الإعلام الرياضي والتعصب الأعمى
قادني حظي للجلوس مع مجموعة من الأصدقاء المهتمين بالرياضة، وتطرقنا للخطاب الإعلامي الرياضي الذي ينطلق في كثير من الأحيان على التشكيك ونظرية المؤامرة، لأن داخل كل إعلامي وناقد رياضي "مشجع متعصب"، ويزعم أن ناديه مظلوم ومستهدف ومضطهد، بالرغم من أن بعض الفرق الجماهيرية الكبيرة لها الآلة الإعلامية التي تروج لها، وتتغاضى عن أخطائها، وتصنع منها المعجزات الرياضية وتهاجم الفرق المنافسة وتخشى أن تصارح الجمهور بكشف المستور.
إن التعصب الرياضي الأعمى يقود المنظومة إلى طريق كله أسلاك شائكة ومعقدة وجمهور متحفز ومتعصب دائما، فهذا الخطاب الإعلامي لن يساهم أبدا في محاربة التعصب، لأنه في كثير من الأحيان يطالب بتطبيق اللوائح والقوانين ولكن على الآخرين، وإذا طبقت على ناديه ينقلب عليها ويرفضها بل ويهاجمها!
لذلك لا بد من وضع ضوابط مهنية وأخلاقية تمنع الطرح الإعلامي الذي يغذي التعصب، ويخلق بيئة غير نظيفة في التعامل مع الروح الرياضية، ويعتبر الإعلام الرياضي المهني شريك أساسي في النهوض بالمنظومة الرياضية وتنوير الرأي العام المهتم بالرياضة، لذلك عليه دور كبير في نبذ التعصب والأخذ بيده للارتقاء بالمنظومة الرياضية ولا يكون سببا في زيادة التعصب بين الجماهير المصرية، وكان القرار الصائب بعودة الجماهير للمدرجات حتى تزيد الألعاب الرياضية متعة وإثارة، ولكن أشعر أن البعض لا يريد للمنظومة أن تنهض ولا الجماهير أن تستمتع ويزيدون من اشتعال الفتن، وافتعال المشاكل تلو الأخرى وكأنهم أوصياء على الرياضة المصرية.
فالرياضة أخلاق ورقي، هكذا تعلمنا منذ قديم الأزل فإذا ذهبت الأخلاق والقيم الإنسانية فلا تنتظر رياضة ولا منافسة شريفة، ودور الإعلام كبير في الحد من تلك الظواهر السلبية التي تجتاح المتعصبين، حتى يساهم في تحقيق الأمن بمفهومه الشامل، حيث تعد الرياضة من الركائز الأساسية في إضفاء المتعة وتفريغ الطاقات لدى الجمهور المهتم بالرياضة.
ولكن للأسف بعض البرامج الرياضية تحولت لساحات من المعارك الكلامية عقب بعض المباريات، وتعليق الشماعات واتهامات متبادلة بين المحللين والخبراء والنقاد، مما يؤثر بالسلب على جمهور الرياضة، أما آن الأوان لمناقشة مشاكلنا الرياضية بعيدا عن الصراخ والعويل والفوضى وشعارات الأندية ومحاربة العشوائية الرياضية.
وعلى مجالس إدارات الأندية أن تتحمل مسؤوليتها تجاه جماهيرها الوافية، فكم من صفقات فاشلة ارتكبت باسم تدعيم صفوف الفرق للاعبين أفارقة ومصريين وعرب دون المستوى تم التعاقد معها من قبل مجالس الإدارات، ثم تذهب تلك الصفقات التي تقدر بالملايين لأدراج الرياح، لا الفرق استفادت منها ولا الجمهور استحسن أدائها وبدلا من مصارحة الجماهير بإخفاق تلك الصفقات والاعتراف بفشلها يذهبون للبحث عن شماعات، مثل التحكيم أو اللوائح والقيد أو الإطاحة بالأجهزة الفنية.
وإذا ذهبنا إلى الحلقة الأضعف في المنظومة الرياضية وهي التحكيم، وما أدراك ما التحكيم له أخطاء كارثية ولكن يتم تضخيمها ولا يجد من يدافع عنه، فليس لدية آلة إعلامية تبرز مجهوداته ولا جمهور يسانده فأصبح "الحيطة المايلة" لتعليق كافة الأخطاء عليه، ونادرا ما نجد مديرًا فنيًا يعترف بخطأ في التشكيل أو الخطة الفنية مع كل هزيمة الشماعة الجاهزة أخطاء التحكيم.
وكذلك المحللين من اللاعبين السابقين دائمي الظهور بالقنوات الفضائية، أسهل شيء لديهم النقد والتهكم، بالرغم من أن الغالبية العظمى منهم عندما تولوا المسؤولية الفنية لبعض الفرق كادت أن تهبط لدوري المظاليم على يديهم، ناهيك عن أنهم لم يحققوا بطولات تذكر مع تلك الأندية، وتنطبق عليهم المقولة الشهيرة "أشوف تحليلك أصدقك.. أشوف أدائك في الملعب أستعجب".
أخيرًا العدل أساس الملك والعدالة بين الفرق الرياضية تخلق المساواة، وبالتالي تصب في مصلحة الفرق القومية المصرية وهو الأساس من تلك المسابقات المختلفة، إذا أردتم النهوض فعليكم بالعدل والمساواة فلا تفرقة عنصرية ولا محاباة لأحد، استقيموا يرحمكم الله.