الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

من المجد إلى الفشل ثم اللقب.. كرة القدم ترد اعتبار دافيد مويس

فرحة دافيد مويس بلقب
رياضة
فرحة دافيد مويس بلقب دوري المؤتمر الأوروبي
الخميس 08/يونيو/2023 - 05:47 م

أحيانا كرة القدم تكون عادلة مع من اجتهدوا في حب اللعبة، حتى لو ظلمتهم لفترات طويلة ولم تنصفهم مثلما حدث مع بطل قصتنا، ولكن يأتي وقت تبتسم وتقدم هدية تمحي كل لحظات الحزن التي سببتها بنفسها في الماضي.

فرحة هستيرية في نهائي دوري المؤتمر

وشاهد الجميع أمس الأربعاء 7 يونيو، تتويج فريق وست هام يونايتد، بلقب دوري المؤتمر الأوروبي، بهدف قاتل ضد فيورنتينا في مباراة النهائي التي انتهت بنتيجة 2-1، على ملعب إيدن أرينا في التشيك.

ولم تكن لقطة فوز وست هام باللقب الأوروبي بعد غياب النادي عن منصات التتويج منذ موسم 79/80 هي الأبرز، لكن كان التركيز كله على الفرحة الهستيرية التي ظهرت على دافيد مويس مدرب الهامرز، عقب إطلاق حكم المباراة صافرة النهاية.

مويس صاحب الـ60 حصد أخيرا أول لقب أوروبي له طوال مسيرته التدريبية التي وصلت إلى 25 عاما، يقف فيها على الخط الخارجي للمستطيل الأخضر، ويحاول خلالها تحقيق إنجاز يخلد ذكراه ويضع اسمه في كتب تاريخ اللعبة.

احتفال دافيد مويس مع والده

وظهر اجتهاد ومحاولات مويس طوال فترة تدريبه، على فرحته الشديدة أمس التي أوضحت أن اللعبة أنهكت هذا الرجل، لدرجة وصلت إلى عدم تصديقه أنها أخيرا أنصفته، لينسى كل شيء ويركض ويرقص داخل الملعب وفي غرف الملابس، ويحرص على حضور والده صاحب الـ87 عاما ليحتفلا معا بالإنجاز الذي يحمل بداخله قصة طويلة.

المجد في بداية الرحلة والترشيح للمنتخب

لم يكن مويس لاعبا مميزا؛ فقد قضى مسيرته ما بين أندية إسكتلندا وإنجلترا؛ حيث بدأ في سيلتك عام 1980، واعتزل في بريستون عام 1998، الذي تولى تدريبه أيضا فور اعتزاله وشارك معه في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي، واستمر معه حتى 2002، وقاد فريقه في 189 مباراة ما بين الدوري وكأس الرابطة الإنجليزية، فاز في 94 مباراة، وتعادل 44 وخسر 51.

واستمر مع بريستون حتى آخر مباراة في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي من موسم 2001/2002، رحل مويس عن فريقه ليتولى تدريب إيفرتون في 14 مارس 2002، ويبدأ في صناعة اسمه في الكرة الإنجليزية بشكل واضح.

وظل دافيد مويس مدربا لفريق إيفرتون لمدة 11 عاما منذ 2002 حتى 2013، حقق معهم العديد من الأرقام القياسية، فقد جعل التوفيز فريق منافس مع كبار البريميرليج الجميع يحذره، بل وتمكن من حجز مقعد في البطولات الأوروبية، في وقت صعب كان غريمه في المدينة ليفربول هو المسيطر الأكبر.

دافيد مويس مع إيفرتون

وقاد دافيد فريق إيفرتون في 518 مباراة بمختلف المسابقات – أكثر فريق لعب معه مباريات في مسيرته- وفاز في 221 لقاء منها، بينما تعادل في 133 وخسر 164 لقاء، وكان فريقا منظما ويسبب خطرا لكبار الدوري، ووصل إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2009 ولكن تعرض إلى الخسارة على يد تشيلسي بنتيجة 2-1، بخلاف وصوله أكثر من مرة إلى الأدوار الإقصائية من البطولة ذاتها وكأس الرابطة، بخلاف مشاركاته الجيدة في البطولات الأوروبية.

كما فاز أيضا بجائزة أفضل مدرب في إنجلترا ثلاث مرات، في أعوام 2003، و2005، و2009، بل ووصل الأمر إلى أنه كان أحد المرشحين لقيادة منتخب إنجلترا في يورو 2012.

