كتاب الندم
من القصص الإنسانية المؤثرة واللي تم تداولها على نطاق واسع سواء في الصحافة الأمريكية أو الأجنبية بشكل عام هي قصة ممرضة أسترالية اسمها "بروني وير" كانت بتشتغل في واحد من أهم وأكبر مستشفيات استراليا لمدة 25 سنة وقررت من 10 سنين إنها تعمل كتاب تحكي فيه خلاصة التجارب الإنسانية والشخصية اللي عاشتها مع المرضى كبار السن اللي كانوا في المستشفى!.
طبيعة شغل "بروني" كانت بتخليها قريبة بشكل ما من الحالات الحرجة لكبار السن قبل وفاتهم مباشرة!.. اللحظة الأصدق في حياة الإنسان هي اللي بيدرك فيها إن حياته بكل اللي فيها هتبقى خلال لحظات عبارة عن ذكرى، وبتبقى فرصة إنه يسترجع أهم اللي مر بيه!.. "بروني" سمت كتابها "الندم"، وبمجرد نزوله في السوق حقق انشار ومبيعات كبيرة سواء في أمريكا أو أوروبا وطبعا في بلدها الأم استراليا.. محور الكتاب الرئيسي كان بيدور عن أكتر حاجات ندم عليها الناس، ورغم إن الكتاب فيه تفاصيل كتير على لسان مرضى كتير، بس الغريب إنهم اشتركوا في 7 حاجات بالذات اتكررت من معظمهم!.. إيه هما؟
1 - «تمنيت لو كانت لدي الشجاعة لأعيش لنفسي ولا أعيش الحياة التي يتوقعها أو يريدها مني الآخرون».. معظم المرضى عبروا عن ندمهم على إرضاء الغير على طول الخط في حياتهم زي رؤوساء العمل، أو إرضاء العائلة أو حتى الزملاء وكل ده على حساب نفسه أو أسرته اللي جه عليهم بسبب الغير وفي النهاية قصّر مع الأسرة، والغير فضلوا مش راضيين!.. البحث عن رضى المجتمع بحث غير مفيد.
2 - «تمنيت لو أنني خصصت وقتا أطول لما أحب بدلا من إضاعة العمر كله في روتين ممل».. الاستسلام للروتين هو موت بالبطيء بس الفكرة إنا بنستوعب ده في وقت متأخر نسبيًا.
3 - «تمنيت لو كانت لدي الشجاعة لأعبر عن مشاعري بصراحة ووضوح».. معظم الحالات اتكلموا إن كتم المشاعر بسبب الخوف من خسارة الناس أو الصدام معاهم كان من أسباب المرض في النهاية!.. الغريب إنهم قالوا برضه إن الناس مش بتتكسف تربي أولادها على التعبير عن الكراهية لكن في الحب بيحطوا ألف حاجز وحاجز!.
4 -«تمنيت لو بقيت على اتصال مع أصدقائي القدامى أو تجديد صداقتي معهم، فالأصدقاء القدامى يختلفون عن بقية الأصدقاء، كوننا نشعر معهم بالسعادة ونسترجع معهم ذكريات الطفولة الجميلة، ولكننا للأسف نبتعد عنهم في مرحلة العمل وبناء العائلة، حتى نفقدهم نهائيا أو نسمع بوفاتهم فجأة».. أصدق وأعمق وألطف وأدوم صداقة هي اللي بتتكون لما بنكون صغيرين في السن.. حتى لو عملنا صداقات لما نكبر بتفضل صداقات الطفولة غير.
5- «تمنيت لو أنني أدركت مبكرا المعنى الحقيقي للسعادة، فمعظمنا لا يدرك إلا متأخرا أن السعادة كانت حالة ذهنية لا ترتبط بالمال أو المنصب أو الشهرة.. إن السعادة كانت اختيارا يمكن نيله بجهد أقل وتكلفة أبسط، ولكننا نبقى متمسكين بالأفكار التقليدية حول تحقيقها».. المقارنات ضيعت كتير من بهجة وفرحة حياتنا.. البص للبعيد الغالي اللي بيلمع خلى عيوننا تغمي عن القريب الممتع اللي في الإيد.
6 - «تمنيت أن تكون علاقتنا مع شريكة وشريك حياتنا مبنية على الحب والمشاركة، لا العِشْرة والتَعوُد فهناك فرق كبير جدا جدا».
7 - «الأم والأب هما الشخصان الذين لا يمكن تعويضهما، تمنينا أن نقضي معهم كل الوقت الذي أضعناه».
محدش فينا هيقدر يتعلم كل حاجة في الدنيا من خلال مواقفه هو الشخصية بس!.. احنا بنتعلم من تجاربنا، ومن اللي بنسمعه أو بنقراه، ومن اللي بيحصل حوالينا في دوايرنا القريبة.. الطبيعي إن الإنسان يكون في حالة بحث مستمر عن المعلومة، والتجربة، والخبرة.. لو موقف سيئ حصل لغيرك وشوفت تفاصيله كاملة قدامك هيبقى من الغباء إنك ما تتعلمش منه، وتقول طب ما أجرب فتكرر اللي عمله بحذافيره لإنك منتظر نتيجة مختلفة!.. مش لازم تشرب البحر كله عشان تتأكد إنه مالح.. الناس عبارة عن مدارس ماشية على رجلين، والشاطر فينا هو اللي ياخد من كل مدرسة أهم درس.. كل درس هتتعلمه من تجارب غيرك هيبعدك سنين عن الندم.