كل لوحة وراها حكاية.. كيف نسج سامي رافع قصصًا إنسانية على جداريات مترو الأنفاق؟ | حوار
وسط الزحام اليومي وعجلة كل منا في محطات مترو الأنفاق سعيا وراء رزقه، ربما لا يلمح كثيرون الجداريات المرسومة بحرفية ومهارة شديدة على كل محطة، بل قد يظن البعض لوهلة أنها مجرد رسومات عابرة منقوشة لإظهار موهبة الفنان على الحائط، ولكن بنظرة واقعية يدعمها آراء ذوي الخبرة والتخصص نجد انها فن مصري أصيل، حيث تحمل كل جدارية في طياتها قصة وحكاية تتعلق باسم المحطة والمنطقة من حولها، والتي استمر في رسمها الفنان التشكيلي سامي رافع على مدار 7 سنوات كاملة.
الدكتور أشرف رضا، أستاذ الفنون الجميلة وصديق الفنان الراحل سامي رافع، والذي عايشه طوال رحلة رسم الجداريات، كشف قصة 19 محطة بمترو الأنفاق الخط الثاني، ومعنى كل رسمة بها، خلال حديثه الخاص مع القاهرة 24.
وحكى الصديق المقرب للفنان الراحل أنه استغرق نحو 7 سنوات، لرسم 19 جدارية بمحطات مترو الأنفاق، حين بدأ في عام 1996، وانتهى منها عام 2003، فكان يأخذ نحو شهر في كل محطة، حتى يتجول في المنطقة، ويتسامر مع أهاليها وبائعيها، من أجل معرفة أهم ما يميز المنطقة، ثم يبدأ في رسم المحطة.
كما أوضح الدكتور أشرف رضا أبرز الأسباب التي دفعته نحو ذلك، وهي أن يتمكن الأشخاص الأميين من معرفة المحطة وربطها بالجدارية المرسومة، فعلى سبيل المثال، رسم جدارية جامعة القاهرة بالكتب والمراجع والأقلام، في إشارة إلى الطلاب ودارسي الجامعة.
من أكثر المحطات التي أثارت إعجاب الكثيرين، كانت محطة مسرة، حيث تنطوي الجدارية الخاصة بها على قصة إنسانية بالمنطقة، فرسم رافع جدارية تعبر عن عين وفم وأذن، وبجانبها كأس يلتف حولها ثعبان، وهي العلامة الأبرز للطب، ويعود ذلك للطبيب حسن كامل، أخصائي أنف وأذن وحنجرة، فكان من أشهر الأطباء في منطقة مسرة نظرًا لكشفه المجاني على فقراء المنطقة.
سامي رافع، والذي ولد عام 1931 وتوفي 2019، رسم جداريات مترو الأنفاق الخط الثاني، على مساحة 3250 مترا مربعا، وارتبطت كل جدارية اجتماعيًا وتاريخيًا وجغرافيًا بالمنطقة لتحاكي تاريخه.
أما عن محطة الأوبرا، فتميزت برسمة العازفات من الفن المصري القديم، والتي تظهر بها سيدات يمسكن بآلات موسيقية، تعبيرًا عن المحطة، وعن محطة فيصل، فكانت قديمًا عبارة عن منطقة ريفية، فرسم جدارية بها أغنام وفلاحون ومزارع.
واهتم سامي رافع بتمييز محطة العتبة بالوجه الضاحك وكذلك الباكي، تعبيرًا عن المسرح القومي بالمنطقة، ورسم قلبين بمحطة سانت تريزا ليقول إن الله محبة.
أما عن الريشة والألوان والعمود بمحطة الخلفاوي، فهي جدارية اختارها سامي رافع، لتعبر عن كلية الفنون الجميلة بالمنطقة.
كل تلك الرسوم التي صممها الفنان التشكيلي، نُفذت بطريقة صعبة -حسبما وصف رضا- باستخدام السيراميك المُقطع، حتى تكون الجدارية فنية متميزة، تربط المحطة بالبيئة المحيطة بها.
واختتم الدكتور أشرف رضا حديثه واصفا أعمال الراحل قائلا: اسكتشات أصلية أبرزت فنا أصليا غير مقلد.