الأحد 17 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ما حكم تحويل المقابر إلى مساكن؟.. الإفتاء تكشف

المقابر- أرشيفية
دين وفتوى
المقابر- أرشيفية
الثلاثاء 30/مايو/2023 - 09:36 ص

أجابت دار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد إليها من أحد المتابعين، نصه: يوجد لدينا في قريتنا المقابر تحفُّها المساكن من كل اتجاه، فهل يجوز هدم هذه المقابر ونقلها إلى مكان خارج القرية ويصبح مكان هذه المقابر المساكن؟

ما حكم تحويل المقابر إلى مساكن؟.. الإفتاء تكشف

وقالت الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني في فتوى سابقة: لا يجوز هدم هذه المقابر ونقلها إلا إذا تأكد أن أجساد المقبورين فيها قد اندرست وبَلِيَت عظامُهم واستحالت ترابًا، وبشرط أن يكون للناقل حق التصرف في الأرض، وألَّا يكون في ذلك مخالفة قانونية، ويستثنى من ذلك مقابر العلماء والأولياء والصالحين؛ فلا يجوز التعرض لها.

وأضافت الإفتاء: كَرَّم اللهُ تعالى جِنسَ الإنسان بأنواع التكريم فجعله نَفيسًا غيرَ مبذول، قال الله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا، الإسراء: 70، وكان مِن تكريم الله لعباده حال كونهم أمواتًا هدايتهم للتدافن، كما قَصَّ الله تعالى علينا ذلك في قصة ابنَي آدم، وفيها: فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ، المائدة: 31، فكان ذلك مِن جُملَة نِعَم الله على بني آدم؛ قال تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ۞ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، المرسلات: 25-26، أي: أنعمنا عليكم بتسخير الأرض لمصالحكم فجعلناها كِفَاتًا لكم؛ أي: ضامَّة لأجسادكم فوق ظهرها حال حياتكم وفي جوفها حال موتكم، فكما أنَّ من نعم الله على عباده الأحياء أن أسكنهم الدور والقصور، فمِن نعمه على الأموات أن أسكنهم القبور؛ رحمة في حقهم، وسترًا لأجسادهم أن تكون بادية للسباع وغيرها، ومانعة من تأذي الأحياء بالرائحة ونحوها.

وأكملت الإفتاء: والدفن في الشريعة المطهرة يُعَدُّ مِن فروض الكفايات، وفرض الكفاية هو: كُلُّ مُهِمٍّ ديني يُراد حصوله ولا يُقصد به عَين مَن يتولاه، بحيث إنه إذا فعله مَن فيه كفاية سقط الحَرَجُ عن الباقين، وإن تركوه جميعًا أَثِمُوا جميعًا؛ قال الإمام النووي في المجموع: غُسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فروض كفاية بلا خلاف.

وأوضحت: والمسلم إذا دُفن في موضع من المواضع الجائز الدفن فيها كان هذا الموضع حبسًا عليه ما دامت بقايا جسده قائمة لم تتحلَّل ولم تَستَحِل عظامُه إلى الصورة الترابية إلا لضرورة، ولا ينحلُّ هذا الحبس إلا بتحلُّل الجسد والعظام تمامًا بحيث يصير ترابًا.، مضيفة: قال العلامة الخرشي المالكي في شرحه على مختصر خليل: القبر حَبسٌ لا يُمشى عليه ولا يُنبَش.

وذكرت الإفتاء، أن نقل المقبرة إذن له صورتان:

- الصورة الأولى: 

  • وفيها يكون المقبور لم تَتَحَلَّل بقايا جسده ولم تَستَحِل عظامُه إلى الصورة الترابية، فالأصل حينئذٍ هو حُرمة نقله؛ لما في ذلك مِن انتهاكٍ لحرمته، وقد وردت الشريعة المطهَّرة بتعظيم حرمة الميت؛ فروى أبو داود وابن ماجه وغيرهما عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كَسْرُ عَظمِ الْمَيِّتِ كَكَسرِهِ حَيًّا، يعني: في الإثم، قال العلامة الطِّيبي في شرح مشكاة المصابيح: فيه دلالة على أن إكرام الميت مندوب إليه في جميع ما يجب كإكرامه حيًّا، وإهانته منهيٌّ عنها كما في الحياة.
  • وقال العلامة ابن الحاج المالكي مُعَلِّقًا على الحديث في كتابه المدخل: وذلك عامٌّ في العَظم وغيره قَلَّ أو كَثُر، فكُل ما لا يَليق به في حال حياته لا يُفعل به بعد مماته، إلا ما أَذِن الشرع فيه، وما لم يأذن الشرعُ فيه فيُمنَع على كل حال.
  • وقال فيه أيضًا (2/ 18، 19): العلماء رحمة الله عليهم قد اتفقوا على أن الموضع الذي دُفِن فيه المسلم وَقفٌ عليه ما دام منه شيء ما موجودًا فيه حتى يَفنى، فإذا فني حينئذٍ يُدفن غيره فيه، فإن بقي شيءٌ ما من عظامه فالحرمة قائمة كجميعه، ولا يجوز أن يُحفَر عليه ولا يُدفن معه غيره، ولا يُكشف عنه اتفاقًا إلا أن يكون موضع قبره قد غُصِب.
  • وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: يحرم نبش القبر قبل البِلى عند أهل الخبرة بتلك الأرض؛ لهتك حرمة الميت.

- الصورة الثانية: 

  • أن يكون المقبور قد اندرس جسده وبَلِيَت عظامه واستحالت ترابًا، وحينئذٍ يجوز نقل المقبرة؛ بمعنى أن يدفن في غيرها من الأماكن، ويوقف الدفن فيها، ويمكن حينئذٍ أن ينتفع بها بوجه من وجوه الانتفاع الجائزة، وذلك بشرط أن يكون للناقل حق التصرف في الأرض، وألا يكون في ذلك مخالفة قانونية، فلا بد من الرجوع إلى القانون المنظِّم لهذا الأمر.
  • قال الإمام الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق: ولو بَلِيَ الميت وصار ترابًا جاز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء عليه، اهـ.
  • وقال الإمام النووي الشافعي في شرح المهذب: يجوز نبش القبر إذا بَلِيَ الميت وصار ترابًا، وحينئذٍ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض وبناؤها وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وإن كانت عارية رجع فيها المُعِير، وهذا كله إذا لم يَبقَ للميت أثر من عَظم وغيره، قال أصحابنا رحمهم الله: ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض، ويُعتَمَد فيه قول أهل الخبرة بها.
  • وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني: وإن تيقَّن أن الميت قد بلي وصار رميمًا جاز نبش قبره ودفن غيره فيه، وإن شك في ذلك رجع إلى أهل الخبرة.
     
تابع مواقعنا