتقدمها، وهناك تجارب ملهمة لدول وضعت نصب أعينها التعليم أولًا لأن بناء الإنسان هو من يبني الأمم.
فتجربة سنغافورة ومافعله لى كوان يو، الذي حقق معجزة ونقل بلاده من دولة فقيرة إلى دولة من العالم الأول، وتذكرت جملة جاك شيراك رئيس فرنسا السابق، عندما قال عجيب أمر سنغافورة التي تحولت في 30 عامًا إلى بلد راق، ومن يريد معرفة ذلك فعليه النظر إلى لي كوان، الذي نجح في تحويل المدينة إلى دولة وجمع حوله العقول اللامعة، واستطاع أن يهتم بالتعليم ومحاربة البطالة فكانت سنغافورة.
بالأمس، كنت أقرأ إحدى الصحف الورقية وفيها تصريح للسيد وزير التربية والتعليم الفني رضا حجازي يقول فيه، إن الوزارة حريصة على تطوير قطاع التعليم الفني والتدريب المهني لدوره المهم في دعم الصناعة المصرية، وذلك بما يتفق مع توجيهات القيادة السياسية بضرورة الاهتمام بتطوير كل جوانب منظومة التعليم الفني، وفقا لمعايير الجودة العالمية وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، ويساهم بشكل كبير في زيادة الانتاجية، وتحسين مستوى الاقتصاد المصري لدفع عجلة التنمية والبناء.
يا معالي الوزير نحن ليس لدينا تعليم في المدارس الحكومية وليس لدينا تعليم فني حقيقي، حضرتك تستطيع الذهاب إلى أي مدرسة فنية في زيارة مفاجئة وانت ترى الواقع والمأساة، كفانا تجميلا للمشهد وكفانا تصريحات وردية، يجب أن نواجه أنفسنا ومشاكلنا حتى نستطيع أن نحلها ونتجاوزها.
الطالب في المدارس الفنية يدرس موادا ثقافية مثل الكيمياء والفيزياء والرياضة واللغة الإنجليزية والعربية وبيدرس مواد نظرية طبقا لأقسام: تبريد وتكييف، سيارات، تشكيل معادن، أثاث معدني، ميكانيكا، زخرفة، إلكترونيات، كهرباء وغيرها طبقا للأقسام المتاحة.
ومن المفترض أن يكون لدينا خريجون طبقا للأقسام مؤهلة ومتدربة ودارسة عمليا ونظريا بل ومؤهلة لسوق العمل وسد فجوة العجز في الفنيين وهذا لا يحدث في الحقيقة.
فهل يقدم لتلك المدارس الدعم المالي لتشغيل تلك الورش وصيانة الآلات وشراء المعدات التعليمية والخامات.
بل يجب أن يكون السؤال هل الطلاب يتم تدريبهم أصلا في حصص العملي داخل الورش، أم يتم قضاء ذلك الوقت في نضافة وصيانة المعدات اللي المدرس نفسه بيعتبرها عهدة شخصية وخايف عليها من التلف فيجازي ويخشى من تشغيلها للطلبة.
وهل أصلا المدرس مؤهل ولديه خبرة كافية للقيام بدوره؟
وهل هناك بروتوكول للتدريب العملي الإلزامي مع المصانع بمختلف أنشطتها المتوافقة مع برنامج الدراسة؟
التعليم الفني يجب أن يكون هو محور اهتمام الدولة، لأنه كان السبب الرئيسي في تقدم دول صناعية كبرى مثل ألمانيا – اليابان – الولايات المتحدة – فرنسا – الصين – كوريا... الخ.
لهذا نؤكد أن التعليم الفني بمصر في أزمة وليس كما يقول معالي الوزير وقد يكون قصده أنه يتمنى أن يحقق ما قاله ونحن معه نتمنى أن يكون كذلك.
فخريجونا غير مؤهلين لسوق العمل ولا المدرس مؤهلا لا تعليميا ولا تربويا ولا فنيا بالشكل الصحيح الذي يحقق نجاح تلك المعادلة لخلق تنمية وصنع كوادر فنية مدربة ومؤهلة.
إذا أردتم معرفة الواقع فلتذهبوا وتشاهدوا المدارس على الطبيعة وتحاوروا الطلبة وقتها ستشهدون الحقيقة البعيدة كل البعد عن أمنيات الوزير.
ولا أنكر أن هناك مدارس فنية مرتبطة ببعض الشركات الكبرى وهي تجربة محترمة ونتمنى أن تزداد لأن البناء يحتاج لتلك الأفكار التي تدعم خطط التنمية والتقدم.
نحلم بمصر ناهضة وجاء الوقت ليكون الحلم حقيقة وأن ينتهي زمن الأمنيات ونعامل مع واقعنا لنطوعه لأحلامنا.
حفظ الله مصر