الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

كلمة السر - مصر

الأحد 16/يوليو/2023 - 02:46 م

عندما قامت حركة الضباط الأحرار في يوليو 1952 كانت تهدف إلى مبادئ ستة هي القضاء على الإقطاع، والاستعمار، وسيطرة رأس المال على الحكم، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وإقامة عدالة اجتماعية، وإقامة جيش وطني قوي. 

وكان بيان الثورة الأول يوضح أن الجيش يطهر نفسه من الخونة والفاسدين والمتآمرين وسيتولى الضباط أمرهم بنفسهم لتطهير الجيش وليصبح الجيش يعمل لصالح الشعب محترما الدستور والقانون.

 استطاع الجيش السيطرة على الأمور فى البلاد، وأجبر الملك على التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد، وتم تشكيل مجلس وصاية على العرش، وبقي مجلس قيادة الثورة يقود البلاد.

حتى تم إلغاء الملكية في 18 يونيو 1953 وإعلان الجمهورية والتي كان رئيسها محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية.

لكن دعونا نعود إلى ما قبل حركة الضباط الأحرار، لنرى وضع البلاد في تلك الفترة الصعبة، من احتلال إنجليزى، ورضوح من القصر والحكومات المتعاقبة للمندوب السامي البريطاني، برغم صدور تصريح 28 فبراير 1922 والذي جاء بعد ثورة الشعب عام 1919، ذلك التصريح الذي نص على إنهاء الحماية البريطانية عن مصر، وبموجبه أصبحت مصر دولة مستقلة ذات سيادة، وتحولت من السلطنة المصرية إلى المملكة المصرية.

وأصبحت مصر لأول مرة في التاريخ الحديث دولة مستقلة، وتم تشكيل لجنة لصياغة الدستور، وكان دستور 1923 في عهد وزارة عبد الخالق ثروت، وتدخل الإنجليز وتم إلغاؤه، والعمل بدستور 1930، واستمرت المقاومة لتصحيح الأوضاع.

وهنا يجب أن لا ننسى دور الحركة الوطنية وتضافر جهود الشعب المصري وتماسكة وكفاحه الطويل، للمطالبة بالاستقلال من الاحتلال البريطاني، وخلع عباءة التبعية عن السلطنة العثمانية.

لقد نشأ الضباط في ذلك الجو من الصراعات بين القصر والأحزاب والحركات الماركسية والشيوعية وجماعة الإخوان المسلمين، وتدخلات الاحتلال الإنجليزي، وسوء الأوضاع المعيشية لغالبية الشعب المصري.

كما كانت حرب 1948 بفلسطين وحصار الفالوجا وهزيمة الجيوش العربية، الشرارة الأولى التي جعلتهم يفكرون في كيفية الخلاص من كل هذا الإرث السيئ، فتولدت فكرة الضباط الأحرار وسعوا لتنفيذها.

مع أن هناك تنظيمات أخرى داخل الجيش، لكن كلها كانت سرية تبحث أيضا عن الخلاص.

وكان الضباط يرون أن الإخوان قد تورطوا في العنف والاغتيالات ولا يصلحون لتلك المرحلة، برغم صلة أغلب الضباط بهم حتى أن عبد الناصر نفسه كما يقول خالد محي الدين أقسم يمين الولاء للمرشد، وكان يقوم بتدريبهم على استخدام السلاح وعلى صلة كبيرة بقادتهم.

وكانت الرؤية أن يتم تشكيل تنظيم بعيدًا عن الأحزاب والحركات السياسية وجماعة الإخوان، وبدأت مرحلة استقطاب الضباط وتشكيل خلايا منفصلة لا يعرف بعضهم البعض تصب في رأس التنظيم كل الخلايا.

وأصدر البيان الأول للتنظيم الذي أعده جمال منصور صاحب فكرة تسمية التنظيم بهذا الاسم (الضباط الأحرار).

ودخلوا انتخابات نادي ضباط الجيش بمجموعة منهم ونجحوا في الانتخابات بقيادة اللواء محمد نجيب.

كان الضباط يبحثون عن قائد كبير يحصلون من اسمه على الثقة من الضباط حتى ينضموا إلى حركتهم، فاتجهت أنظارهم إلى الفريق عزيز المصري، الذي كان غالبية الضباط يقدرونه ويحترمونه وعلى علاقة طيبة بالجميع فاعتذر لكبر سنة مع مباركته لحركتهم.

وكان الاختيار الثاني للفريق فؤاد صادق وكلف صلاح نصر بعرض الأمر عليه ولكن اشترط عليهم شروطا، وقال لهم لقد ولدت لأقود لا أقاد وأن عليهم طاعته وأن قراره سيكون القرار الأول والأخير فرفضوا بعد أن أوصل لهم صلاح رسالته إليهم.

وكان الاختيار الثالث هو اللواء محمد نجيب والذي يرتبط عبد الحكيم عامر بعلاقة طيبة به وقبل على الفور المهمة بدون قيد أو شرط، واللواء محمد نجيب اسم كبير في القوات المسلحة المصرية وله تاريخ مشرف يشهد له الجميع به.

واستمرت تحركاتهم واستقطابهم للضباط في سرية تامة، وفي الوقت الذي يقوم به الفدائيون في منطقة القناة بالمقاومة ضد الإنجليز تم إحراق القاهرة في يوم عرف بالسبت الأسود في يناير 1952، وكان ذلك اليوم المرير نقطة تحول وجرس إنذار لهم ليسرعوا للقيام بحركتهم، لكن لنقص بعض الإمكانيات تقرر تأجيل ساعة الصفر لحين الاستعداد. 

كما تم حل نادي الضباط وشكل لهم ضربة أخرى قوية وموجعة لهم، وأنهم أصبحوا في مواجهة مباشرة مع الملك وحيدر باشا، وأشاع الملك أنه كشف التنظيم وأنه جارٍ القبض على هؤلاء الضباط المتمردين.

لكن نقطة التحول الحقيقية عندما وصلت إلى ثروت عكاشة معلومة من خلال اتصال تليفوني مع مالك المصري اليوم وقتها عن نية القصر لتشكيل حكومة جديدة وأن رئيسها سيكون حسين سري باشا، وسيكون أيضًا وزيرًا للخارجية والحربية والبحرية، وهو على عداء قوي مع الضباط ويعلمهم جيدا، وانه سيسعى إلى وأد التنظيم فكان القرار بالتحرك السريع قبل أن تكون نهايتهم.

كما يحسب لعبد المنعم أمين شجاعته في قرار انضمامه إلى التنظيم يوم 21 يوليو بعد رفض محمد فوزي الاشتراك معهم، وكان هذا القرار الجريء من أمين أحد عوامل نجاح الحركة.

وبناء على المستجدات تقرر سرعة التحرك وتم تحديد ساعة الصفر وكلمة السر.

تحرك الضباط بدافع وطني مخلص للوقوف في وجه المحتل الغاصب وكل ما أشرنا إليه من مبادئ عامة لحركتهم كانت تدفعهم للمضي قدمًا نحو هدفهم المنشود وتحقيق مبادئ حركتهم، تحركوا وهم يعلمون المصير المحتوم في حال فشلت حركتهم، والذي يصل إلى الاتهام بالخيانة العظمى والإعدام رميًا بالرصاص.

وكانت ليلة 23 يوليو 1952 بداية الانطلاق لحركة الضباط الأحرار والتي سيتغير معها التاريخ.

وكانت كلمة السر مصر 

ولنا وقفة أخرى بعد البداية.

تابع مواقعنا