حكم حلق الذقن للمضحي.. ما الحكمة وما رأي الشيخ الشعراوي؟

يرغب المسلمون في معرفة حكم حلق الذقن للمضحي والتوقيت المناسب لحلق الشعر والأظافر في عيد الأضحى 2023، لما لهذا الشأن من خصوصية في الشرع لها حكمة عظيمة، ونبين عبر القاهرة 24 أحكام خاصة بالمضحي ليتمتع بالأجر وفق السنة النبوية المشرفة، ويتعلم أمور دينه الخاصة بذبح الأضحية.

حكم حلق الذقن للمضحي

يجب أن تعلم حكم حلق الذقن للمضحي إذا كنت تعتزم ذبح أضحية عيد الأضحى، أو إن وكلت أحدًا للذبح عنك، وذلك قبل أن تدخل العشر من ذي الحجة، ففي هذه الحالة أنت ملتزم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما ورد عنه لاتباع هديه ولا إثم عليك إن لم تكن تعلم الحكم أو علمته ولم تتبعه، فالأولى اتباع السُّنة.

وبينت دار الإفتاء المصرية في فتوى سابقة لها، أن المضحي أو الموكل لغيره ليضحي عنه، يسن له عدم إزالة شيئًا من شعره سواء من رأسه أو جسده، وكذلك لا يقص أيًا من أظافره ولا تقليمها بمبرد ونحوه.

وحددت كراهية فعل هذه الأعمال للمضحي من ليلة اليوم الأول من ذي الحجة حتى الانتهاء من ذبح الأضحية، ولا يَحْرُم عليه هذا، وعدم الأخذ أولى؛ خروجًا من خلاف الحنابلة. 

واستندت الإفتاء بما أخرجه مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، وفي رواية أخرى في صحيح مسلم أيضًا: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ».

وتابعت دار الإفتاء: "فيكره له إزالة شعره أو تقليم أظفاره، ولا يَحْرُم؛ لما أخرجه البخاري في "صحيحه" عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قالت: "كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إِلَى الكَعْبَةِ، فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرِّجَالِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ".

كما استدلت دار الإفتاء بما ورد في المجموع للإمام النووي، عن الإمام الشافعي قوله: "البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية"، فدل على أنه لا يحرم ذلك. 

هل يجوز حلاقة الذقن للمضحي؟

علمنا هل يجوز حلاقة الذقن للمضحي من فتوى دار الإفتاء فيستحب الأخذ بالسنة والهدي النبوي، ولا تحريم في ترك ذلك، وعلى المؤمن ألا يتعجل فإن حكم حلق الذقن للمضحي ليس مطلقًا بل له وقت ويعود المضحي لممارسة حياته كاملة.

وعرفت دار الإفتاء المصرية الأضحية بأنها "ما يُذَكَّى من النَّعم تقرُّبًا إلى الله تعالى في أيام النحر، وهي سنة مؤكدة على القادر عليها؛ لما روى مسلم في "صحيحه" عن أنس رضي الله عنه قال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا".

وأيضًا لما جاء في "سنن" ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا».

 وروى البيهقي عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: "لَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَمَا يُضَحِّيَانِ عَنْ أَهْلِهِمَا خَشْيَةَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِمَا"، مخافة أن يُرى ذلك واجبًا.

متى يجوز حلق الشعر للمضحى؟

ومتى يجوز حلق الشعر للمضحى له أن يقص أو يحلق شعره، وهو بمجرد الانتهاء من ذبح الأضحية، فلا عجيب أن نرى شخصًا كانت له سمة معينة في لحيته أو شاربه، بمجرد دخول شهر ذي الحجة قد زاد شعر وجهه، فهذه السنة لها حكمة عظيمة سنعلمها لاحقًا.

ويجوز حلق الشعر للمضحي قبل دخول شهر ذي الحجة، وعقب الانتهاء من ذبح الأضحية، وللمضحي أن يغتسل ويتطيب ويرتدي أفضل الثياب لاستقبال عيد الأضحى بعد أن تقرب إلى الله بذبيحة أسعد بها الفقراء والمحتاجين.

حكم حلق اللحية 

وفي العموم حكم حلق اللحية كما أوضحته دار الإفتاء المصرية، بأن اللحية وهي الشعر النابت على الخدين والذقن، ليست من الأمور الشرعية التي يقصد منها التعبد، بل هي عادة بحسب ما ذهب الشافعية.

وقالت الإفتاء إن اللحية: "من الفروع الفقهية التي وقع فيها الخلاف بين الفقهاء، والقاعدة في ذلك: "أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، وإنما الإنكار في المجمع على حرمته".

وأكدت دار الإفتاء أن الأمر متروك للعادة، "فحَالِقُ اللحية لا يُذَم، ومُعْفيها لا يُلَام"، ويسن إعفاؤها لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعفها ولا يحلقها بل يهذبها ويأخذ من أطرافها وأعلاها بما يحسنها بحيث تكون متناسبة مع تقاسيم الوجه والهيئة العامة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بلحيته وينظفها بالماء ويخللها ويمشطها، واستن بتلك السنة الصحابة من بعده، وقد وردت أحاديث تحث على الإبقاء على اللحية والعناية بنظافتها؛ كالأحاديث المرغبة في السواك وقص الأظافر والشارب.

وأوضحت دار الإفتاء أن بعض الفقهاء استدل بتلك الأحاديث على وجوب إعفاء اللحية وأن حلقها محرمًا لما رواه الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ» قَالَ بعض الرواة: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.

بينما أخذ بعضهم الآخر الأمر الوارد في الأحاديث بأنه للندب والإرشاد وأن الإعفاء سنة يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها.

ومعروف أن الشيخ محمد متولي الشعراوي لم يكن يعفي لحيته، وكان له رأي في ذلك عن رأيه في حلق اللحية، حيث قال في فيديو موثق له على يوتيوب "تربية اللحية حلال، بس أنا ظروفي مش قادرة عليها".

وشدد على أنه لا بد من التصديق بأمر الله أولًا وبعدها يقول الإنسان إنه لا يقدر على فعله، حتى لا يتعدى على الله في معصية أمره مستدلًا بـ"قصة آدم وإبليس التي قال فيها سيدنا آدم ما معناه "حكمك صحيح، بس أنا مقدرتش على نفسي"،  بقوله "ربنا ظلمنا أنفسنا"، بينما عارض إبليس فطرده الله، لأنه عصى الله في حكمه".

الحكمة من عدم قص الشعر والأظافر للمضحي

تكمن الحكمة من عدم قص الشعر والأظافر للمضحي في أن يبقي كامل جسده ولو شعرة لتعتق من النار، وأيضًا ليتشبه المضحي بالمحرم في الحج فيعم الثواب الحجاج والمضحين.

وأكدت دار الإفتاء المصرية أن حكم حلق الشعر للمضحي وعدم قص الأظافر أو الشعر له حكمة "أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار، والتشبه بالمحرم في شيء من آدابه، وإلا فإن المضحي لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم".

كذلك أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عبر فتوى له، أن دليل الإمساك عن قص الأظافر والشعر للمضحي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ» أخرجه مسلم.