بدون حدود
في اعتقادي إن الشاعر الكبير "عبد الوهاب محمد" لما كتب كلمات أغنية "للصبر حدود" اللي غنتها الست "أم كلثوم" ماكنش يقصد إن الحدود الصبر بس في المحبة.. اللي يراجع كلمات الأغنية كاملة سواء بالقراءة أو بالسمع هيلاقيها متسقة مع كل نواحي الحياة.. للصبر حدود، وللمحبة حدود، وللكراهية برضه حدود!.. باستثناء الإيمان ومحبة الله فكل شيء ملموس أو محسوس بعد كده له حدود.. من حوالي 4 سنين كان فيه زميل في دواير معارفي من أشطر وأمهر الناس في الشغل بتاعه.. حينا تذكر الكفاءة يذكر "أيمن".. إنسان ابن بلد ومحترم وكان بيشتغل في 3 أماكن في وقت واحد وقادر يحافظ على تفوقه في التلاتة بنفس الدرجة!.. في رحلة الشغل اتعرف على "أميرة".. البنت الجميلة الشيك اللي من أسرة ثرية وبتشتغل بس عشان تشغل وقتها.. شافت فيه الرجولة والاعتماد على النفس، وشاف فيها النص الثاني اللي هيكمل بيه حكايته.. المشاعر كانت متبادلة بنسبة 100%.. فيه تفصيلة محتاجة تتعرف وهي إن والد ووالدة "أميرة" منفصلين، وكل واحد منهم اتجوز تاني وعاش مع شريكه الجديد وفضلت "أميرة" عايشة مع جدتها والدة والدتها.. بيت والدها الجديد وبيت والدتها الجديد وبيت جدتها حتى كلهم في المهندسين.. على الناحية التانية كان "أيمن" عايش مع والدته وأخته في 6 أكتوبر وعنده شقة تانية المفروض إنه هيتجوز فيها موجودة في نفس المنطقة، وفيه شقة ثالثة صغيرة والده الله يرحمه سابهاله في منطقة السلام.. لما حصل الاتفاق واتخطبوا الاتنين كان شرط الأب إن "أيمن" يعيش مع أميرة في المهندسين عشان البنت تكون جنب والدتها وجنبه وجنب جدتها!.. المشكلة إن فكرة إنك تجيب شقة في المهندسين في الوقت ده وبالأسعار دي هو شيء فيه استنزاف رهيب لأى مدخرات!.. مش مهم اتصرف!.. قالها والد "أميرة"، وكان رد "أميرة" لـ "أيمن": (معلش يا حبيبي عشان نكون سوا لازم نضحي شوية).. النتيجة إن "أيمن" استجاب وباع الشقة اللي هيتجوز فيها في 6 أكتوبر، وباع الشقة الورث اللي في السلام وحط فلوس الاتنين على بعض وأخد قرض بضمان شغله وقدر بأعجوبة يجيب شقة في منطقة المهندسين.. تمام كده؟.. لأ.. الشبكة بكذا.. وكذا ده اللي هو طبعًا فيه مقارنة بـ بنت خالتها اللي اتجوزت قريب ولازم نعلي عليها!.. حاضر.. كالعادة اتقالت من "أميرة" الجملة اللي تعتبر الدينامو اللي بيحرك "أيمن".. (شوية تضحية كمان يا حبيبي عشان نكون مع بعض).. وكالعادة برضه "أيمن" استجاب!.. سلفة جديدة بمبلغ جديد عشان يتجاب المطلوب.. ندخل في العفش بقى.. أنت ساكن في المهندسين فلازم العفش بتاع بنتنا يكون على درجة معينة من الجودة لا يقل عنها.. والمطلوب؟.. العفش يتجاب من المكان الفلاني والمكان العلاني.. أيوا بس دول أسعارهم غالية جدًا.. ("أيمن" وبعدين!، ما هي في النهاية هتبقى حاجتنا!