غادر منصبه بعد 30 عاما.. من هو رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي الذي يلاحقه القضاء بتهم فساد؟
انتهت الاثنين الماضي ولاية حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، دون تعيين خلف له؛ بسبب انقسامات بين القوى السياسية وشلل مؤسساتي في البلاد، وسيتولى وسيم منصوري النائب الأول لرياض سلامة مهام القائم بأعمال حاكم المصرف -البنك المركزي-.
ويستند النظام السياسي في لبنان على نظام المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتطلب فيه تعيين موظفين من الدرجة الأولى، مثل حاكم المصرف المركزي، توافقا سياسيا يبدو من الصعب توافره في الوقت الراهن على وقع الانقسامات السياسية الحادة.
وكانت السلطات اللبنانية، قد فشلت في اختيار خليفة لحاكم مصرف لبنان المنتهية ولايته رياض سلامة (73 عاما)، الذي شغل المنصب مدة 30 عاما.
وقبل أسابيع، هدد وسيم منصوري بالاستقالة للضغط من أجل تعيين خلف لسلامة الذي تجري بحقه تحقيقات قضائية في الداخل والخارج، في تهم تشمل الاختلاس وغسيل الأموال والاحتيال والثراء غير المشروع، وهي تهم ينفيها سلامة.
وفي مايو الماضي أبلغت السلطات الألمانية، لبنان، بإصدارها مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، لاتهامه بقضايا فساد وتزوير وغسيل أموال واختلاس.
قضايا فساد رياض سلامة حاكم مصرف لبنان
وتعد تلك ثاني مذكرة قضائية يتم إصدارها من إحدى الدول الأوروبية بحق حاكم مصرف لبنان المركزي، عقب مذكرة الإيقاف الصادرة من فرنسا خلال الأيام الماضية، في إطار تحقيقها عما إذا كان قد اختلس مئات الملايين من الدولارات من الأموال العامة، وهو اتهام نفاه حاكم مصرف لبنان في وقت سابق.
ويعيش لبنان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية عالميا؛ حيث تم وصف الأزمة المالية التي يشهدها لبنان بإحدى أسوأ الأزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر؛ حيث دفعت ثلاثة أرباع سكان البلاد إلى حافة الفقر، بينما قضى مزيج من التضخم ثلاثي الأرقام وانهيار العملة على مدخرات الناس.
اتهامات متتالية لـ حاكم مصرف لبنان
وفي 5 أغسطس 2021، استجوبت النيابة العامة التمييزية في لبنان حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، في قضايا، بينها اختلاس أموال عامة وتهرب ضريبي. ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر قضائي أن المحامي العام التمييزي، القاضي جان طنّوس، استمع، إلى رياض سلامة على مدى 3 ساعات وربع الساعة، وقرر، في نهاية الجلسة، تركه رهن التحقيق بانتظار استكمال الاستجواب في جلسات لاحقة.
وفي مارس الماضي 2023، خضع سلامة لاستجواب دقيق ومركّز على مدى يومين؛ حيث وجهت إليه مئات الأسئلة، من قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا ومن قضاة أوروبيين، تركّزت حول عمليات تبييض أموال في مصارف أوروبية.
وبعد انتهاء الاستجواب أصدر سلامة بيانا، كشف فيه أنه حضر الجلسات كمستمع إليه لا كمشتبه به ولا كمتهم، مشيرا إلى أنه أكد خلال الجلسة على الأدلة والوثائق التي كان قد تقدم بها إلى القضاء في لبنان والخارج مع شرح دقيق لها.
وأضاف، أن العمولات التي تم تحويلها إلى شركة الوساطة "فوري" ليست من مصرف لبنان بل تابعة لأطراف أخرى، وأن الأموال التي حولت إلى حسابه الشخصي، لم يكن مصدرها مصرف لبنان، وأن جميع التحاويل الخاصة به، مصدرها حسابه الشخصي.
وختم بأنه يتعرض لاستهداف وسوء نية من قبل بعض الجمعيات المدنية ووسائل إعلام وسياسيين، وهي حملة شعبوية اعتقادا منهم أنها تحميهم من الشبهات والاتهامات ويعطيهم عذرا لإخفاقهم في مواجهة الأزمة.
حصد جوائز دولية
وكان سلامة يُعدّ من أبرز حُكّام المصارف المركزية في العالم، بشهادة جهات ومؤسسات اقتصادية دولية منحته الجوائز والأوسمة، وحاز عدة مرات على جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم العربي من EUROMONEY، وجوائز مماثلة من مجلة The Banker، كما حاز لأربع مرات على درجة "A" التي تمنحها مجلة جلوبال فاينانس، لأفضل حكام المصارف المركزية، آخرها في عام 2019، أي قبل شهرين تقريبا من بدء انهيار الليرة اللبنانية.
شهادة رياض سلامة حول حجم ثروته الشخصية
ويرى سلامة أنه جمع ثروته من عمله السابق طيلة عقدين في مؤسسة "ميريل لينش" المالية العالمية، ومن استثمارات في مجالات عدة، بمعزل عن عمله على رأس حاكمية مصرف لبنان.
وكشف سلامة في بداية عام 2022 أن حجم ثروته الشخصية، يبلغ نحو 150 مليون دولار، مشيرا إلى أنه استفاد من استشارات استثمارية وقروض مصرفية، لشراء أحد العقارات الفخمة مؤكدا أنه لا يرى جريمة في ذلك.