باحثة بالأزهر: على مستخدمي السوشيال ميديا التأكد من صحة المعلومات قبل تداولها حتى لا يشاركوا في الإثم
عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، الحلقة الثانية من الموسم الخامس من البرامج الموجهة للمرأة والأسرة تحت عنوان "أثر وسائل التواصل الاجتماعي على التغير المجتمعي"، وحاضر في هذه الندوة الدكتورة فاطمة رجب، وكيل كلية الدراسات الإسلامية للبنات بالقاهرة وأستاذ أصول اللغة بجامعة الأزهر، والدكتورة نسرين سمير، أستاذ مساعد ورئيس قسم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، وأدارت الحوار الدكتورة حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.
ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش خطورة الاستخدام السيئ لوسائل التواصل على المجتمع
وقالت الدكتورة فاطمة رجب، وكيل كلية الدراسات الإسلامية للبنات بالقاهرة وأستاذ أصول اللغة بجامعة الأزهر، إن وسائل التواصل الاجتماعي لها عظيم الأثر على التغيير المجتمعي سواء كان هذا التغير إيجابيا أو سلبيا، مشيرة إلى أن من إيجابيات وسائل التواصل نشر العلم، فقد أحدثت طفرة على مختلف الأصعدة العلمية والثقافية والدينية.
فاطمة رجب: وسائل التواصل لها عظيم الأثر على التغير المجتمعي سواء كان إيجابيا أو سلبيا
وأضافت وكيل الدراسات الإسلامية، أن الكثير استخدم وسائل التواصل في الحصول على المعلومات والأخبار بشكل سريع، والتواصل مع الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وفتح مجالات عمل مختلفة للباحثين عن عمل بطرق مختلفة، وكذا الإعلان عن الوظائف، إضافة إلى التسلية والترفيه وتنمية الهوايات والاهتمامات، والحصول على شرح وافٍ ومتنوع للمواد الدراسية في مختلف مراحل الدراسة.
كما نوهت الدكتورة فاطمة رجب عن سلبيات مواقع التواصل، مؤكدة أنها أحدثت تغيرا سلبيا من خلال إضاعة الوقت والمال، ومتابعة مظاهر الترف والإسراف، والعزلة الاجتماعية، وقطع الأرحام، ومراقبة أحوال الآخرين وانتهاك خصوصيتهم.
وأشارت الدكتورة فاطمة رجب إلى أن المشكلة لا تكمن في وجود وسائل التواصل، بل المشكلة في الاستخدام والتوظيف وهو ما نؤكد عليه لشبابنا وفتياتنا بل وللجميع.
نسرين سمير: سوء استخدام السوشيال ميديا يمثل خطورة كبيرة تلقى بظلالها السيئة على المجتمع بأسره
ومن جهتها بيّنت الدكتورة نسرين سمير، أستاذ مساعد ورئيس قسم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، أن وسائل التواصل الاجتماعي هي بمثابة سلاح ذو حدين، فهي وسائل إيجابية إذا ما أحسن استخدامها فتعود بالنفع على أبناء المجتمع في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة، وعلى العكس إذا ما أسيء استخدامها، كانت منبعا لخطورة اجتماعية كبيرة تلقي بظلالها السيئة على المجتمع كله بما يحويه من أفرادا وجماعات وهيئات حكومية وأهلية وتطوعية، وكل من هذه الوسائل تتميز بتقنيات سمعية وبصرية عالية الدقة، الأمر الذى يجعلها تؤثر تأثيرا كبيرا فى آراء وقرارات واتجاهات مستخدميها.
وأضافت نسرين، أن التغير المجتمعي هو أي تغير يحدث بالمجتمع نتيجة لمجموعة من العوامل والتي قد تكون طبيعية أو ثقافية إلى غير ذلك من العوامل، ولا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي والاستخدامات المتنوعة لها أحدثت تغيرات كبيرة في بنية المجتمع وفي المقومات وفي المعايير المستهدفة لأفراده، فاستحدثت أدوات جديدة للتعلم الذاتي وتعزيز القدرات والمهارات، كما أحدثت متطلبات في سوق العمل ووضعت معه مؤشرات جديدة للاختيار، فالبقاء في الوقت الحالي بات للأقوى تقنيا وتكنولوجيا ورقميا.
وعن كيفية الاستخدام الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي، أوصت نسرين، بتبني بعض الأفكار منها: تصدير فكرة المسئولية الاجتماعية المشتركة لمختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية حيال مواجهة الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي وتحديد دور كل منها في المواجهة، وتفعيل القوانين الصارمة ضد منتهكي الخصوصية والداعين إلى الإباحية وكافة الأنشطة غير المشروعة.
ومن جانبها، أوضحت حياة حسين العيسوي، أنه لا بد من مراعاة الضوابط الشرعية لإذاعة شيء ما، وألا يترتب على هذا الشيء المذاع فتنة أو ارتكاب محظور أو إشارة إلى تلفيق الأخبار أو اجتزائها أو إخراجها من سياقها أو إذاعة أخبار الدولة والتشويش دون تثبت من الأخبار أو إذاعة أخبار البيوت أو جدول حياة أحدهم اليومية، فهذا كلام لا يليق ولا ينبغي ولا يجوز، فقد قال الله عز وجل: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا".
وتابعت الباحثة بالجامع الأزهر، أن المولى سبحانه وتعالى يربي الأمة الإيمانية على أسلوب يضمن لهم سرّية حركتهم، وخاصة ما يتعلق بأمر المؤمنين مع أعدائهم على الصدق، ولا يستقيم الأمر أن يذيع كل واحد الكلام الذي يسمعه، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا أراد غزوة لا يقول الوجهة الحقيقية كي يأخذ الخصوم على غرة، وعندما يأخذ الخصوم على غرة يكونوا بغير استعداد، فيكون ذلك داعيًا على فقدانهم قدرة المقاومة.
واستشهدت بموقف من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو في غزوة فتح مكة فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتجهيز لغزو مكة، وحث أصحابه بعدم إفشاء تفاصيل الغزوة، إلا أن "حاطب بن أبي بلتعة" قد سمع بهذه الحكاية فكتب كتابًا لقريش بمكة، وأخذته امرأة وركبت بعيرها وسارت، وجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعليٍ ومن معه وقال لهم: إن هناك كتابا من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بقدومنا إلى مكة، فتتبعوا الأمر حتى وجدوا المرأة ومعها الكتاب، فإذا هو كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش، فاستحضر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حاطبًا وقال له: أهذا كتابك؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال: وما دعاك إلى هذا؟ قال: والله يا رسول الله لقد علمت أن الله ناصرك، وأنا رجل لي بين أظهرهم ولد وأهل فأحببت أن أتقدم إلى قريش، وما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا عن ديني ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام فقال له النبي: قد صدقت.
وأكملت: إذن فالله سبحانه وتعالى يريد أن يبني القضايا الإيمانية وخاصة ما يتعلق بأمر المؤمنين مع أعدائهم على الصدق، ولا يستقيم الأمر أن يذيع كل واحد الكلام الذي يسمعه، بل يجب أن يردوا هذا الكلام إلى الموارد الأصيلةَ وإلى أولى الأمر لأنهم هم الذين يستنبطون ما يناسب ظروفهم من الأشياء، ربما أذنوا لكم في قولها، أو أذنوا بغيرها حسبما يستدعي الأمر.