هبة طوجي: ألبوم بعد سنين نتيجة نضج فني والعمل مع الرحبانية مسئولية.. والسينما ما زالت حلمي | حوار
كل إنسان يسمع مقطع “أنا بدي طير ما حدا بيلغي جناحاتي.. صوتي العصافير.. بغني الحلم بغنياتي.. ما حدا بيقدر يمحيني القوة اللي فيّ رح تحميني” يشعر بالتعبير عن نفسه، مقطع مزج بين الحرية والطموح والتفاؤل، ورفض الإنسان للتقييد في أي من مجالات الحياة، وعلى الرغم من أن ذلك المقطع من أغنية بمسرحية “دون كيشوت” الغنائية، فإنه حقق انتشارًا واسعًا، كما أنه عبّر عن المطربة اللبنانية ذات الصوت الفريد من نوعه هبة طوجي، فهي منذ تحسسها طريق الغناء تعاونت مع العباقرة والعمالقة، وكانت إحدى البنات النجيبات بمدرسة الرحبانية، وحققت العديد من الخطوات العالمية سواء بالتعاون مع صناع عالميين أو غنائها على مسارح عالمية، بمتابعة مستمرة بشغف واهتمام على مدار 16 عامًا وإشراف من الموسيقار الكبير أسامة الرحباني.
وأجرى القاهرة 24 حوارًا مع الفنانة اللبنانية هبة طوجي، عن الصعاب التي واجهتها في مرحلة الأمومة ودور زوجها العازف الكبير إبراهيم معلوف في حياتها، بالإضافة إلى رأيها في المقارنات المنعقدة بينها وبين جارة القمر فيروز، كواليس ألبوم “بعد سنين” وغنائها على مسرح دار الأوبرا المصرية لأول مرة، وذلك خلال السطور الآتية…
ما المفاجآت التي حضرتِها لحفلك الأول بدار الأوبرا؟
سعيدة كثيرًا بعودتي لمصر ولقائي بالجمهور المصري، وتزداد سعادتي بالغناء على مسرح دار الأوبرا المصرية لأول مرة، فهذا شرف كبير لي، وحضرت العديد من الأغاني خصيصًا لهذا الحفل، وتضمنت أغاني من الألبوم الجديد "بعد سنين" والألبومات السابقة، وأغاني باللهجة المصري منها "يا ماحلى نورها، سلم على مصر".
لمَ اخترتِ طرح ألبوم كامل "بعد سنين" بدلًا من أغاني منفردة مثلما اتجه العديد من الفنانين في الفترة الأخيرة؟
لم أطرح ألبومات منذ عام 2017، وطرحت فقط أغاني منفردة وأحييت حفلات، ولكن فضلّت في تلك الفترة أن يكون هناك ألبوم، وهو نتيجة لسنين من النضوج الفني والخبرة الشخصية، كما أنني مررت بآخر ثلاث سنوات في حياتي بالعديد من الأحداث التي غيرت كثيرًا بنمط حياتي سواء كان فنيًا أو شخصيًا وهو زواجي وأصبحت أما لطفلين.
شارك زوجك في ألبوم "بعد سنين" بالعزف والتلحين.. كيف أتى التعاون بينكما؟ هل تطلبين منه المساعدة؟
عندما أعمل مع إبراهيم يكون بشكل عفوي، فنحن لم نخطط للأمر، وفي ذلك الألبوم لحنا سويًا أغنية "صار أحلى الكون"، كما شارك بالعزف على آلة الترومبيت في أغنية "بحبك لآخر يوم"، ووجوده في الألبوم إضافة كبيرة، فبجانب أن مشاركته معي تهمني على المستوى الشخصي، فإنه من الجانب الفني كان وجوده إضافة كبيرة.
اكتشفتِ بنفسك مواهب أخرى بجانب الغناء حيث لحنتِ وألفتِ أيضًا.. حدثينا عن كواليس وأسباب وجود أكثر من بصمة لكِ في ألبوم "بعد سنين"
في فترة ما "دندنت" لحن أغنية "ضلك حدي" ودعوت الموسيقار أسامة الرحباني للاستماع لها، وطوّرناه معا، وأغنية "صار أحلى الكون" لحنتها منذ فترة لأغنية فرنسية وساعدني إبراهيم معلوف في وضع لمساته الخاصة، ومن ثم خلقت الأغنية باللغة العربية، أما بالنسبة لأغنية "خبرني القصة" كتبت مونولج عن المرأة وكانت الأغنية من شعر منير بوعساف، فكل تلك الأشياء صارت معي بشكل عفوق، وفضّلت التعبير بهذا الألبوم بأكثر من وجه من خلال التلحين والكتابة إلى جانب صوتي.