اكتشاف الأساطير وعلى رأسهم روني وأرتيتا

وبدأ اسم مويس يلمع بشكل كبير في الدوري الإنجليزي وأوروبا بشكل عام؛ بسبب الأداء والنتائج المميزة للتوفيز تحت قيادته، بالإضافة إلى اكتشافه للعديد من النجوم على رأسهم وأين روني، وميكيل أرتيتا، وتيم كاهيل، وجوليون ليسكوت، وستيفن بينار، ومروان فيلايني، وغيرهم.

مويس وأرتيتا

والجميع يعلم قصة انتقال كل لاعب من هؤلاء إلى نادٍ آخر غير إيفرتون وأصبحوا أساطير اللعبة، ولكن الجزء الذي يجب الوقوف عنده هو انتقال روني إلى مانشستر يونايتد في 2004، ليقدم مويس ضده دعوة قضائية هو وناشره بسبب الملاحظات التي وردت في سيرته الذاتية، ولكن تم حل الأمر بينهما خارج المحكمة.

مويس وروني

فشل بدون ذنب في يونايتد

وبعد كل هذه الأرقام المميزة مع إيفرتون التي لم تتوج في النهاية بلقب في قصة محزنة، جاءت لحظة أخرى حزينة لـ مويس بالرغم من ظهورها في بداية الأمر أنها أكبر إنجاز قد يصل له، بل قد تكون دفعته إلى تخيل نفسه واقفا على منصات التتويج يحصد كل ما يمكن حصده في اللعبة، فقد وصله عرض لتدريب مانشستر يونايتد عملاق أوروبا بالكامل آنذاك.

ووصل عرض مانشستر يونايتد إلى مويس عام 2013 بتوصية من السير أليكس فيرجسون أسطورة النادي الذي قرر اعتزال المهنة، مؤكدا أنه يثق في المدرب الأسكتلندي بشكل كبير ويرى أنه أفضل خليفة له في النادي ليكمل مسيرته في أولد ترافورد، ولكن الواقع كان مختلفا تماما.

فيرجسون ومويس

بعدما اقتنعت إدارة النادي باختيار فيرجسون لخليفته في يونايتد، أعلن النادي في 1 يوليو 2013 التعاقد مع مويس لتدريب الفريق لمدة 6 سنوات مقبلة، الذي ترك إيفرتون فور وصول هذا العرض وتواصل أسطورة النادي معه، وتلقى دعما كبيرا من الإدارة والسير وسط تفاءل من الجماهير ولكن ما حدث كان عكس ذلك.

وبدأ مويس الموسم بالفوز بكأس الدرع الخيرية على حساب ويجان، ثم الفوز على سوانزي سيتي برباعية في أولى مباريات البريميرليج، لتبدأ الآمال ترتفع، ولكن بدأ بعد ذلك في التذبذب ولم تكن النتائج في صالحه في الدوري بجانب توديع البطولات المحلية وعدم ضمان المشاركة في دوري أبطال أوروبا، ليتعرض إلى سيل ضخم من الانتقادات، ينتهي بإقالته في 22 إبريل 2014 أي بعد 10 أشهر فقط.

وقاد مويس فريق مانشستر يونايتد في 51 مباراة فقط بمختلف المسابقات، فاز في 26 وتعادل في 10 وخسر 15 لقاء، ليجد نفسه وسط هجوم وانتقاد لاذع من الصحافة والجماهير والإدارة، بل وصل الأمر إلى قيام جوناثان فريدلاند الكاتب في صحيفة ذا جاردين، بكتابة مقال يشبه مويس بـ جون ميجررئيس وزراء بريطانيا السابق، وكان عنوانه دافيد مويس مثل جون ميجر مقدر له الفشل.

مقال فريدلاند عن مويس

وبالرغم من كل الانتقادات التي تعرض لها، خرج السير فيرجسون ليدافع عن مويس مؤكدا أنه لم يكن محظوظا ولم يفلح معه الأمر، خاصة أنه جاء بعد رجل مثله ظل لسنوات طويلة داخل النادي حتى أصبح يتحكم في كل شيء، بالإضافة إلى وصوله في وقت اعتزال ورحيل العديد من نجوم الفريق، ولم تكن كل الظروف في خدمته، ولكن كل ذلك لم يكن عذرا لتبرير ما تعرض له المدرب.

