بعد اجتماع أوبك+.. كيف فرضت السعودية إرادتها رغم معارضة أمريكا تخفيض إنتاج النفط؟
شد وجذب دائم بين الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج ومستهلك لـ النفط في العالم وبين المملكة العربية السعودية أكبر منتج للنفط في تحالف أوبك+؛ حيث تعارض واشنطن أي تخفيض للإنتاج من النفط من جانب السعودية حتى لا ترتفع الأسعار، بينما تسعى السعودية إلى زيادة أسعار النفط التي تواصل الانخفاض حاليا.
السعودية فرضت إرادتها وخفضت الإنتاج
واستطاعت السعودية فرض إرادتها بتخفيض الإنتاج خلال الاجتماع الأخير لأوبك+ رغما عن أمريكا التي تعارض ذلك بشدة، بينما تعهدت السعودية بخفض إنتاجها النفطي بمقدار مليون برميل آخر يوميًا اعتبارًا من يوليو المقبل.
وقبل اجتماع أوبك+ الأخير في 4 يونيو الجاري، دعا وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، ما سماهم المضاربين على النفط إلى الحذر قائلا: إن المضاربين، كما هو الحال في أي سوق، باقون، وأبلغهم باستمرار بأنهم سيتألمون، لقد تألموا في إبريل، لست مضطرًا لكشف أوراقي؛ لكنني سأقول لهم فقط احذروا.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية انتقدت سياسات أوبك+ مشيرة إلى أنها تفتقر إلى الحكمة.
وفي أكتوبر 2022 توعد مسؤولون غاضبون في واشنطن بـ عواقب بعد أن خفضت منظمة أوبك بقيادة السعودية إنتاج النفط بشدة في وقت سابق من هذا الشهر؛ ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
ولا يحاول أي من الجانبين حتى إخفاء التوتر بعد أن قال وزير الطاقة السعودي إن المملكة السعودية قررت أن تكون الطرف الأكثر نضجًا، فرد مسؤول كبير في البيت الأبيض بالقول: الأمر ليس علاقة رومانسية في مدرسة ثانوية.
وفي أوائل أكتوبر، أعلنت أوبك + عن خطط لخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا - وهي خطوة أدت لفترة وجيزة إلى ارتفاع أسعار النفط والبنزين في وقت ارتفاع التضخم؛ ما أثار غضب السياسيين الأمريكيين.
والتوترات بين الجانبين لم تهدأ، والمسؤولون من الجانبين زادوا من حدة انتقاداتهم لبعضهم في الأيام الأخيرة وفي إحدى الحلقات المهمة، تحول وزير سعودي كبير من الدفاع عن استراتيجية الرئيس الأمريكي جو بايدن للطاقة إلى انتقادها.
وخلال المؤتمر الصحفي لأوبك + في أوائل أكتوبر 2022، بدا أن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أشاد بقرار بايدن بالإفراج عن كمية غير مسبوقة من احتياطيات النفط الطارئة من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي. وبعد 3 أسابيع، اختلفت وجهة نظر الوزير السعودي تمامًا حيث قال الأمير عبد العزيز خلال مؤتمر بالسعودية: الناس يستنفدون مخزونات الطوارئ لديهم، وقد استنفدوها، ويستخدمونها كآلية للتلاعب بالأسواق بينما كان الغرض الأساسي منها هو التخفيف من نقص المعروض.. ومع ذلك، من صلب واجباتي أن أوضح للعالم أن فقدان مخزون الطوارئ قد يصبح مؤلمًا في الأشهر المقبلة.
وتملك المملكة العربية السعودية نحو 119 مليار دولار من ديون الولايات المتحدة، وفقًا لبيانات وزارة الخزانة، ما يجعلها في المرتبة الـ 16 في العالم من حيث حجم سندات الخزانة.
ويمكن لـ المملكة العربية السعودية، الزعيم الفعلي لأوبك +، أن تزيل المزيد من الإمدادات من أسواق النفط العالمية - أو على الأقل ترفض الاستجابة لارتفاع الأسعار في المستقبل مع استمرار الغرب في الضغط على روسيا بسبب حربها ضد أوكرانيا.
هل أوشكت العلاقة بين الجانبين على الانهيار؟
ووفق الخبراء، فمن شأن فرض المزيد من القيود على إمدادات أوبك أن يرفع أسعار البنزين، ويزيد التضخم سوءًا، ما يزيد من مخاطر الركود المرتفعة بالفعل، وهو ما سيؤثر على النظام الاقتصادي العالمي ككل.. فهل أوشكت العلاقة بين الجانبين على الانهيار؟.
واحتلت الولايات المتحدة المركز الأول بين قائمة أكثر الدول استهلاكًا للنفط في العالم لعام 2021، تلتها بعد ذلك الصين ثم الهند.
وارتفع الاستهلاك العالمي من النفط بمقدار 5.7 مليون برميل يوميًا، لكنه لا يزال أقل بنحو 3.7 مليون برميل عن مستويات ما قبل وباء كورونا.
وتصدرت الولايات المتحدة قائمة الدول الأكثر إنتاجًا للنفط في العالم؛ إذ أنتجت 16585 ألف برميل يوميًا خلال العام 2021، وذلك وفقًا للتقرير الإحصائي السنوي الحادي والسبعين لشركة "بي بي"، تلتها في المرتبة الثانية السعودية، ثم روسيا في المركز الثالث.
وارتفع إنتاج النفط العالمي بمقدار 1.4 مليون برميل يوميًا في عام 2021، وشكلت دول أوبك+ أكثر من ثلاثة أرباع تلك الزيادة.