هيئة الاستعلامات ردًا على الإيكونوميست: التضخم في مصر معلن وليس 60%.. ولم يطالب أحد بنصف الميراث للمرأة
ردت الهيئة العامة للاستعلامات في بيان لها على ما نشرته مجلة الإيكونوميست The Economist البريطانية على موقعها الإلكتروني في 16-6-2023، من تقرير عن الأوضاع في مصر.
وقررت الهيئة العامة للاستعلامات تسليم مراسل مجلة الايكونوميست بمصر خطاب احتجاج على ما ورد في التقرير، مطالبة المجلة بالتحلي بالموضوعية والحياد، واحترام قواعد مهنة الصحافة عند تناولها لشئون مصر.
بيانات وأرقام خاطئة:
وعن الأرقام التي وردت بالتقرير، قال بيان هيئة الاستعلامات: في مجلة اقتصادية مثل الإيكونوميست، فإن استخدام الأرقام والنسب أمر له أهمية بالغة، وضوابط لتحري الدقة، وهو ما خالفه التقرير الذي أسهب في استخدام الأرقام والبيانات الاقتصادية بدون ضوابط وبدون الإشارة إلى أي مصدر، من ذلك زعمه أن نسبة تضخم الغذاء في مصر 60%، دون ذكر أي مصدر لهذه النسبة رغم أن أرقام التضخم الشهري والسنوي في مصر معلنة سواء التضخم الأساسي أو العام.
والأمر نفسه عندما زعم دون الرجوع لأي مصدر بأن نصف المصريين فقراء – وقوله إن المساعدات الخليجية لمصر 100 مليار دولار، وأن تكلفة العاصمة الإدارية 58 مليار دولار، وتكلفة خطوط السكك الحديدية 23 مليار دولار، وغير ذلك من الأرقام والبيانات الاقتصادية، دون الإشارة إلى مصدر واحد مصري أو دولى يوافق أو يؤيد هذه الأرقام، ودون أن يشرح مكونات الأرقام ومجالات إنفاقها وأهميتها في مجال إعادة بناء البنية التحتية للاقتصاد والمجتمع التي أشاد التقرير نفسه بإنجازها خلال السنوات العشر الماضية، بل ادعى تقليص مخصصات التعليم والصحة، على عكس الواقع تمامًا حيث تضاعفت هذه الموازنة في السنوات العشر الماضية عدة أضعاف.
اختلاقات وأكاذيب:
وتابع بيان هيئة الاستعلامات: لقد بلغ انحياز تقرير الإيكونوميست وتجاوزاته المهنية إلى حد اختلاق وقائع، ونشر أكاذيب واضحة زاعمًا أنها حقائق، لدرجة أن بعض هذه الأكاذيب جاء مثيرًا للدهشة، ومنها أن الرئيس أيَد إصلاح المبادئ القرآنية التي من شأنها أن تمنح المرأة نصف حصة الرجل من الميراث، وهذا إدعاء ينم عن عدم دراية بالشرع ولا بالقانون ولا بقدسية النصوص القرآنية، ولا بما يحدث في مصر.
فلم يطالب أحد بإصلاح المبادئ القرآنية، فهي تحظى باحترام الجميع في مصر، ولم يطالب الرئيس ولا أية جهة في مصر بتغيير نصيب المرأة المنصوص عليه في القرآن، إن ما حدث هو عكس ذلك، وهو تجريم حرمان المرأة من الحصول على حقها ونصيبها في الميراث الذي نص عليه الشرع، وليس تغيير هذا النصيب.
ويبدو أن مُعد التقرير خلط بين الواقع في مصر وما تشهده مجتمعات أخرى من حوارات وآراء بشأن نصيب المرأة في الميراث، الأمر الذي يكشف مدى عدم فهم وعدم دراية مُعد التقرير بشئون مصر، رغم أن التقرير يزعم أنه تم إعداده في مصر حيث أشار في بدايته إلى أن مصدره مدينة الإسكندرية.
كما زعم التقرير أن المستثمرين الأجانب سحبوا 20 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي بسبب تضاؤل الثقة في بيئة الأعمال مما أدى إلى هروب رأس المال.
وهذه وقائع غير دقيقة، وتفسيرات فاسدة بشكل مطلق، فخروج الأموال والاستثمارات الساخنة تم العام الحالي، وقد أعلن وزير المالية منذ أيام أن 23 مليار دولار أموالًا ساخنة خرجت بالفعل من مصر العام الحالي وليس الماضي كما يزعم التقرير.