مويس مع مانشستر يونايتد

مطاردة فشل يونايتد 

ولكن رغم كل الأعذار التي حاول فيرجسون وبعض الصحف التماسها إلى مويس، لم يكن الأمر كافيا وظل المدرب مطاردا بتجربته التي فشل فيها داخل أولد ترافورد، والتي ظن أنها ستفتح له باب المجد، ولكنها أغلقته في وجهه بوابات كل كبار أوروبا، فلم يظهر على رادار أي من الأندية الكبرى بعد ذلك من الراغبين في التطور وحصد البطولات بعدما حدث معه.

وأيضا يمكن أن يرجع السبب إلى أسلوب لعب مويس الذي لا يناسب كبار أوروبا، فطريقة لعبه تعتمد على الصلابة الدفاعية الكبيرة والكرات الهوائية والتحول السريع من الدفاع إلى الهجوم، لذلك فهو يفضل الظهير السريع ولاعب الوسط المهاري والقادر على الدفاع والهجوم، وذلك لا يتأقلم مع معظم الكبار تقريبا.

لذلك ظل مويس يتنقل في هدوء بين الأندية منذ رحيله عن يونايتد، فقد شغل منصب محلل مباريات في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يويفا من 2014 لـ 2016، وتولى تدريب ريال سوسيداد من 2014 لـ 2015، ثم درب سندرلاند من 2016 إلى 2017، ولم يكن له بصمة واضحة طوال هذه الفترات، إلى أن تولى تدريب وست هام في 7 نوفمبر 2017.

مويس مع سوسيداد

إنصاف كرة القدم في وست هام 

ومع توليه تدريب وست هام بدأت اللعبة تبتسم من جديد إلى مويس، فقد قدم الفريق أداء جيدا تحت قيادته، ووصل لربع نهائي كأس الرابطة الإنجليزية ولكنه ودع البطولة أمام أرسنال، وقاد الفريق في 31 مباراة بمختلف المسابقات المحلية، ليفز في 9 مباريات وتعادل في 10 وخسر 12، وتم إقالته في 16 مايو 2018.

ثم عاد مويس من جديد لتدريب وست هام في 29 ديسمبر 2019 مرة أخرى، وهو مستمر معهم حتى الآن، وكان الفريق يسير بشكل جيد تحت قيادته، بل ووجد في اللاعبين أمثال ديكلان رايس وسعيد بن رحمة ولوكاس باكيتا وأنطونيو، ضالته في تنفيذ خطته، وكان الفريق يقدم أداء مميزا طوال الموسم، وكان منافسا على المقاعد الأوروبية ولكن ليس لقب الدوري.

مويس مع وست هام

ولكن مع تذبذب النتائج عادت الكرة لتفقد عدلها مع مويس، ولم يحظَ بثقة إدارة وست هام حتى انتشرت أنباء عن أن النادي كان ينوي إقالته أكثر من مرة، حيث كان المدرب الذي وصل إلى 60 عاما في 25 إبريل الماضي قريبا من الإقالة في حالة خسارته لمباراة فولهام، ثم عاد الأمر وانتشر أنه سيرحل إذا خسر من ليفربول، وظلت الأمور هكذا حتى أنه انتشر أن دافيد سيرحل إذا خسر في نصف نهائي دوري المؤتمر، ولكن لم يحدث كل ذلك ولعب القدر لعبته.

مويس من تتويج وست هام أمس

هل انطلق دوري المؤتمر من أجل مويس؟

وبما أنه مشهد درامي فلماذا لا ننظر له أيضا نظرة درامية خيالية، فهل لعب القدر لعبته هذه كلها من أجل مويس، فيكون من نصيب المدرب أن يفوز بالبطولة المستحدثة من جانب الاتحاد الأوروبي، بل وفاز بها في نسختها الثانية فقط وهو في عامه الـ 60 وبعد 25 عاما في مهنة التدريب دون أي لقب رسمي كبير واحتفال ضخم رفقة والده، كل هذه الأمور قد تكون جاءت لتخلد الذكرى لدى دافيد ولدى جميع مشجعي كرة القدم، فمن يدري إذا كان فاز بلقب آخر وهو في بداية حياته هل كان سيخلد اسمه مثل هذه المرة، بل ومن الممكن ألا يحصد أي ألقاب أخرى من الأساس، وهذا هو الشكل الجمالي في هذا المشهد الدرامي.

فرحة مويس أمس بالفوز
تابع مواقعنا