معاملاتنا الإنسانية.. أين هي؟
سألتُ نفسي سؤالًا دار في خلدي، لماذا لا يبتسم الناس لبعضهم؟ مع أنهم لو فعلوا لاستفاد الكل من هذا السلوك الإنساني المتحضر، وللأسف الشديد أن بعض الناس يفسر هذه الابتسامة تفسيرًا خاطئًا، فيرى أنها طلبا لمصلحة أو استعطافا لقضاء حاجة.
والحقيقة أننا بحاجة إلى إعادة التواصل مع الأهل، الجيران، والأصدقاء، تواصلًا حقيقيًا مبنيًا على النقاش والاستماع والمحبة.
المحبة التي نحصل عليها فقط بابتسامة، كما أخبرنا صلوات الله عليه في الحديث الشريف: "أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (رواه أبو هريرة).
قديما قالوا: "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية".. ما مدى صدق هذه العبارة في مجتمعاتنا؟.. الحقيقة وبكل أسف لم نصل إلى ثقافة قبول الآخر واختلاف الرأي، ويمكن أن يصل الاختلاف إلى خلاف، بل يمكن أن يصل إلى حد السباب والشتائم.
وقالوا أيضا: "فارق تجد".. ولكن سؤالًا يطرح نفسه: ماذا تفارق؟
هل من الطبيعي مفارقة الأشخاص كلما بدر منهم أي شيء غير مرضٍ بالنسبة لك؟ بالطبع لا وإلا ستحيا وتموت وحيدًا.
أقول: إن المفارقة الحقيقية في مفارقة الصفات وليس الأشخاص.. إن كثيرًا من الناس لا يستطيع أن يفصل بين الشخص والشخصية، بين الآخر وقيمة الآخر، بين الآخر وما يقوم به.
نريد وبشدة أن نفصل بين الشخص وصفاته، بين الشخص ومعتقداته، بين الشخص وممتلكاته.
فتحقيق المعنى الحقيقي لمقولة: "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"، هو أن تحاول إقناع الآخرين بما لديك من رأي أو أن ينتهي النقاش بكل احترام متبادل.
أنت بحاجة إلى إعادة النظر في معاملاتك مع الآخرين، أعلم جيدًا أن المعاملات الإنسانية ليست بالشيء اليسير، فأكثرنا نختلف مع غيرنا؛ الاختلاف الذي قد يؤدي إلى خلاف، لا أريد منك أن تتفق مع الآخرين طوال الوقت، ولكن أريد منك أن تمتلك النضوج والممارسة الكافيين للتغلب على الخلافات التي بينكم.. فكر في كم السلام الذي قد يتحقق في المجتمع حين يعذر الناس بعضهم.
ابدأ بنفسك وفتش حولك.. هل يوجد شخص ما من عائلتك أو أصدقائك تحول اختلافك معه إلى خلاف وخصام؟
ربما حان الوقت لتقارب وجهات النظر، أو حتى تأخذ الخيرية التي أخبرنا عنها صلى الله عليه وسلم حين قال: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" رواه البخاري.