الروائي إبراهيم عبد المجيد يروي سنوات التكوين في القاهرة الكبرى
يستضيف الإعلامي حسين الناظر في حلقة اليوم من برنامج سنوات التكوين، الذي يذاع في 11،15 مساء على موجات إذاعة القاهرة الكبرى الكاتب الروائي الكبير الأستاذ إبراهيم عبد المجيد؛ ليتحدث عن أهم محطات التكوين التي أثرت في حياته العملية وإبداعاته الأدبية.
إبراهيم عبد المجيد في برنامج سنوات التكوين
ومن خلال اللقاء يروي عبد المجيد قصة مولده في 2 ديسمبر سنة 1946م بالحي الشعبي العريق كرموز بالأسكندرية، لأسرة متوسطة كانت محبة للعلم والثقافة، وأب من حفظة القرآن الكريم؛ من بين من حصلوا على إعفاء من الجهادية قبل لحفظه القرآن الكريم، فساهم في تحفيظ جميع الأبناء القرآن الكريم، ما جعله محبًا للغة العربية متقنًا لها ومتفوقًا دراسيًا، وأفاده هذا فيما بعد في فصاحة اللسان والإسلوب والبلاغة، وكان الأب يحكي بصفة يومية لأولاده القصص القرآني للأنبياء والصحابة، وكان يدعو شاعر الربابة الذي كان يمر بالشوارع والبيوت للمنزل بصفة أسبوعية، ليحكي قصص أبوزيد الهلالي والزناتي خليفة، ما فتح ذهنه على الحكايات وجعله يحب الحكي.
الروائي إبراهيم عبدالمجيد يروي سنوات التكوين في القاهرة الكبرى
ويروي دور المدرسة في حياته؛ حيث درس بمدرسة القباري الابتدائية بالأسكندرية التي كانت مركزًا ثقافيًا به ملاعب لكل الرياضات؛ كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد والجمباز، وبها ورش للرسم والنحت، وكانت سببا في تعلقه بالسينما التي كانت بابا لشغفه بالحكي والرواية يقول عبدالمجيد: أن البداية كانت من المدرسة حيث كان في مدرسة القباري الابتدائية صالة كبيرة بها شاشة لعرض الأفلام السينمائية، وكانت المدرسة تنظم كل يوم جمعة رحلة لسينما فريال بالأسكندرية، فوجدتني متعلقًا بالأفلام السينمائية التي عرفت أنها مأخوذة عن روايات أدبية وتاريخية، وكل مرة أدخل السينما يزداد شغفي بمتابعة الأفلام أكثر، فأصبحت ادخل السينما كل يوم لمتابعة الأفلام الجديدة، خاصة أفلام الأساطير، ويتذكر باسمًا:”كان اشتراك سينما فريال 3 قروش للدرجة الأولى ومعها ساندوتشين جبنة تركي، وكانت تذكرة السينما في الأحياء الشعبية 9 مليمات.
كما يتحدث عن دور مكتبة المدرسة يقول: كان هناك حصتان للقراءة الحرة تتم داخل المكتبة وكل طالب يختار من الكتب ما يحب، وليس هناك امتحان فيها، ما جعله منجذبًا للقراءة والقصص والروايات تحديدًا، وهو الأمر الذي زاد في المرحلة الإعدادية عندما التحق بمدرسة طاهر بك الأعدادية بحي الورديان، وبدأت أبحث عن أصل الروايات التاريخية والخيالية والأساطير التي تحولت لأفلام سينمائية، وعكفت أقرأ ترجمات للإلياذة والأوديسا وألف ليلة وليلة وغيرها.
ويروي عبد المجيد: كنت في الصف الثاني الإعدادي، عندما وقعت عيناي على قصة "الصياد التائه" للكاتب محمد سعيد العريان، وعندما بدأت قراءتها اندهشت في البكاء، فجاءني أمين المكتبة فسألني: ما الذي يبكيك يا بني؟ فأجبته بصوت مختلط بالدموع: الصياد تاه! فقال لي: هذه قصة من الخيال وتأليف من الكاتب! فانتبهت إلى هذا العالم، وانجذبت للكتابة، وبدأت أحلم بأن أكون كاتبًا وكل ما قرأت قصة أو رواية أقوم بكتابة محاكاة لها، وصار لدي شغف لقراءة المزيد والمزيد، ولأني لم أكن قادرًا على شراء الكتب -رغم أن أغلى كتاب لا يتعدى خمسة قروش وقتها- كنت أتردد على مكتبة البلدية ومكتبة قصر ثقافة الحرية (قصر الإبداع الحالي) لاستعارة الكتب والروايات، وفي إحدى المرات صادفت ندوة للأستاذ العظيم د. محمد مندور بقصر ثقافة الحرية، ووجدت جمهورًا كبيرًا، فجلست ولأول مرة تفتحت مداركي على أن الرواية ليست حكاية فقط، ولكن هناك أجناس ومذاهب أدبية كالكلاسيكية والواقعية والرومانتيكية وغيرها، وكل مذهب له أسس وطرق في الكتابة فانتبهت، وكانت هذه الندوة سببًا في توقفي عن الكتابة أربع سنوات، قضيتها في قراءة تاريخ الأدب والنقد الأدبي، حتى تعلمت وفهمت أين أضع قدمي بين الكتاب، فبدأت الكتابة من جديد.
ويتذكر عبد المجيد أنه رغم تفوقه الدراسي، دفعته ظروف الأسرة المحدودة للالتحاق بمدرسة الأسكندرية الفنية الصناعية في حي محرم بك، لارتفاع مصاريف الدراسة الجامعية، وفور تخرجه عام 1964م؛ التحق بالعمل في الترسانة البحرية التي كانت تعطي أكبر راتب للدبلوم المتوسط 15 جنيهًا شهريًا، وأثناء عمله في الترسانة سعى لتحقيق حلمه في الالتحاق بالجامعة، فدرس الثانوية العامة بنظام المنازل والتحق بالجامعة ليحصل على ليسانس الفلسفة من كلية الآداب جامعة الأسكندرية عام 1973م.
ويروي عبد المجيد أنه أثناء عمله بالترسانة وهو يدرس بالثانوية العامة، فاز بجائزة نادي القصة بالأسكندرية الذي أسسه وكان يشرف عليه الصحفي الكبير فتحي الإبياري -رحمه الله- مدير مكتب أخبار اليوم في الأسكندرية، حيث حصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية، ونشرت القصة على صفحة كاملة في جريدة أخبار اليوم مع مقدمة للناقد الكبير محمود تيمور الذي كتب: “هذا قصاص موهوب”.
ويتحدث إبراهيم عبدالمجيد عن انتقاله للعاصمة القاهرة فور حصوله على شهادة الليسانس ليعمل في وزارة الثقافة، ويتولى الكثير من المناصب الثقافي، وتأثره بالقاهرة الفاطمية والقاهرة الخديوية، وتأثير المكان على كتاباته وإبداعاته الروائية، كما يتحدث عن تأثير الكثير من المبدعين في حياته كالأديب الكبير نجيب محفوظ الذي كان تأثره كبيرًا عليه.