«أسانسير 9 إلا عشرة»..!
فوجئ المصريون خلال الأيام الماضية بأزمة انقطاع كهرباء كبيرة، وذلك بعد أشهر قليلة من حديث الحكومة عن قفزة ضخمة في قطاع الكهرباء، وصلت لتحقيق فائض كبير يصل إلى 13 ألف ميجاوات، والتخلي عن خطة تخفيف الأحمال منذ عام 2015، والتوسع في خطط تصدير الفائض للدول المجاورة، مما نتج عنه نمو قيمة صادرات مصر من الغاز بنسبة 171%، لتصل إلى 8 ملايين طن بقيمة 8.4 مليار دولار خلال عام 2022.
تصريحات الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء، لم تقنعني كمواطن قبل أن أكون صحفيا بالأسباب الحقيقية للأزمة، فالوزير يقول إن سببها ارتفاع درجات الحرارة هذا العام، ثم لا يلبث أن يطالب المواطنين بترشيد الاستهلاك حتى الانتهاء من هذه الأزمة وتوفير الوقود اللازم «غاز أو مازوت» لتشغيل المحطات، متوقعا بأن تنتهي الأزمة خلال فترة وجيزة.
هذه الفترة الوجيزة التي تحدث عنها الوزير حددتها رئاسة الوزراء بمنتصف الأسبوع الجاري، لكن كبار المسؤولين بوزارة الكهرباء تضاربت تصريحاتهم بين يومين منذ أمس الإثنين وبين انتهاء الأزمة خلال أيام وهي جملة مطاطة لأنها لم تحدد عدة هذه الأيام! وآخر هذه التصريحات استمرار الأزمة حتى منتصف أغسطس المقبل.
الحقيقة أنا لا أتمنى أن تصل الأزمة إلى منتصف أغسطس وأن لا تكون تصريحات المسؤولين عبارة عن مهدئات "تهون القبر على داخله"، وأن يعرف المواطن سبب الأزمة الحقيقي، فمن غير المنطقي أن نتحدث عن وافر في الغاز يتم تصديره بمليارات الدولارات وفي نفس الوقت نرجع لخطة تخفيف الأحمال، ويجد المواطن نفسه محشورًا في الأسانسير لأنه نسي وركب المصعد قبل رأس الساعة أو بعدها بعشر دقائق ولم يتبع خطة وزارة الكهرباء في تخفيف الأحمال!
خطة تخفيف الأحمال 2023 يختلف تطبيقها في المدن عن القرى والأرياف، فبينما تتحدث وزارة الكهرباء عن انقطاع التيار قبل رأس الساعة بعشر دقائق وبعدها بنفس المدة، وعدم فصل التيار عن منطقة بعينها أكثر من ساعة متواصلة، نجد في القرية التي أسكن بها انقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعة كاملة ثم عودته ساعتين ثم انقطاعه ساعة وعودته ساعتين وهكذا على مدار اليوم!.. إذا هناك "خيار وفقّوس" في فصل التيار الكهربائي وتفضيل مناطق ومدن بعينها على أخرى، والساعة التي تتحدث عنها وزارة الكهرباء -وهي مدة يمكن احتمالها- تمتد في بعض الأماكن إلى حوالي 8 ساعات! أي ثلث اليوم، وهي مدة لا يمكن احتمالها بأي حال من الأحوال خاصة في هذه الأيام شديدة الحرارة.
في النهاية أتمنى أن لا تطول هذه الأزمة وأن تكون مؤقتة كما صرح وزير الكهرباء، والأهم من ذلك المصارحة والمكاشفة حتى يعرف المواطن سبب الأزمة الحقيقي، ولا يبحث عن تفسير أو تحليل لدى الإعلام المعادي ومروجي الأخبار الزائفة والشائعات، كما أطالب وزارة الكهرباء بتوفير مصادر أخرى للطاقة والاستفادة من الطاقة الشمسية والاعتماد عليها لعدم تكرار هذه الأزمة، فمن غير المعقول أن نشهد أزمة في الكهرباء ومصر تمتلك أضخم محطة توليد كهرباء من الطاقة الشمسية على مستوى العالم!