كارثة الخصوصية في تطبيق Threads
بادر الملايين من المستخدمين مع الساعات الأولى لطرح تطبيق Threads، بتحميل التطبيق بل وأصبح الموضوع مادة للتباهي على تطبيقات التواصل الاجتماعي.
المفاجأة المثيرة حتى الآن أن التطبيق طرح في أمريكا والمملكة المتحدة والشرق الأوسط، ولم يطرح في الاتحاد الأوروبي، السبب تخوف شركة ميتا من القوانين.
فعلى حسب الثابت حتى الآن، تطبيق Threads كارثة مكتملة الأركان عندما نتحدث عن الخصوصية، التطبيق يجمع بيانات بكثرة مثل البيانات المالية والصحية، والمواقع الجغرافية، وتاريخ التصفح على الإنترنت، وبيانات الاتصال، وتاريخ البحث، والمزيد.
كون التطبيق من تطوير شركة ميتا، هذا يفسر الواقع حاليا، فشركة ميتا مصدر دخلها الأكبر من خلال تعقب نشاط المستخدمين وبيع الإعلانات، المثير للشك أن تطبيق Threads لم يطرح في الاتحاد الأوروبي، تخوفا من تبعات ذلك.
في أول هذا العام، ميتا واجهت مصاعب قانونية مع الاتحاد الأوروبي بسبب نهج معالجة فيسبوك للبيانات الشخصية.
وقد بررت ميتا أن جمع البيانات ضروري لطبيعة عمل الشركة، بينما الاتحاد الأوروبي يجدها مفتقرة للأساسيات القانونية اللازمة.
جمع بيانات حساسة مثل البيانات الصحية يتطلب موافقات أكثر صراحة من المستخدمين، وكذلك نقل البيانات إلى خوادم أمريكا عائق قانوني آخر.
ناهيك عن أن قانون الأسواق الرقمية DMA يضع متطلبات إضافية لا بد من الالتزام بها، حتى اليوم ميتا لا تمنح المستخدمين فرصة اتخاذ القرار تجاه جمع بياناتهم، وما يحدث جمع نهم للبيانات بحجة الإعلانات.
يتطلب التزام ميتا مع قوانين الاتحاد الأوروبي تغييرا شاملا لطريقة عملها، وهو ما يبدو ليس على أجندتها مع طرح Threads. زوكربيرج غير اسم الشركة للنأي عن سمعة سلبية، بينما نموذج أعمالها بقي نفسه إلى حد كبير.
اختارت ميتا طواعية عدم طرح التطبيق في أوروبا حاليا وقبل أي تحركات من المشرع الأوروبي، وهو إقرار ضمني ربما بعدم امتثالها مع القوانين هناك. ما يدعم هذا الظن طرح التطبيق في المملكة المتحدة على الرغم من أن قانون الخصوصية الأوروبي GDPR ما زال ساري المفعول هناك، إلا أن السلطات المعنية أقل نشاطا في ملاحقة المخالفات، أي أن المخاطر القانونية هناك أقل من باقي أوروبا.
بعض الآراء بينت أن سياسة الخصوصية لتطبيق Threads مشابهة لسياسة تويتر، ولكن هذه الآراء تغافلت عن بعض حقائق، وهي:
لإنشاء حساب على تطبيق Threads، العملية تعتمد على حساب المستخدم على الإنستجرام، أي أن كثيرا من بيانات التطبيقين ستشارك فيما بينها، وسيطرة ميتا أكبر من سيطرة تويتر لأن حجم المعلومات أكبر.
المفاجأة الجديدة أن حذف الحساب على تطبيق Threads سيحذف أوتوماتيكيا أيضا الحساب على تطبيق الإنستغرام، وهو مثبت في سياسة الاستخدام.
الثابت أنه في حال خلق حساب على Threads، الربط سيحدث تلقائيا ليس فقط بالبيانات، بل بحالة الحسابين معا، في حال اختيار العزوف عن تطبيق Threads، الحل الواضح حاليا هو إيقاف الحساب وليس حذفه.
عندما نتحدث عن الثقة الرقمية، قد تكون ميتا أو فيسبوك صاحبة التاريخ الأكثر جدلا، نموذج أعمالها لطالما كان إشكاليا.
اليوم نحن أمام توسع الإمبراطورية، والشركة تملك باقة تطبيقات التواصل الاجتماعي، وجميعها مرتبطة مع بعضها، لنتخيل حجم البيانات التي تملكها ميتا عن كل مستخدم، وكل تطبيق يزود ميتا بالبيانات من منظور مختلف، لا ريب أن ميتا تعرف عن كل مستخدم أكثر من أقرب المقربين منه، وربما أكثر من المستخدم نفسه، هل نتوقف عن استخدام تطبيق Threads؟ الأمر يعود للمستخدم، ولكن من المهم إدراك كارثة الخصوصية التي نحن بصددها.