مركز حلول للسياسات البديلة: محطات إسالة الغاز الطبيعي يمثل ميزة تنافسية لمصر في المنطقة
دخلت مصر سوق تصدير الغاز الطبيعي في أوائل عام 2000 بعد سلسلة من الاكتشافات الهيدروكربونية البحرية واستثمرت بكثافة في بنية خطوط الأنابيب العابرة للحدود الوطنية ومحطات الغاز الطبيعي المسال.
وحسب تقرير لـ مركز حلول للسياسات البديلة التابع لـ الجامعة الأمريكية بالقاهرة صدر اليوم الأحد بدأت مصر في تصدير الغاز في 2003 عبر خط أنابيب الغاز العربي إلى الأردن ثم إسرائيل، كما صدَّرت أول شحنة لها من الغاز الطبيعي المسال في 2004 إلى إسبانيا.
وأكد التقرير المعروف بـ (عدسة) أن محطات إسالة الغاز تمثل ميزة تنافسية لمصر في المنطقة إذ تتميز محطة إدكو بالقرب الجغرافي من البحر المتوسط والسوق الأوروبي وتتميز محطة دمياط لإسالة الغاز بارتفاع الطلب على الغاز المسال كونه يوفر تصديرا أكثر مرونة وأقل تكلفة مقارنة بالغاز عبر الأنابيب لافتا إلى أن باقي بلاد المنطقة تفتقر لإمكانيات تسييل الغاز بأحجام كبيرة رغم امتلاكهم احتياطيات غاز تفوق مصر.
مركز إقليمي للغاز الطبيعي المسال؟
وأشار التقرير إلى أن جهود مصر تنوعت عبر السنوات الأخيرة للتحول إلى مركز إقليمي في منطقة الشرق الأوسط لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي، شملت إبرام اتفاقيات لتصدير أو استيراد وتسييل الغاز الطبيعي مع بلادٍ، مثل: الأردن أو إسرائيل وقبرص وضخها إلى الأسواق العالمية، خاصة أوروبا وذلك بعد إعادة تشغيل مصنع دمياط لإنتــاج الغــاز الطبيعــي المســال في فبرايــر 2021 بعد توقف ثماني سنوات.
وتمثل كل من محطتي دمياط وإدكو ميزة تنافسية لمصر بين دول شرق المتوسط في تعزيز صادرات الغاز الطبيعي المصري والأجنبي عن طريق تسييله وشحنه.
كما شملت الجهود المصرية في هذا المجال المشاركة في تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط في 2019، والذي يضم كلًّا من الأردن وإسرائيل واليونان وقبرص وإيطاليا وفلسطين ومصر، ويرى مؤسسوه أنه يهدف إلى إنشاء سوق إقليمية للغاز وترشيد تكلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية.
وتحت مظلة المنتدى، وقَّعت مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي في يونيو 2022 مذكرة تفاهم لزيادة صادرات الغاز الإسرائيلي إلى الاتحاد الأوروبي بعد تسييله في مصر، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، على أن يدعم الاتحاد الأوروبي مصر بـ 100 مليون يورو للتغلب على التداعيات السلبية التي ألحقتها الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري.
وذكر تقرير حلول للسياسات البديلة أنه في أغلب الاتفاقات مع إسرائيل، لا يتم التحديد المسبق للكميات التي سيتم تصديرها من إسرائيل إلى محطات الإسالة المصرية أو كمية الغاز التي سيتم إعادة تصديرها من مصر أو قد يتم تغييرها، رغبة في عدم الالتزام بكميات معينة لاعتبارات تتعلق باحتياجات البلاد المحلية، وإمكانية التعثر في استخراج الغاز.
مصر تعمل على جبهتين
وأوضح التقرير أن الانخفاض الأخير في صادرات مصر من الغاز الطبيعي وزيادة الطلب المحلي - قد يشير إلى نهاية ما يقرب من عامين ذهبيين استفادت خلالهما البلاد التي تعاني ضائقة مالية من أسعار الغاز الطبيعي المسال القياسية في السوق العالمية، إلا أن الحكومة المصرية لا تزال تراهن على صعودها إلى مركز محوري في سوق الغاز العالمية كمصدر لغاز محلي أو أجنبي، بالعمل على جبهتين متوازيتين الجبهة الأولى هي تحفيز المزيد من عمليات التنقيب والإنتاج بالشراكة مع شركات الطاقة الأجنبية، رغم عدم استقرار الوضع الاقتصادي، الذي قد يؤثر على عوامل جذب هذا النوع من الاستثمار الأجنبي.
ويتوقع وزير البترول طارق الملا أن تشهد مصر استثمارات تقدر بـ 1.8 مليار دولار خلال العامين القادمين في برنامج طموح ومكثف لحفر 35 بئرًا جديدة، ينتج عنهم 40% زيادة في صادرات الغاز المسال. في حال نجاحه، سيساهم هذا الحل فى تجنيب مصر العودة مرة أخرى إلى الاستيراد لتلبية الاحتياج المحلي.
أما الجبهة الثانية التي تعمل عليها مصر في هذا المجال فهي زيادة رفع الطاقة الاستيعابية لمحطتي الإسالة -إدكو ودمياط بشرق الدلتا- اللتين تعملان بثلثي طاقتهما، لتوسيع قدراتهما على إسالة وإعادة تصدير أكبر كمية من الغاز المحلي الفائض و/أو المستورد من جيران مصر الإقليميين وهو السياق الذي أعلنت خلاله وزارة البترول العامَ الماضي أن مصر تحتاج إلى استثمارات جديدة في تطوير البنية التحتية للمحطات الحالية للسماح لها بزيادة إنتاج الغاز المسال.