ما حكم الاستمتاع بالزوجة وقت الحيض وتجنب الجماع؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي
أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال وارد من أحد المتابعين نصه: قليلا ما أجتمع بزوجتي بسبب سفري، وغالبًا ما آتي في وقت تكون فيه حائضًا، وعادتها أن تحيض أربعة عشر يومًا؛ فلا نستطيع الاستمتاع إلا يوم أو نحوه في مدة مكثي معها. فهل يجوز لي أن أستمتع بكامل جسد زوجتي وهي حائض إذا اجتنبت الجماع؟.
ما حكم الاستمتاع بسائر جسد الزوجة وهي حائض ما عدا الجماع؟
وقالت دار الإفتاء خلال صفحتها الرسمية في فتوى سابقة لها، أجمع جمهور الفقهاء على جواز استمتاع الزوج بزوجته الحائض بجميع جسدها فيما عدا ما بين السرة والركبة، فالأصل فيه المنع، لكن إذا وجد أيٌّ من الزوجين مشقةً في ذلك؛ كزيادة الرغبة في الاستمتاع، أو كان وقت اجتماعهما ضيقًا، فيجوز في هذه الحالة تقليد من أجاز الاستمتاع بما بينهما من العلماء، شريطة أن يعلم الزوج من نفسه أنه قادرٌ على الامتناع عن الوطء؛ لأن الوطء حال الحيض محرّمٌ بالإجماع.
وتابعت الإفتاء: كما أباحت الشريعة للزوجين الاستمتاع ببعضهما بالجماع وغيره في كل حال عدا ما استُثني من الوطء في الدبر والجماع في نهار رمضان وفي الإحرام وأثناء الحيض والنفاس؛ قال الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾، فأمر الله عز وجل باعتزال النساء في حال حيضهن، وظاهره أنه عام في جميع أجسادهن، ولم يخصص منهن شيئًا دون شيء في الآية، ولكن ورد عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فيما رواه الإمام البخاري أنها قالت: "كانت إحدانا إذا كانَت حَائضًا أمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تَأتزِر ثمَّ يُباشِرها" وتأتزر: أي تلبس الإزار، وهو ثوب يُحيط بالنصف الأسفل من البدن من السرة إلى ما تحتها، ولذلك نظائر عدة في الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخَصَّصَتْ هذه الأخبارُ عمومَ الآية الكريمة؛ ولذلك أجمع العلماء على حرمة وطء الحائض في الفرج وعلى جواز الاستمتاع بها فيما فوق السرة ودون الركبة؛ إلا ما روي عن ابن عباس وعبيدة السليماني من وجوب اعتزال الرجل فراش زوجته الحائض، قال الإمام القرطبي في تفسيره: [وهذا قول شاذ خارج عن قول العلماء، وإن كان عموم الآية يقتضيه فالسنة الثابتة بخلافه].
وواصلت الإفتاء: قال العلامة ابن قدامة:[الاستمتاع من الحائض فيما فوق السرة ودون الركبة جائز بالنص والإجماع، والوطء في الفرج محرم بهما] اهـ.
ولما خصصت الأخبار ما فوق السرة وما دون الركبة من عموم التحريم بقي قوله تعالى: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾، على ظاهر ما يقضيته من تحريم الاستمتاع بكل شيء من بدنها غير ذلك؛ فشمل التحريمُ الفرجَ وما حوله مما بين السرة والركبة؛ فما اتفقت عليه الآثار صار مخصوصًا من هذا الظاهر وبقي ما سواه على الظاهر.
واختتمت الإفتاء: كما أن الاستمتاع في موضع الفرج محرمٌ على زوج الحائض بالإجماع، وإذا قرب من ذلك الموضع فلا يأمنُ على نفسه أن يواقع الحرام، فعليه أن يجتنب ذلك بالاكتفاء بما فوق السرة وما دون الركبة، وكان هذا نوع احتياط فكان واجبًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه: "فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ".