شحاتين بدرجة رجال أعمال.. مليونيرات يتخفون تحت عباءة التسول
ما من بقعة في الأرض، إلا وتجد متسولًا يحرسها، يتخذها منطقة عمله، يرتدي ثوبًا رثًا، ويطلق لحيته، ويمتنع عن قص شعره، وربما غالى في ذلك فربط ذراعه خلف ظهره، أو ثنى إحدى قدميه، كي يظهر عاجزا مبتور أحد أطرافه، أو ربما علق قسطرة أو كانيولا، وأمسك في يديه تقريرا طبيا يفيد باحتياجه لعملية جراحية عاجلة باهظة الثمن، أو اتكأ على عكاز أو عكازين، أو حتى جلس على كرسي متحرك، المهم من خلف كل ذلك، هو يريد الوصول لهدف واحد، وهو الحصول على بعض الجنيهات من جيوب المارة، الذين رأفوا بحاله أو عزموا على إخراج الصدقة فتقابلوا معه، أو خشوا رد فعله فقرروا أن الابتعاد عن أذاه.
لم يقتصر التسول على الجنس أو السن، فالكل من رجال ونساء وأطفال اتخذ سبيل الشحاذة، كي يحقق جني الأموال بالطريق السهل، حتى وإن كلفه الأمر التعرض لحرارة الشمس أو قرصة البرد حينًا، وللتعدي بالسب أو الضرب حينًا آخر، لكن الغريب في الأمر أن هؤلاء المتسولين لا يكتفون بتحقيق مبلغ معين، فمهما جمعوا وجنوا من الأموال، فهم في رغبة للمزيد، ولم يتبدل حالهم أو مظهرهم، فهم كما هم بثياب رث ورائحة عفنة، ومنظر تشمئز منه الأبصار، ولو أصبحوا من أصحاب الملايين.
تلاحظ في الفترة الماضية عبر الصور ومقاطع الفيديو المتداولة داخل منصات مواقع التواصل الاجتماعي، التطور التكنولوجي الذي شهده عقول هؤلاء المتسولين، فالبعض منهم فتح حسابات بالبريد، والآخر أنشأ عدة حسابات بنكية، ومنهم من جمد أمواله في سبائك الذهب، أو من حولها لدولارات ويوروهات، ما أثار حفيظة المواطنين، الذين اكتشفوا تعرضهم للخدعة الموجودة من قديم الأزل، لكنهم رأوها بأعينهم تلك المرة، وهي المبالغ المالية الطائلة التي تعدت الملايين في بعض الأحيان في جعبة أولئك المتسولين.
خرجت علينا وزارة الداخلية اليوم بخبر القبض على متسول بمصر القديمة، جمع مبالغ مالية ضخمة من التسول، واستجداء المارة، وهو يجلس على كرسي متحرك، ووقع في فخ تعاطي المخدرات، حتى قبض عليه متلبسًا، بتلك الأموال والعقاقير وبطاقات الدفع الإلكتروني التي تكتظ بالأموال، وقبلها تم القبض على متسول طنطا الذي دمعت من أجله العيون، لفقره واتخاذه الشارع سكنًا، حتى تم اكتشاف حصوله على معاش شهري قيمته 8 آلاف جنيه، ولا ننسى المتسول الأشهر الذي توفي وسط العاصمة وهو يحمل حقيبة في يده بداخلها 2 مليون دولار.
في النهاية نقول إن التسول صنعة ابتدعها الكسول قليل الحيلة، الذي وفر طاقته وابتعد عن مجهود العمل، واستغل بدلًا من ذلك، حيله ومحايلاته وتخفيه في عباءة المقهور المظلوم المحتاج، والصحيح أننا أمام هؤلاء نحن المحتاجين، فثرواتهم تخطت الملايين، ولديهم من العقارات والأراضي ما يؤهلهم للدخول في سوق العمل كرجال أعمال، وإذ توفر الدولة والأشخاص، العديد من الجمعيات الخيرية والأهلية والشرعية، التي نفحص وتدقق وتعرف من المحتاج ومن المدعي، وتعطي كل ذي حق حقه، دون أن يستجدي أحد، فهي الأول بإيداع النفقات.