أهل الثقة وأهل الكفاءة
أهل الثقة وأهل الكفاءة أيهما أولى وأحق بالعمل؟ كثيرون يرون أن الأولى بالعمل هم أهل الخبرة والعلم والكفاءة فقط، فيرد عليهم فريق آخر بأن أهل الثقة فقط هم أولى بالعمل عن غيرهم، وحجتهم ماذا لو الموظف عنده خبرة وخائن للأمانة؟، لكن السيناريو الأكثر ضررا هو الاستعانة بأهل الغباء الذين لا يمتلكون لا الأمانة ولا الكفاءة.
التساؤل لماذا التطرف في الاختيار إما ثقة فقط أو اهل كفاءة فقط؟ هل لا يوجد شخص ثقة وعنده كفاءة؟ فالمفاضلة بين أهل الثقة وأهل الكفاءة تحتاج لمهارة لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فهناك بعض الأعمال تحتاج إلى الصفتين معا، وأعمال لها رقابة صارمة لا تحتاج غير الكفاءة، الأمانة في العمل أمر في غاية الأهمية فلو ارتكب الموظف أخطاء يمكن مسامحته وتقويمه وتصحيح الأخطاء بالتعلم، لكن لو موظف سرق؟ لا يصح التعامل معه، فالأمانة تحتاج إلى تربية وإصلاح البيت وعمر طويل ووقت وتوجيه، هناك أعمال لا تحتاج إلى ثقة وتحتاج إلى كفاءة والعكس صحيح، ولو كانت هناك صعوبة في الجمع بين الصفتين، نختار أهل الثقة الذين يتمتعون بـ 90% من هذه الصفة و10% كفاءة، ومع الوقت تزيد الكفاءة بالتعليم، والمعيار الأهم هو متطلبات الوظيفة ماذا تحتاج.
- القوي الأمين
إدارة الأمور وتولي المناصب لها ركنان اساسيان حددهم القران في الآية "قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمين (26) سورة القصص، ربنا ذكر (القوي) وهو الخبرة و(الأمين) هو صاحب الأمانة، ومن يتولى أمرًا من الأمور وأن الأحق بها هو من توفرت فيه هاتان الصفتان، وكلما كانت المهمة والمسؤولية أعظم، كان التشدد في تحقق هاتين الصفتين أكثر وأكبر، فالقوة في العمل، والأمانة في أدائه على الوجه المطلوب والأولوية لأهل الثقة ذوي الخبرة، وتقديم أهل الكفاءة على أهل الثقة في بعض المواقع وخاصة أن التجارب اثبتت أن غالبية أهل الثقة لم يكونوا على درجة كافية من الكفاءة والتخصص والاحتراف مما يقتل الإبداع والتطوير.
- أهل الكفاءة
الكفاءة هي أداء الأعمال بطريقة صحيحة، والشخص ذو الكفاءة لديه مهارات قوية وقادر على إنجاز عمله بطريقة صحيحة وبإتقان وبسرعة وعلى الوجه المطلوب، أهل الكفاءة دائما يقررون ما يرونه متوافقًا مع العلم والمعرفة وخبرة النجاح ولا يقبلون بما يخالف الحقائق العلمية والمنطق والتجارب الناجحة، وهذه الكفاءة يمكن أن تكتسب عن طريق الممارسة والتعليم وحتى الكفاءة يتم شراءها على عكس الثقة التي لا يمكن شراءها، ويمكن استئجار أهل الكفاءة، مثلا استئجار موظف بشكل مؤقت وفي نفس الوقت لا يمكن استئجار الثقة.
- أهل الثقة
الثقة هي الولاء تجاه شخص أو مؤسسة، ونحتاج مواقف لإثبات هذه الثقة ونحتاج تعاملا مع الشخص بشكل مباشر، والثقة لها عامل نفسي بين الطرفين على عكس الكفاءة لا تحتاج لعوامل نفسية تحتاج لمهارة، والثقة لا تحتاج لشهادة أكاديمية معتمدة، وإنما تحتاج لمن يستحقها أن تثق فيه.. وذلك يتأتى بالاستحقاق وليس بالتقديم.. بمعنى أنك لست من يعطيه الثقة كهبة أو كمجاملة.. بل هو من يفرض عليك استحقاقها منك، وأهل الثقة قد يوافقون رؤساءهم في كل شيء ويقولون لهم «الدنيا تمام»، وهناك البعض “بيشتغل وبيطور من نفسه من مكان عمله”.
أمور تجدها في الشخص الثقة
- بيكون حريص على مصلحتك أو مصلحة الشركة كما يحرص على مصلحته.
- لا يرضى بأكثر مما يستحق من راتب أو امتيازات إضافية، بل وقد يتنازل بإضافة مجهود أو وقت فوق ما يتقاضاه لإنجاح الشركة
- يؤدي مهامه على أكمل وجه مستطاع، ويكون هدفه عموم الخير على الجميع وليس عليه وحده.
- بيحفظ السر ويصون الأمانة لما بحوزته من معلومات أو ماليات وأسرار عمله.
- ينصح ويقيم ويقوم بالنقاش أو الفعل في حدود صلاحياته، ولا يتخذ مبدأ (اربط الحمار زي ما يعوز صحبة).
- الأخلاق والقيم هي الأولى بالاتباع إذا ما تعارض معها فعل أو فكر.. لأن سمعته من سمعة المكان والعكس.
- لا ينحاز إلى أشخاص وإنما للحق دوما، مهما كلفه ثمن دفاعه عن الحق.
- أهل الثقة في العمل ليس المقصود بهم الأقارب أو الأصحاب، والشخص المؤهل للثقة يجب أن يكون كفئا بالأساس ليستحق الثقة، أما من يجامل أصحابه وأقاربه على حساب عمله دون النظر إلى قدراته العلمية والعملية (بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم) وليس المقصود بغض الأقارب والأصدقاء وإنما المعيار ليس من هو الأقرب بل من هو الأصلح، وإذا اجتمع الأقرب والأصلح كان أولى من غيره.
- الأفضل تعيين أهل الثقة ويكون عندهم خبرة، وبلاش يكونوا ثقة فقط بدون خبرة أو خبرة بدون ثقة، فليست كل الأعمال تحتاج إلى أهل الكفاءة فقط ولا أهل الثقة فقط، لكن الاختيار يكون حسبما تحتاج الوظيفة أو المسؤولية، ودائما الإحاطة بالمخلصين أمر مهم، لكن يجب التوازن بين أهل الثقة والكفاءة.. وأفضلهم من هو أهل الثقة الذين لديهم القدرة على التعلم.. وأهل الكفاءة الذين يحفظون العهد ويقيمون الود.