أقدم مكوجي رجل في المنيا: ضهري اتحنى ونفسي أسجد في الكعبة
تعددت المهن التراثية التي قادها الزمن إلى الشيخوخة حتى أوشكت على الاندثار، ولكنها صامدة رغم كل الحقب الزمنية التي انهكتها في ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي غزا العالم بقوته، ومن هذه المهن هي المكوجي الرجل، التي تعد من المهن الدقيقة التي لا تقبل الخطأ، لكونها ثقيلة في الوزن وتحتاج إلى معاملة خاصة لدرجة حرارتها العالية، ومن هذا السياق تكشف السطور التالية بطل قصتنا الذي ما زال محتفظا بتاريخ هذه المهنة داخل محل ينبعث منه رائحة عبق التاريخ.
تجاعيد تملأ الوجه، وظهر منحنٍ، وآلام أنهكت قدمه، أنه عبد الرحمن حسن إسماعيل وشهرته العم عوف، في العقد الثامن من عمره والكائن بمدينة المنيا، ورث هذه المهنة من والده وأجداده الذين تخصصوا في مهنة المكوجي الرجل، كان من زبائنه الباشوات وعمد البلاد الذين كانوا يأتون من كافة البلاد والقرى، ويعكسون قيمة وأهمية هذه المهنة في تلك الحقب الزمنية.
المهنة أوشكت على الاندثار، بهذه الكلمات بدأ العم عوف حديثة لـ القاهرة 24، قائلا: إن المهنة الان تغيرت وتطورت عن زمان في ظل وجود المكواة البخار والمكواة الكهربائية، وتعد أسهل وأسرع من المكواة الرجل التي تزن ما يقرب من 25 كيلوجرام، بجانب أنواع الملابس الحديثة التي تختلف عن نوع الملابس في العصور السابقة المتمثلة في الجلباب البلدي والقفطان، والعباءات، إضافة إلى البدل الصوف الخاصة بالباشوات آنذاك.
نفسي أزور بيت الله الحرام، وكل منحني للمكواة أشوف كسوة الكعبة قدام عينيه، أضاف العم عوف، أنه في هذه المهنة منذ عام 1945، وعاصر جميع العملات المختلفة التي كانت لها قيمة في هذه الحقب الزمنية مثل: المليم، القرش، التعريفة، النكلة، مشيرا إلى أول مبلغ جمعه هو 50 قرشًا، واتقن هذه المهنة من والده، واستطاع أن يتزوج وينجب 7 أبناء بينهم ولد وحيد هو الذي يرث المهنة، وبعد هذه الرحلة الشاقة كل ما انحني للمكواة أشوف كسوة الكعبة قدام عينيه، ونفسي أزور بيت الله الحرام.
وعن وضع المكواة الرجل الآن قال عم عوف: إن الأوضاع اختلفت عن السابق في الزبائن والأسعار، حتى أصبح سعر القطعة يصل إلى 10 جنيهات، ولم يغطِ التكلفة الحقيقية لثمن الغاز الذي يتم استخدامه في عملية تسخين المكواة لتجهيزها لعملية كي الملابس.
واختتم عوف حديثه لـ القاهرة 24، بمناشدة إلى المسئولين في محافظة المنيا وخارجها بمساعدته في الحصول على تأشيرة حج أو عمرة بعد رحلة الشقاء التي عاشها، وأفنى فيها سنين عمره في مساعدة والده وتربية أبنائه، حتى وصل بهم إلى بر الأمان، وأدى رسالته كما يجب أن تكون من الكفاح.
اقد مكوجي في المنيا العم «عوف»
اقدم مكوجيةفي المنيا