ولكن الخطأ الأكبر هو في التفسير المغلوط لخروج هذه الأموال والاستثمارات المباشرة من مصر، فالسبب ليس كما زعم التقرير: تضاؤل الثقة في بيئة الأعمال وهروب رأس المال، ولكن السبب معلوم للعالم كله وفي كافة تقارير المؤسسات الدولية وهو تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب على ذلك من سياسات مالية ونقدية متشددة من جانب الأسواق المالية الكبرى، مما أدى إلى نزوح الأموال من الأسواق الناشئة والدول النامية – وليس مصر فقط – إلى الأسواق الكبرى خاصة مع استمرار رفع هذه الأسواق الكبرى لنسب الفائدة.
ولو كان معد التقرير حريصًا على الحياد والعمل الصحفي الاقتصادي الرصين، لأمكنه قراءة أحدث تقرير صدر قبل شهرين عن صندوق النقد الدولي بعنوان: آفاق الاقتصاد العالمي 2023 والذي يؤكد على مجموعة من الحقائق في مقدمتها أن السياسات النقدية والمالية للأسواق الكبرى هي السبب الرئيسي لنزوح الأموال من كافة الأسواق الناشئة التي تواجه الآن صعوبة الحصول على تمويل بتكاليف مناسبة، كما أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الدين العام تضاعف في كل دول العالم خاصة الدول النامية بسبب جائحة كورونا ثم تفاقم بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضاف بيان هيئة الاستعلامات: من بين المغالطات الأخرى التي تضمنها تقرير الإيكونوميست ترديد الزعم الكاذب بوجود 60 ألف سجين لأسباب سياسية، ودون الرجوع لأي مصدر، حيث يقول التقرير: يعتقد أن هناك 60 ألف سجين لأسباب سياسية، وهو مجرد تكرار لزعم كاذب فشلت الجماعة التي اختلقته في إثبات أي دليل على وجود أي نسبة من هذا العدد، أو وجود ما يطلق عليه سجين لأسباب سياسية في مصر، فهو تعبير لا يوجد في القانون أو القضاء المصري.
وفي الوقت نفسه، تجاهل مُعد التقرير العديد من الإجراءات الإيجابية التي شهدها ملف السجون والسجناء في السنوات الأخيرة، منها التطوير الكبير في مقار السجون وفي الفلسفة العقابية في مصر وحقوق السجناء وظروف الاحتجاز، هذا التطوير شهدت به المؤسسات الدولية أجرى العشرات من الحقوقيين والسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والمراسلين لوسائل الإعلام الدولية المقيمين في مصر، زيارات عديدة للسجون، واعترفوا بالتطور الإيجابي الكبير في هذا الشأن.
في الوقت نفسه، لم يتضمن تقرير الإيكونوميست أية إشارة إلى قرارات العفو والإفراج للسجناء والمحبوسين التي وجه بها رئيس الجمهورية منذ أكثر من عام وتديرها لجنة تضم أعضاء من المجتمع المدني وأدى عملها إلى الإفراج عن مئات السجناء والمحبوسين، من خلال استخدام رئيس الجمهورية لحقه الدستوري في العفو عن باقي العقوبة لبعض السجناء، أو قرارات النيابة العامة بالإفراج عن بعض المحبوسين احتياطيًا طالما أن ذلك لا يؤثر على سلامة التحقيق في القضايا المتهمين بها.
وقال بيان هيئة الاستعلامات إن تقرير الإيكونوميست يشير إلى أن تكلفة مضادات الاكتئاب قد تضاعفت منذ شهر أبريل وهي عبارة أشبه بالعبارات الـمتهافتة على بعض صفحات التواصل الاجتماعي، فمن أين جاء بالأسعار التي تضاعفت خلال أقل من شهرين؟! وأية أصناف من الأدوية تحديدًا؟! ولماذا مضادات الاكتئاب دون غيرها؟ إنه تلميح رخيص لا يليق بمجلة متخصصة.
وتابع بيان هيئة الاستعلامات: أكثر الادعاءات افتضاحًا هو الزعم بأن مصر قد تفكر في تأجير قناة السويس لمدة 99 عامًا مقابل تريليون دولار، وهو بذلك يكرر شائعة العقد المزور الذي تم افتضاح أمر تزويره أمام العالم كله قبل عدة شهور.