سياسيون وفنانون يسردون وقائع في حياة عادل إمام بالفيلم الوثائقي: حارب التطرف بالفن وتلقى تهديدات بالاغتيال واختطاف أحفاده
لم يكن عادل إمام مجرد فنان قدم أعمالًا مازالت عالقة في أذهان الجمهور حتى الآن، بل زعيمًا لإصراره على إعلان الحرب على التطرف والإرهاب بفنه، ومناقشة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، فهو كان مهمومًا في الغالبية بتجسيد الواقع للطبقة الفقيرة حتى أنه جسد دور البطل الفقير 38 مرة، بينما لعب دور البطل ابن الطبقة المتوسطة 23 مرة، ودور الثري 14 مرة في أفلامه.
وعرض قبل أيام فيلم وثائقي عرضته قناة العربية ومنصة شاهد، وتطرق الفيلم الوثائقي عادل إمام.. ذاكرة مصرية، إلى الجانب السياسي في حياة عادل إمام الفنية، ومدى تأثير موقفه ومبادئه على حياته وجعله في خطر دائم ووجوده في قوائم الاغتيال من قِبَل الجماعات الإسلامية.
واستعان صناع الفيلم الوثائقي بشخصيات عاصروا تنفيذ أعمال عادل إمام، كما لم يتطرق الفيلم لتفاصيل حياة عادل إمام الشخصية، فقط اكتفوا بنشأته وأهمية الدور الذي لعبته زوجته في نشأة منزل فني.
حلمي النمنم
قال وزير الثقافة السابق حلمي النمنم إن مَن يريد دراسة مصر في فترة الثمانينات والتسعينيات ومطلع الألفية، ستكون دراسته ناقصة دون الرجوع لأفلام عادل إمام، كما أنه شخص ذكي لا يسمح لأحد باستخدامه رغم أنه في بعض الأحيان يكون النظام في حاجة إليه ولكن عادل لم يكن يفعل شيئًا سوى الذي يريده فقط.
وأشار حلمي إلى أنه أثناء فترة ثورة يناير عام 2011، كانت فترة مليئة بالألغاز، حيث أن الثوار احتسبوا عادل إمام منحازًا لنظام مبارك، بينما لم تنس جماعة حسن البنا عدائهم له، واستباحوا الفنان.
مصطفى الفقي
وقال مصطفى الفقي المفكر السياسي والسكرتير للرئيس السابق محمد حسني مبارك، إن عادل إمام فنان مُسيس وذهنه دائمًا مع بوصلة الوطن في الاتجاهات الداخلية والخارجية، وذلك كان جزء كبير من قيمته، فهو لم يكن مجرد مشخصاتي بالمعنى القديم أو كوميديا بالمعنى العادي، فهو فنان انفعل بقضايا الوطن وتأثر بها.
خطر عرض مسرحية الواد سيد الشغال في أسيوط
وسرد مصطفى الفقي واقعة إصرار عادل إمام على عرض مسرحية الواد سيد الشغال في أسيوط رغم وجود خطر عليه بسبب التطرف والإرهاب، مشيرا إلى أنه كانت هناك مخاوف شديدة لدى الأجهزة الأمنية حتى أنهم طالبوه بالعدول عن الفكرة ولكنه صمم على عرض المسرحية، فاضطروا إلى وضع جميع الاحتياطات؛ لأن التطرف كان على أشُده في ذلك الوقت.
كما أوضح مصطفى أن الدولة كانت تتجاوب مع عادل إمام والمبادرات كان هو مَن يقترحها، فهو لم يكن من الأشخاص الذين يتلقون التوجيهات والتعليمات، بينما كان معتزا بنفسه لأبعد حد، حتى أنه ذات يوم طلب نجلا الرئيس السابق حسني مبارك (جمال وعلاء) لقاءه، وقال: كلموني أرتب معاه معاد وجالهم بالفعل ولكنه محبش ينتظر مدة طويلة ولذلك أسرعنا بإحداث اللقاء، فهو كان معتزا بكرامته جدًا، ولابد لي من الاعتراف بذلك، وهم كانوا محافظين على الود والاحترام له وأيضًا الرئيس، وكان يرى به الرئيس مبارك آلية فنية ورمزًا للقوة الناعمة وشيئًا مهمًا لنا ولأجيال كثيرة قادمة.
فاروق حسني
بينما أشار فاروق حسني الفنان التشكيلي ووزير الثقافة الأسبق، إلى أنه تدخل في وقت ما للإفراج عن فيلم خمسة باب وعدد من الأفلام الأخرى، من هيئة الرقابة والمصنفات الفنية.
عماد الدين أديب
كما قص الكاتب والمنتج السينمائي عماد الدين أديب قصة فيلم عمارة يعقوبيان، موضحا أنه كان عملًا خارج السرب ضد عهد مبارك، كما قدم عادل إمام العمل للرئاسة كي يشاهدوه وكان ذلك الأمر بمثابة تحد، وعقد البرلمان حينها جلسة لإيقاف العمل.
وأضاف: توجهت حينها لجلسة الاستماع ودافعت عن الفيلم وأقنعت لجنة الثقافة بالموافقة على استمرار عرض الفيلم، وكان هناك استجوابا في البرلمان لإيقاف الفيلم.
وسرد عماد الدين واقعة أخرى تدل على موقفه ومبادئه التي لم تتغير، وهي إصراره على عدم مزج أي شخص من عائلته ورفضه المصاهرة لأحد أعضاء جماعة الإخوان في عهد مبارك، ولم يتراجع عن هذا الموضوع، وكانت سعادة ابنته واختيارات أسرته أولوية بحياته، ولم يتنازل أو يتراجع عن القرار.
