الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

العيد أحكام وآداب

الأحد 25/يونيو/2023 - 11:01 م

مخطئون هؤلاء الذين يظنون أن الدين الإسلامي دين تزمت وتشدد، وأن المسلم المتدين لا بد أن يكون غليظا كاشر الوجه، وقد ساهم في رسم هذه الصورة المغلوطة وترسيخ هذه الفكرة الخاطئة في أذهان الناس عن الإسلام وأتباعه بعض الأدبيات التي أنتجتها السينما مما جعل الصورة النمطية للمسلم المتدين من لوازمها عبوس الوجه والصوت العالي الأجش، والتعامل الجافي الفظ  وتناسى صانعو ذلك ما ورد عن سيد الخلق سيدنا محمد صاحب الخلق العظيم أن تبسم المسلم في وجه الناس - حتى ولو كانوا غير مسلمين - صدقة من الصدقات، وأن الوجه البشوش والكلام اللين والخلق السهل الهين من أعظم أبواب البر، وصدق ربنا حين قال في وصف نبينا - صلى الله عليه وسلم - (فبما رحمة الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من من حولك...) آل عمران /  فالإسلام لا يصادر على الفرجة، ولا يحجر على أتباعه السرور والسعادة وممارسة اللهو البريء المحمود الذي تستروح به القلوب والأرواح، وتستجم به الأجسام وقد كان هذا من هدي سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام - رضى الله عنهم أجمعين حتى تعلم يهود أن في ديننا فسحة، ولذلك لما سأل رجل سيدنا عبد الله بن عمر: أكان صحابة رسول الله يضحكون؟ وكأن السائل ظن أن التدين الحق - وصحابة النبي من أمثلته العليا - قرين العبوس والتشدد والفظاظة، فقال له ابن عمر: نعم كانوا يضحكون وإن الإيمان في قلوبهم كأمثال الجبال، فإذا جد الجد كانوا هم الرجال.
وكان من مظاهر الفرح وصوره في العهد النبوي مما ورد في كتب السيرة والحديث. إنشاد الشعر العفيف الهادف وسماعه، حتى في المسجد النبوي وبحضرة رسول الله، والغناء المباح في المناسبات المختلفة، وأحاديث السمر، والضرب بالدف، واللعب بالحراب.. وغيرها.
وكان تشريع الأعياد في بعض الأيام والمناسبات من مظالم الفرح والسرور تأكيدا لهذا المعنى الذي أراده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أن الإسلام دين فسحة لا تشدد فيه ولا تزمت، وأنه - صلى الله عليه وسلم جاء بالحنيفية السمحة، وسلك مسلك اليسر وأمر به، فما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه - صلوات الله وسلامه عليه. 
والعيد في معناه اللغوي مشتق من (العود)، وهو كل يوم يحتفل فيه بذكرى كريمة أو حبيبة، والجمع (أعياد) وقد جاء الإسلام بعيدين، وهما عيد الفطر، وعيد الأضحى إظهارا للفرحة والسرور عقب أداء فريضتين عظيمتين.
شكرا لنعمة الله الذي وفقنا لأداها، فجاء عيد الفطر في أول يوم من شوال بعد أداء فرض صيام رمضان وورد تسميته بـ يوم الجائزة، وأما عيد الأضحى فإنه في اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو تمة الأيام العشر المباركة التي أقسم بها الله في كتابه (وليال عشر) الفجر ٢، وهي أحب الأيام إلى الله وفي يوم عيد الأضحى (يوم النحر)، يكون الحجاج قد أدوا ركن الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم، وقاموا بكثير من أعمال الحج ومناسكه، فقضوا تفثهم، ووفوا نذورهم، وطافوا بالبيت العتيق.
وأصل تشريع هذين العيدين في الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى المدينة المنورة كان لهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان ؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: إن الله أبد لكم بهما خيرا منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر، وهما عيدان سنويان يأتيان كل سنة مرة، وهناك عيد أسبوعي وهو يوم الجمعة.
ولا بد من التنبيه على أن الإسلام عندما شرع هذين العيدين، وجعل إظهار الفرح والسرور والبهجة من شعائرهما المطلوبة، وأمر بالتوسعة فيهما على النفس والأهل، وإكرام المحتاجين والفقراء، حرص على أن يكون ذلك بالوسائل والطرق المباحة المشروعة التي أحلها الله ورسوله، وبما لا يتنافى مع صحيح الدين وأخلاقيات الإسلام وسلوكياته، فإن كثيرا من الناس – خاصة الشباب  يخطئون في فهم هذه الإباحة بمظاهر الفرح والسرور وممارسة صورها في العيدين تحت شعار الحرية الشخصية والترويح عن النفس في معتقده، يرتكبون محظورات شرعية أو مخالفات قانونية واجتماعية باسم العيد وفرحته فتحدث الكثير من المضايقات والتحرشات والإزعاج مما نهى عنه الإسلام ولا يرضاه بالأعياد فرحة ولكن ما هكذا تكون الفرحة. 
 - ومن أحكام يوم العيد وآدابه: 
 صلاة العيد  وهي سنة مؤكدة، وقد شرعت في السنة الأولى من الهجرة، وواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم  وخلفاؤه من بعده، ويبدأ وقتها بعد شروق الشمس بثلث الساعة تقريبًا، وهى ركعتان يكبر في الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفى الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة الرفع ويسن أن يقرأ في الركعة  الأولى بعد الفاتحة سورة الأعلى، وفى الثانية سورة الغاشية ويخطب بعد هما خطبتين، ويخرج الجميع لصلاة العيد  حتى الحائض لكنها تعتزل المصلى. 
والتكبير يكون في عيد الفطر بعد غروب شمس ليلة العيد ورؤية الهلال وحتى صعود الإمام على المنبر،، وفى الأضحى يكون من فجر يوم عرفة عقب الصلوات الخمس حتى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق.
ومن مستحبات العيد وآدابه: الاغتسال والتطيب، ولبس أفضل الثياب، ومخالفة الطريق ذهابا وإيابا للمصلى، مع إظهار التكبير قبل الخروج للمصلى في عيد الفطر، والإفطار على تمرات وترا، أما في الأضحى فله الانتظار حتى يأكل من أضحيته إن كان مضحيًا ولا بد أن يكون الذبح بعد صلاة العيد شرعا ولا يصح قبلها. التوسعة على الأهل والأولاد في الملبس والمأكل إظهارا للفرح والبشر.
صلة الأرحام وزيارة الأقارب، والتهنئة بالعيد ولا بد من نبذ الخلافات وتصفية النزاعات، وتطهير القلوب حتى تجتمع نظافة الباطن والظاهر.
فاللهم إنا نسألك أن تطهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة وارزقنا حجة مبرورة إلى بيتك الحرام، واجعل ديارنا دائما عامرة بالأفراح، وأتم فرحتنا بنيل رضوانك،  ودخول جنتك في صحبة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وانتم بخير. 

تابع مواقعنا