القمع والتمييز أبرزها.. تحديات تواجه المرأة في يومها العالمي
تستعد العديد من المنظمات النسوية في مصر ودول العالم، غدا الجمعة، للاحتفال باليوم العالمى للمرأة، الذى أقرته الأمم المتحدة قبل ٤٤ عاما ليكون مناسبة يتم فيها الاحتفاء بالمرأة فى جميع أنحاء العالم.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1975، الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس من كل عام، وهو فرصة متاحة للتأمل في التقدم المحرز والدعوة للتغيير وتسريع الجهود الشجاعة التي تبذلها عوام النساء وما يضطلعن به من أدوار استثنائية في صنع تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن، وكان ميثاق الأمم المتحدة الذي وقع في عام 1945 قد تضمن أول اتفاقية دولية تؤكد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.
ساعدت الأمم المتحدة في إيجاد إرث تاريخي للخطط العامة والمعايير والبرامج والأهداف المتفق عليها دوليا لتحسين وضع المرأة في كل أنحاء العالم، وعززت وكالاتها الفنية مشاركة المرأة بوصفها شريك مساو للرجل في تحقيق التنمية المستدامة والسلام الأمن واحترام حقوق الإنسان احتراما كاملا، وبقى تمكين المرأة في مركز القلب من جهود الأمم المتحدة لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل أنحاء العالم.
تاريخ الاحتفال باليوم
وتاريخيا، جاء هذا الاحتفال كثمرة لما شهدته شوارع مدينة نيويورك فى 8 مارس عام 1908، من خروج الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر، ليس ضد ظروف العمل فقط، بل وللمطالبة أيضا بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال وتمتع النساء بحق الاقتراع، وحملت المتظاهرات قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود كشعار لتلك المسيرة الاحتجاجية، وهكذا بدأ اختيار التاريخ يوم 8 مارس من كل سنة يوما للاحتفال بالمرأة على مستوى العالم، وفى عام 1910 طرحت السياسية اليسارية من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني “كلارا زتكن” فكرة الاحتفال بيوم المرأة العالمي واقترحت أن تختار كل دولة يوما محددا من كل عام للاحتفال بيوم المرأة على أن يتم فيه طرح مطالبات النساء في كل دولة.
وعندما تحتفل النساء حول العالم “بيوم المرأة” بإقامة الفعاليات والأنشطة المتنوعة، فإن ذلك يساهم في استمرار لفت أنظار العالم تجاه الممارسات غير العادلة بحق النساء، ويساعد على تسليط الضوء على القضايا الهامة التي تشغل اهتمام النساء، بالإضافة إلى ذلك فإن اليوم العالمي للمرأة هو يوم للاحتفال وتكريم النساء الأكثر تأثيرا واللاتي استطعن تجاوز المصاعب وتحقيق إنجازات عظيمة.
وتختلف طقوس الاحتفال في دول العالم باليوم العالمي للمرأة بحسب ثقافة الدول والمجتمعات، ولكن عادة لا تخلو أجواء الاحتفالات من الإشادة بأدوار المرأة وتقديرها بمختلف المجالات في المجتمع.
يوم المرأة العالمي في مصر
وفى مصر يدشن اليوم العالمى للمرأة احتفالات شهر مارس بالمرأة المصرية، ويوافق يوم 12 مارس هذا العام ذكرى مرور ٦٥ عاما على أول إضراب عن الطعام قامت بها سيدات مصريات، حيث اعتصمت الكاتبة الثائرة درية شفيق بمقر نقابة الصحفيين مع مجموعة من زميلاتها، طالبن حينئذ بحقوق المرأة الدستورية كاملة غير منقوصة، وبضرورة تمثيل المرأة في الجمعية التأسيسية، وإتاحة الفرصة أمامها لمناقشة الدستور الذى سيحكم البلاد، وقد أثار هذا الحدث جدلا وضجة إعلامية محلية عربية وعالمية آنذاك، لعدم اعتياد المجتمع على هذا النوع من الاعتراض، فما كان من الحكومة المصرية التى وجدت نفسها فى موقف حرج أمام العالم، إلا أن تدعو المعتصمات إلي كتابة مذكرة تتضمن مطالبهن والاستجابة لها.
وفى ١٦ مارس، تحتفل مصر “بعيد المرأة المصرية” الذى يوافق ذكرى مناسبة وطنية ، حيث يمثل ذكرى خروج المرأة المصرية تتقدمها هدى شعراوى فى مظاهرة لأول مرة للمشاركة في احتفالات ثورة 1919، ومقاومة للاحتلال البريطاني، حيث لم يكن خروج النساء فى هذا اليوم للمطالبة بامتيازات لهن، وإنما كان خروجهن للمطالبة باستقلال الوطن وحريته، وقد سقطت أول شهيدة مصرية فى هذه المظاهرة وهى “شفيقة محمد”.
مطالب نسوية بالتزامن للمرأة في عيدها
وفى ذات اليوم وبعد مرور أربع سنوات، شكلت هدى شعراوي الاتحاد النسائي المصري، للمطالبة بالاستقلال وإلغاء الامتيازات الأجنبية وتكافؤ الفرص بين الجنسين، وفى 16 مارس من عام 1956 حصلت المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشيح، وهى بعض المطالب التى طالما ناضلت المرأة المصرية من أجلها والتى تحققت بالفعل فى عام 1956، وفى عام 1995 اختار المجلس القومي للمرأة يوم 16 مارس يومًا للمرأة المصرية و تم الاحتفال به رسميًا لأول مرة عام 1996.
وفي 21 مارس من كل عام تحتفل مصر بـ”عيد الأم” الذي يسلط الضوء على عطاء الأم المصرية، والجانب الإنساني لها ودورها الفطري، فالمرأة كأم مستعدة للتضحية من أجل أولادها بنفسها وبكل غال ونفيس لإسعادهم وإتمام دورها على أكمل وجه.
وتحل مناسبة اليوم العالمى للمرأة على المرأة العربية هذا العام، فى ظل اتساع نطاق المأساة الإنسانية التى تشهدها المرأة العربية جراء الصراعات التى اندلعت فى أكثر من بلد عربى، وبات الأمن القومى فى بعض دول المنطقة فى حالة تهديد عام لها ولأسرتها، وذلك أخذا فى الاعتبار المعنى الواسع للأمن الذى لا يقتصر على الأبعاد العسكرية فحسب، بل امتد ليشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، واضطرار الملايين إلى ترك ديارهم فارين من مناطق الخطر والقتل والتنكيل والانتهاك إلى مناطق أكثر أمنا، وشكلت النساء الغالبية العظمى من هؤلاء الفارين الذين أضحوا يواجهون صعوبات شتى فى المناطق التى نزحوا إليها.
معاناة المرأة عالمياَ
وعلى المستوى العالمي، مازالت المطالبة بحقوق المرأة، وإشكالية عدم المساواة التاريخية والهيكلية، التي سمحت بتفشي القمع والتمييز بينها وبين الرجل قائمة فى الكثير من دول العالم، كما أنها من أعظم التحديات المطروحة في مجال حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر، ومن العقبات الجسيمة التى ما زالت ماثلة في موازين القوى التي يقوم عليها التمييز والاستغلال