، ولا أنت مش عايزنا نبقى مع بعض؟).. قرض تاني، والعفش اتجاب على الفرازة كما المطلوب!.. خلصنا على كده؟.. لأ.. الفرح مش هيصح إنه يكون في مكان أقل من الفندق العلاني!.. لا اللي جه في بالك صح.. "أيمن" أخد قرض من الشغل عشان يعمل الفرح زى ما هما طلبوا.. بالتوازي مع المرحلة دي كانت بدأت تحصل هزة في الشغل عند "أيمن" وبسببها حصل تأخير في المرتبات وبالتالي تأخير في الوفاء بالالتزامات المتلتلة اللي عليه.. راح لحماه وطلب منه إنهم يأجلوا الفرح شهرين تلاتة كمان لحد ما الرؤية تضح خصوصًا إنه مش هيقدر يكون يوفي بالأقساط اللي عليه.. مجرد تأجيل وكده كده فلوس الحجز مدفوعة وأنا مش بس قدمت السبت والأحد دا أنا قدمت كل أيام السنة!.. المفاجأة كانت في الرفض القاطع للأب اللي ركن الظرف اللي بيتكلم عنه "أيمن" على جنب وتمسك بالميعاد زى ما هو!.. ماكنش فيه حل غير إن "أميرة" تتدخل في الموضوع ويكون لها كلمة تسند بيها حبيبها.. طلبها منها "أيمن" فورًا، وكان ردها الرفض زى والدها بالظبط!.. طب يا بنت الناس وبالنسبة للتضحية اللي بتطلبها مني من أول الحكاية وأنا بنفذها وأنا مغمض عيني؟.. وإيه يعني ده الطبيعي اللي يحصل!.. اتحط "أيمن" في خانة اليك.. هتكمل الجوازة في نفس الميعاد زى ما اتفقنا ولا هترجع في كلامك وكل واحد يروح لحاله؟.. أنتم بتهزروا ولا بتتكلموا بجد!، إحنا مخطوبين وبنحب بعض بقالنا 5 سنين!، كل ده عندكم استعداد إنه يروح عادي؟!.. وإحنا مالنا ما تقول لنفسك!.. أيوا بس ده وضع مؤقت لحد بس ما أقدر أكون مستعد لاستكمال الأقساط اللي عليا.. لأ.. والنتيجة؟.. الشبكة رجعت لـ "أيمن" مع مندوب شركة توصيل واتحطت في علبة والعلبة في كيس بتاع أكل بدون الاهتمام إن ده دهب!.. بس كده؟.. لأ.. بلوكات من كل الوسائل المتاحة للتواصل من الأب والأم والبنت لـ "أيمن".. عشان كده ماكنش غريب بعد فشل كل محاولات "أيمن" في رجوع الميه لمجاريها إنه يحاول الانتحار بس عناية ربنا خلّت أخوه يقدر ينقذه في آخر لحظة ويظل لمدة 4 شهور متواصلين أسير غرفة في واحدة من مستشفيات 6 أكتوبر بيعاني من حالة نفسية وعصبية قاسية.. الشاب لقى نفسه فجأة مالوش قيمة ولا ثمن رغم تضحياته المتمثلة في 3 قروض وديونه لاتنين أصدقائه.. اشترى الرخيص بالغالي وفي النهاية بقى هو اللي بدون ثمن!.
• مفيش قطة مش بتحب السمك، وفي نفس الوقت مفيش قطة بترمي نفسها في البحر عشان تصطاد سمك رغم حبها له!.. محبة الكائن غير العاقل لشيء ما منعتش عقله إنه يحط خط أحمر مينفعش يتجاوزه لو المحبة دي هيكون وراها ضرر!.. الحدود بتظهر لما بيبقى وراها ضرر.. من هنا تفهم إن مش للصبر بس حدود.. للمحبة حدود لو ما كنش فيها تبادل.. للتسامح حدود لو قيمته ما كنتش متقدرة.. للعطاء حدود لو قابله بُخل.. للقُرب حدود لو ماكنش قصاده قُرب من الاتجاه المقابل.. إحنا مش هنتذل عشان حبينا أو صدقنا أو مشاعرنا كانت نقية!.. أفعال الناس هي اللي بتخلينا نفتح لهم البيبان أو نرسم لهم الحدود.