وكان لكِ تعاون مع النجم العالمي لويس فونسي مطرب أغنية Despacito في الألبوم.. كيف جاء ذلك التعاون؟
جميع الأفكار تكون مشتركة بيني وبين أسامة الرحباني، وعندما استمعت لأغنية "لو نبقى سوا" شعرت بأن الشكل الذي يليق بخروجها للنور أن تكون ديو مع فنان لاتيني، ومن ثم عرضنا الفكرة على شركة Universal Arabic Music المنتجة للألبوم، تحمسوا أيضًا وقاموا بعرضها على لويس، الذي أحببها وكتب الكلمات باللغة الإسبانية وصورناها في ميامي، فهي أغنية إيقاعية جمعت بين اللغة العربية والإسبانية، ومزج بين الثقافتين، وعكفت على تلحينها برفقة فريق فرنسي.
بدأتِ تحضيرات الألبوم في 2020 نفس العام الذي تزوجتِ وأنجبت به.. كيف تخطيت صعاب مراحل الولادة وبداية الأمومة التي من الممكن أن تصاب المرأة خلالها بالاكتئاب ووكزتِ على الألبوم؟
لم يكن الأمر سهلًا قط، وأي امرأة تمر بفترة صعبة للغاية أثناء مرحلة الولادة، سواء ذهنيًا أو جسديًا، وشخصيًا مررت بفترة صعبة وواجهت العديد من الأمور منها قلة النوم، ولكن كنت محظوظة بوجود دعم وسند لي هونوا عليّ ما مررت به، وهم: زوجي وأمي وأختي وحماتي، دعموني أيضًا حتى أستطيع الاستمرار فنيًا؛ لأن الفن صعبًا لظروف السفر وعدد ساعات العمل في وقت متأخر، فكان من الضروري كي أعمل مرتاحة البال أن يكون هناك شخص ذو ثقة مع أطفالي، ووجود الداعمين ذلل أمامي كل تلك الصعاب، كما أن لأبنائي الأولوية في كل شيء، هذا إلى جانب انتقائي الأعمال بعناية.
هل فكرتِ في طرح أغاني خاصة بأطفالك؟
الفكرة موجودة، وهناك العديد من الأغنيات التي لحنها لهم زوجي إبراهيم معلوف، كما أنني أشاركه الغناء، ولكن لم يتم طرحها للجمهور مازالت داخل منزلنا فهي ذات طابع أسري ولم نطلق عليها اسم معين، ومن الممكن طرحها للجمهور.
كما أن إبراهيم صنع موسيقى خاصة لكل طفل له، إذ إنه في ألبوم Christmas موسيقى Noel for Nael من أجل نجلنا نائل، كما قدم في ألبوماته السابقة موسيقى لابنته لي لي، وإن شاء الله قريبًا يكون هناك موسيقى خاصة ابنتنا ريتا.
لمَ تخفين أبنائك عن مواقع التواصل الاجتماعي؟ وكيف ترين أهميتها في حياتك؟
علاقتي بمواقع التواصل الاجتماعي ما بين الحب والكره، فهي مفيدة كي يصل صوت الفنان وأغانيه ويعبر عن نفسه وأعماله، وبين الحين والآخر من الممكن أن أشارك المتابعين أشياءً لها علاقة بالحياة اليومية، ولكن لا أحب أن تتحول تلك المواقع لتكون تليفزيونا حيا عن حياتي، فأنا فنانة ولست بـ طباخة أو أضع المكياج، فتلك هي طريقتي في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي.
أما عن سبب إبعاد أبنائي عنها؛ لأن عالم مواقع التواصل الاجتماعي قاس كثيرًا، ولا أريد أن أعرضهم لذلك العالم الافتراضي في هذا السن، فهم ليسوا بحاجة له، ولا أستطيع أن أفرض تواجدهم على مواقع التواصل الاجتماعي أترك لهم حرية الاختيار.
تعاونتِ مع منصور وأسامة الرحباني.. هل ترين نفسك تسيرين على خُطى جارة القمر فيروز؟
في ألبومي الأخير هناك أغنية "راجع من رماده" قصيدة لمنصور الرحباني، الذي أعتبر وجوده بأي عمل بمثابة تتويج له ومسئولية كبيرة، فمنذ عامي التاسع عشر أعمل مع هؤلاء العباقرة وعمالقة الفن، وأشعر بالمسئولية الكبيرة المستمر تجاه استمرارية الحفاظ على نفس المستوى، لذا تكون كل خطوة مدروسة وبها رهبة، وعندما أتعامل مع الكبير منصور وأسامة ومروان وغدي الرحباني أشعر بإعطائي خلفية وقيمة فنية مهمة، أفتخر وأتشرف بها.
في الصورة الذهنية لدى العرب ارتباط وثيق بين اسم الرحبانية وفيروز وبما أنك تعاملتِ مع الرحبانية عُقدت الكثير من المقارنات.. فكيف رأيتِ وجهة النظر؟
المدرسة الرحبانية خلقت هوية فنية لبنانية، حيث إن هوية الفن اللبناني هم العرابين الرحبانية، وأكيد على رأسهم السيدة فيروز، فهم رموز للأغنية اللبنانية والعربية ونتعلم منهم ومثل أعلى لنا، ونحن أبناء تلك المدرسة مثل الثير من الفنانين اللبنانيين والعرب الذين تأثروا بـ Trio فيروز والأخوين رحباني، فنحن تربينا وترعرعنا على تلك الموسيقى في وجداننا ومنازلنا واللا وعي الخاص بنا.
هل هناك أغنية محددة تريدين إعادة تقديمها من أغاني فيروز؟
لا، ولكن من الممكن أن أقدم تحية للأخوين رحباني والسيدة فيروز، وأحب كل أغانيها.
تم الإعلان منذ بضعة أيام عن وجود أول مطرب بالذكاء الاصطناعي وانتشر كثيرًا وجود العديد من التجارب باستخدام AI.. هل هو يفيد صناعة الموسيقى أم يضرها؟
ما زال الذكاء الاصطناعي حديث الولادة، ولا أعلم ما هو تكوين رأيي فأنا منتظرة طريقة تطوير تلك التقنية، ونتيجتها إن كانت مفيدة أم مضرة على المدى الطويل، أما إذا جاوبت عن رأيي بدون تفكير وبشكل تلقائي، فأنا ضده كليًا، ضد وجود آلة تحل محل الإنسان والفنان، فذلك شيء مضر لأننا نلغي الفنان ونتعدى عليه، بالإضافة إلى وجود تجارب لمطربين راحلين، فذلك تعدي على الحرية الشخصية.
كيف للقوى الناعمة أن تساعد في النهوض بلبنان؟
قمت بتقديم ليلة أمل سابقًا وكان أول حفل بعد حادث مرفأ بيروت، وهدفنا منه هو زرع الأمل بقلوب الشعب، وأن نؤكد عليهم أن الفن مستمر رغم التعرض لكل الظروف الصعبة، وأن الفن أساس بناء مجتمع وهوية وطن لا ينبغي علينا أن نفقدها، ومن الضروري استمراره، كما أن الفن والأغاني التي نقدمها تعبر عن أصوات الكثير من الجمهور وتفرغ طاقتهم بغض النظر عن الموضوع، الفن يجمع ولا يفرق من كل الجنسيات والألوان والأديان، وكان من الضروري أن يكون الحفل مجانيا حتى يصل لأكبر شريحة ممكنة من الجمهور، ولم يكن إظهار ذلك الحفل للنور لولا دعم وإيمان العديد من الأشخاص بأفكارنا من منتجين وتقنيين وفنيين، ودائمًا أحاول التفكير في طرق للنهضة بلبنان، ومن الواجب علينا كفنانين ألا نتخلى عن دورنا وتقديم المساعدة.
درس الإخراج السينمائي والتمثيل.. متى نراكِ أمام كاميرا سينمائية؟
السينما مازالت حلمًا من أحلامي أتمنى تحقيقه في المستقبل القريب، وسبق وأخرجت كليبات خاصة بي، ولكن يظل الهدف الأساسي هو السينما.
اذكري لي ثلاث فوائد للإقامة بفرنسا
الثقافة، جمال الحضارة التي أراها، الحرية.
اختاري شخصين توجهين لهما بها كلمتي "شكرًا وأعتذر"؟
أشكر الله، وأود أن أعتذر لأي شخص قمت بإيذائه دون قصد.
ما هي مشاريعك الجديدة خلال الفترة المقبلة؟
أقوم بإحياء حفلًا يوم 21 يوليو المقبل، في مدينة البتراء بالمملكة الأردنية الهاشمية، بالإضافة إلى حفلًا يوم 5 أغسطس بيبلوس الدولي في لبنان، فهذا هو أول مسرح غنيت به، وسعيدة بالعودة له من جديد.
ماذا عن مشاريع الديو؟
منفتحة لتلك الفكرة، ولكن لا يوجد في الوقت الراهن مشروع ديو.
وما هي أمنياتك في الحياة؟
كلما تقدمت بالعمر تصبح أمنياتي أبسط، وأمنياتي هم: أن يكبر أبنائي ويكونوا سعداء ومحققين ذاتهم، وأرى عائلتي وزوجي والأشخاص الذين أحبهم سعداء وناجحين، وأن يمدني الله بالصحة ولكل أحبابي.
