الإثنين 18 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

بوتين والتحليلات بين الواقع والأمنيات

الجمعة 07/يوليو/2023 - 06:33 م

عند بداية الحرب الروسية الأوكرانية قرأنا واستمعنا إلى الكثير من التحليلات، سواء لمن يقدمون أنفسهم كمتخصصين، أو لبعض من اكتشفوا لديهم موهبة التحليل والتنظير، وسمحت لهم سهولة التواجد على السوشيال ميديا بممارستها. 

وكان من بين تلك التوقعات أن نظاما عالميا جديدا يتشكل بقيادة روسيا والصين.. بالغ البعض وذهب إلى أنه سيكون بديلا عن الحالي، والبعض الآخر أراد أن يمسك العصى من المنتصف فقال أنه سيصبح عالما متعدد الأقطاب. 

كما قال بعضهم أن هناك جزم بنهاية عصر الدولار وسطوته على الاقتصاد العالمي، وصاحب ذلك الكثير من الروايات الخيالية، بأن دولا نفطية قررت بيع إنتاجها باليوان الصيني بدلا من الدولار، وكيف أن أمريكا تفقد تأثيرها أمام القوة القادمة. 

ذلك بالإضافة إلى التضخيم الكبير لشخص بوتين وكأنه المنقذ الذي جاء لإنهاء قوى الشر أو القائد المخلص، وما زال هناك من يراه كذلك ولا أعلم على أي شيء يستند هؤلاء!! 
كنت أقرأ الكثير من هذه التقارير الصحفية أو المنشورات الفيسبوكية وأضحك في أغلب الأحيان لما أجده من سذاجة بالغة لدى أصحاب هذه الآراء، وكيف أن العاطفة لديهم تتغلب على العقل والمنطق وجميع الدلائل والإشارات، وأيضا تختلط بداخلهم الأمنيات بالحقائق فتجعل الصورة غير صحيحة أمامهم وتلك آفتنا الكبرى التي أنبه منها دائما. 

حيث إنه لابد أن ينتبه المرء دائما إلى التفريق بين ما يتمناه وبين الواقع والحقائق، حتى يستطيع الحكم بشكل صحيح على الأمور. 
كتبت مقالا آن ذاك بعنوان “هل يتغير النظام العالمي؟” وشرحت من خلاله عبثية تلك الفكرة وعدم معقوليتها، وذلك ليس حبا ولا إعجابا بالنظام الحالي، ولكن لأن البديل المنتظر والمشار إليه لا يصلح من الأساس كما أوضحت في مقالي وقتها تفصيلا، غير أنه لا توجد أدلة معقولة على إمكانية حدوث ذلك، وكلها عبارة عن تكهنات غير مدركة لحقيقة الأوضاع.

اليوم وبعد أكثر من عام على تلك الحرب نرى أن بوتين لم يستطع دخول العاصمة الأوكرانية كييف رغم المحاولات الملحة، بل وانسحب من محيطها في النهاية، فضلا عن عدم تحقيق السيطرة الكاملة على البلاد كما توقع البعض، حيث كان يفترض بالحسابات وقتها أن تسقط أوكرانيا خلال أيام، واضطر للتراجع في كثير من النقاط والمحاور، وبدت الدولة التي ظن أنها لقمة سائغة يمكنه هضمها بسهولة مقبرة لجنوده، وسببا في خسارته عسكريا واقتصاديا وسياسيا. 

فهناك جبهة قتال تستنزف قدراته العسكرية وحزم غير مسبوقة من العقوبات تستهدف اقتصاده في مقابل دعم أوروبي وأمريكي غير محدود لأوكرانيا، وبدأت تتضح الأمور وكيف أن تلك الحرب كانت فخا لبوتين وقع فيه بنفسه وكامل رغبته ولن يخرج منه سالما أبدا. 

كما أن الدولار مازال هو المهيمن دون غيره لدرجة أنه عندما يهمس تستمع له اقتصادات العالم، ورأينا ذلك في كل مرة أعلن فيها البنك الفيدرالي الأمريكي رفع قيمة الفائدة. 

وهنا أيضا لابد من الإشارة إلى ما حدث مؤخرا من تمرد لقوات فاجنر التي يعتمد عليها بوتين اعتمادا كبيرا في أوكرانيا، ومناطق أخرى من العالم، مثل بعض الدول الإفريقية وسوريا وليبيا أيضا.. ومن المؤكد أن هذا الأمر حتى وإن كان قد تم احتوائه ظاهريا، إلا أنه سيترك أثرا كبيرا في الداخل الروسي على وجبهات القتال. 

بالطبع أنا هنا لست مع ولا ضد طرف ما، ولكني أكتب مقالا تحليليا ردا على هواة التحليل الذين يبيعون الوهم للناس ويتصدرون المشهد دائما بينما لا يصلحون للتحدث حتى عن مشكلة في قرية صغيرة وليس أمور عالمية ومصيرية، وأيضا كون هذه الحرب أحدثت تأثيرا كبيرا على اقتصادات الدول، وتسببت في أزمات كبيرة داخلها، وذلك لمسناه في مصر بشكل واضح ومن الأهمية بمكان متابعة ما يحدث، وإلى أين تسير الأمور. 

وتظل هناك دائما حلقة مفقودة بالطبع تجعل الأمر به جانبا غامضا، ولكن المشهد بشكل عام يمكن أن يجعل الوضع مفهوما بعض الشيئ أيضا بحسب المتاح من معلومات مؤكد أنها ليست مطروحة كلها. 

وربما ما نراه هو كل شيئ.. فلا أحد يدري حقائق الأمور على وجه الدقة.. حتى أطرافها أنفسهم قد تكون الصورة لديهم غير كاملة فدائما للحقيقة عدة أوجه وليس وجها واحدا، وإلى الآن وبحسب مجريات الأمور فإن ما ذكرته خلال مقالي هو الأقرب للمنطق بواقعية أو أظن ذلك.

تابع مواقعنا