الجدير بالذكر أن عماد الدين أدين كان مسئولًا عن إنتاج 4 أفلام لعادل إمام منها: فيلم مرجان أحمد مرجان، فيلم عمارة يعقوبيان، فيلم بوبوس.
محمد كُروم.. واقعة اغتيال عادل إمام
لأول مرة يحكي محمد كُروم عضو سابق بالجماعة الإسلامية تكليفه باغتيال الزعيم عادل إمام، حيث أشار إلى أن الزعيم استفز الجماعات الإسلامية كلها بعد تقديمه فيلم الإرهابي عام 1994، وكان هناك تخطيط من تنظيم الجهاد للتخلص منه، وأيضًا المجموعة التي حاولت اغتيال الدكتور عاطف صدقي، ولكن تم القبض عليهم بعد العملية، وتم تكليف المجموعة الخاصة به.
وقال محمد كروم: المراقبة كانت بتحصل في مسرح الهرم، والخطة كانت إنه هيتضرب وهو داخل مسرح الهرم بس كان بيتم الرصد على أساس نشوف الأوقات المناسبة وحراسته شكلها إيه؛ لأنه كان محصن وكان بيتصدى بقناعة وعن عقيدة وجرأة وشراسة وهما مش معتادين إن حد يقف قدامهم وهما شايفين إن معاهم الحق وحسب اعتقادهم ومينفعش حد يتجرأ عليهم وإن اللي بيتجرأ عليهم يبقى بيتجرأ على الإسلام فيجب يكون عبرة لغيره عشان محدش ياخد خداه، وهما حكموا بكفره وردته.
وأضاف: واتكلفت باغتياله من عبود الزمر وهو حي يرزق ومستعد أواجهه هي الفترة دي مكنتش باخد تكليف غير من جوه، وانا كنت منتمي لجماعة بره وكانوا عارفين إن والدي في السجن وكانوا بيستخدموني في نقل وجهة النظر وطرحتهم اوصلها للقيادات وبنقل رأي القيادات، وعبود الزُمر قالي بالنص اقتلوا عادل إمام ومتسألونيش في أي حاجة يعني اتصرفوا ومتسألونيش عن أسلحة ولا أي حاجة، فأنا فرحت جدًا بالكلام بتاعه؛ لأننا كنا شايفينه من أشد أعداء الإسلام وكان هينضم لحزب المستقبل اللي بيأسسه فرج فودة وصديق شخصي له ونقلتلهم التكليف وهما بردو قابلوا الموضوع بالترحاب الشديد وكنا بدأنا في إعداد العدة وكان هيتم ده لما كان بيعرض مسرحية الزعيم وكان هيتم خلال ذهاب ولكن في الوقت ده بيتمتع بحراسة مصرية وغير مصرية، وكان الأمر فيه صعوبة واخد وقت طويل.
واختتم محمد كروم حديثه: وتم القبض عليّ قبل ذلك، والمجموعة اللي كانت هتنفذ محدش اتقبض عليه غيري، وانا مصرحتش بـ ده قبل كده.
كما كان للفنانة يسرا أثر في حياة عادل إمام الفنية، حيث أشارت خلال الفيلم الوثائقي، إلى أنها تعاونت معه في 17 عملا فنيا، مؤكدة أنه فنان ذكي في اختياراته وأعماله وجرئ.
وكان للروائي والكاتب عمار علي دور في التعبير عن رأيه بأعمال عادل إمام، هذا إلى جانب مشاركة الموسيقار مودي الإمام وحديثه عن تعاونهما، هذا إلى جانب حديث ماهر فرغلي المتخصص في الجماعات الإرهابية عن وقائع التهديد باغتيال عادل إمام، حيث إن واقعة محمد كروم لم تكن الوحيدة، كما تطرقت الناقدة الفنية ماجدة موريس للحديث عن نجاحاته مع الكتاب والمخرجين واتجاهاته.
وتطرق الفيلم الوثائقي أيضًا للحديث عن صداقة عادل إمام بالكاتب فرج فودة منذ الصغر في كلية الزراعة، ومدى تأثر عادل إمام باغتيال فرج فودة، حتى أنه في عام 1994 أحيا مشهد اغتياله بمشهد النهاية في فيلم الإرهابي، وأشار الفيلم الوثائقي أيضًا إلى أنه كان جريئا حتى أنه انتقد الانفتاح الاقتصادي في عهد السادات.
فيديوهات نادرة لـ عادل إمام
وعرض الفيلم الوثائقي عددا من الفيديوهات النادرة للقاءات أجراها عادل إمام، وقال في أحدها عن عرض مسرحية الواد سيد الشغال: لو كنت خايف مكنتش روحت أسيوط في الرحلة بتاعتي اللي كانت ضد التطرف والإرهاب دي بلدي لازم أشارك فيها والفن عموما مرآة الأمة والشعب.
أما عن أهداف أعماله أضاف عادل إمام: أعلنت الحرب على التطرف بالفن، لما توجه راجل الشارع هتلاقيه معاك، عن طريق الفن ممكن رجل الشارع توصله الرسالة ببساطة شديدة.
تهديدات اختطاف أحفاد عادل إمام
وأشار عادل إمام في أحد اللقاءات إلى أنه تعرض لتهديدات بعد ثورة يناير 2011 باختطاف أحفاده، وقال: أنا خُفت على بلدي وعلى نفسي جيه تهديدات لأحفادي إنهم هيتخطفوا وندفع 2 مليون جنيه، كنا عايشين في رعب وعايشين في اقتحامات بنوك واقتحامات منازل.